عضو مجلس الأديان في سويسرا لـ «الشرق الأوسط»: مبادرة حظر المآذن «عنصرية» ولن تحل المشاكل

توقع عشية الاستفتاء أن يرفض السويسريون الاقتراح الذي تقدم به اليمين المتشدد

TT

عشية تصويت سويسرا في استفتاء شعبي على قرار يحظر بناء مآذن جديدة، قال هشام مازيار عضو مجلس الأديان في سويسرا لـ«الشرق الأوسط»، إن المبادرة المطروحة للاستفتاء لن تحل أي مشكلة، إنما على العكس ستتسبب في المزيد من المشاكل.

ومنذ طرح اليمين المتشدد مبادرته قبل عامين، لا يكاد يمر يوم في سويسرا حتى تصدر مواقف جديدة عن هيئات سياسية أو منظمات مدنية داعمة أو رافضة في أغلبها لمبادرة حظر المآذن التي سيصّوت عليها الناخبون اليوم. وسيحسم السويسريون اليوم الجدل القائم حول ما إذا كانت المآذن المصاحبة لبعض مساجد المسلمين، تمثل تهديدا للثقافة والخصوصيات السويسرية، أم أنها علامة على التحضر والتسامح والديمقراطية.

ووصف عضو مجلس الأديان المبادرة بأنها «غير بناءة». ومزيار هو من أصل فلسطيني، والعربي الوحيد الموجود في مجلس الأديان في سويسرا، ومعه مسلم آخر من أصل إيراني، إلى جانب ممثلي الديانتين المسيحية واليهودية. وقال عن مجلس الأديان، إنه تأسس في مايو (أيار) عام 2006، «بهدف إيجاد سبل للتفاهم بين الديانات المختلفة والعمل باتجاه ترسيخ السلام والأمن الاجتماعي من خلال مناقشة الموضوعات المختلفة التي تهم كل الأطراف الممثلة في المجلس». وأضاف متحدثا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ملفات نأخذ فيها قرارات مثلما حدث في ملف مبادرة حظر المآذن». وتعترف الحكومة الفيدرالية السويسرية بالمجلس وبأنه يمثل الديانات المختلفة.

وقبل ساعات من بدء الاستفتاء، توقع مازيار أن يتم رفض المبادرة، وقال إن «هناك عاملين مساعدين: أولا طريقة الانتخاب في سويسرا، فهناك درجتان أو خطوتان في الانتخاب أو الاستفتاء، إحداهما أن يكون عدد الأصوات يفوق الـ50%، والأخرى أن معدل الكانتونات أو المدن أو المقاطعات وعددها 26، يجب أن يؤيد أو يرفض أغلبيتها حتى تؤخذ النتيجة بعين الاعتبار. والعامل الثاني، كان واضحا رفض البرلمان ومجلس الشيوخ والمؤسسات الاقتصادية للمبادرة، وأعلنوا عن مواقفهم بكل صراحة في أكثر من مناسبة».

وعن أحوال الجالية المسلمة في سويسرا قال «إنها متحدة، ولكن فيها فريقا يعمل بشكل منظم من خلال الجمعيات والمراكز الإسلامية، وفريقا آخر يعمل بشكل فردي، وهناك أعداد كبيرة منهم جاءت من ألبانيا ودول البلقان الأخرى مثل الصرب والبوسنة وغيرها». وأضاف أن الرأي الساحق «رافض لتلك المبادرة لأنها مفرقة وعنصرية». وأشار إلى أن هناك نحو 350 ألف مسلم ومسلمة يعيشون في سويسرا.

يذكر أنه وفي خطوة غير مسبوقة، صدر يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، نداء عن جميع رؤساء الأحزاب السويسرية، باستثناء زعيمي حزب الشعب (يمين متشدد)، والاتحاد الديمقراطي الفيدرالي (يمين ديني متطرف)، يدعون الشعب السويسري إلى رفض مبادرة حظر المآذن. وأوّل الداعين لهذه الخطوة كان كريستيان لوفرا، ثم تبعه لاحقا زعماء الأحزاب الأخرى. كما تعبّر هذه الخطوة عن القلق والانزعاج الذي ينتاب المجتمع السياسي السويسري من احتمال حصول مفاجأة غير سارة يوم غد، وما سيكون لذلك من انعكاسات على الاقتصاد السويسري، وعلى صورة سويسرا في الخارج.

وقد تزامن صدور هذا النداء مع نشر نتائج استطلاع للرأي كشف عن جمود في نسبة الرافضين للمبادرة وتوسّع لجبهة الداعمين لها مقارنة بشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما يعني أن زعماء الأحزاب يسعون إلى تعبئة الشعب السويسري لتدارك ذلك. ويوم الثلاثاء 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، صدر بيان عن مندوبي الاندماج في الكانتونات السويسرية أكّدوا فيه أن «مبادرة حظر المآذن تنتهك الحريات العامة التي يضمنها الدستور السويسري، وتتعارض مع الأسس الضرورية للتعايش السلمي داخل المجتمع».

كما أشار البيان إلى أن المبادرة «تعرقل مسار اندماج المسلمين، والجهود الحكومية التي بذلت من أجل ذلك»، دون أن تفوتهم الإشارة إلى أن مبادرة من هذا القبيل «لن تؤدي إلا إلى تعزيز صفوف المتطرفين الأجانب والمحليين».

وفي رد على الداعين لحظر المآذن دعما «لحرية المرأة وحقوقها» كما يقولون، أعلنت الفروع النسائية لأربعة أحزاب سويسرية كبرى، ثلاثة منها ممثلة في الحكومة، بطلان ادعاء أنصار المبادرة. وجاء في بيانها أن «النص الداعي إلى حظر المآذن لا يخدم بأي شكل قضية حقوق الإنسان، ولا مبدأ المساواة بين النساء والرجال». وأكدن أيضا أن هذه المبادرة تقوم على «مغالطة واستغلال خوف المواطنين من التطرّف والإرهاب لأغراضهم الخاصة».

وهناك أربع مآذن في سويسرا حاليا، وهي مُشيّدة في جنيف وزيورخ وفينترتور وفانغن بالقرب من مدينة أولتن. وهناك مئذنة أخرى يخطط لإنشائها في مدينة لانغنتهال في مقاطعة برن، لكنّ المعارضين لها يحاولون إسقاط المشروع. وفي بداية يوليو (حزيران) الماضي، منحت سلطات المدينة ترخيص البناء، لكن لجنة تحمل اسم «ميناريت ستوب»، تقدّمت باعتراض، وقالت إن المبنى غير مطابق لتخطيط المنطقة وإن عدد الأماكن المقرّر تخصيصها لوقوف السيارات، غير كاف.