«تدني الأجور» يدفع السعوديين لقضاء إجازة العيد عوضا عن العمل في الحج

موسم الحج يقدم 100 ألف وظيفة 30% منها في قطاع النقل

TT

تسبب تدني الأجور خلال موسم حج هذا العام لتحويل تفضيلات الشباب السعوديين الراغبين في الوظائف المؤقتة من الاستمتاع بإجازة العيد عوضا عن الدخول في أعمال الحج التي اعتادوا عليها.

ويبدأ نحو 4400 شاب وشابة الانخراط في وظائف خدماتية متنوعة حال قدوم موسم الحج والمساهمة في خدمة 2.5 مليون حاج، في الوقت الذي يتأهب فيه التجار في اقتناص الفرصة وتشغيل مشاريعهم الصغيرة في قطاع خدمة الحجيج، والتي تقدر حجم أرباحها بـ 10 ملايين ريال، دون التفكير في مشقة العمل، وقلة الأجور، وترك الأهل والأصدقاء وحتى قضاء عيد الأضحى معهم، مع ما يجده البعض من متعة خاصة في العمل خلال الحج.

وفي هذا الصدد يقول لـ«الشرق الأوسط» سعيد سالم الذي يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص «إنه اعتاد في كل عام أن يعمل في مواسم الحج، منذ 6 سنوات متتالية لم يقضِ إجازة العيد مع أهله».

وأضاف سالم «الأجور التي يتم دفعها للعاملين في موسم الحج تعتبر ضعيفة جدا، وليست مشجعة للعمل في إجازة عيد الأضحى لهذا العام، ولكن العمل في أجواء الحج له طعم خاص، ومن اعتاد العمل في مواسم الحج لا يمكن أن يستغنى عنه». وأوضح سالم أن أكثر الوظائف مشقة هي تلك المتعلقة بأمن المخيمات، حيث تنخفض فيها الأجور إلى 1200 ريال، مضيفا أن هناك عددا كبيرا من الأعمال ذات أجور مرتفعة، ولكنها تحتاج إلى خبرات ومؤهلات كبيرة.

من ناحيته، يقول الدكتور علي الناقور المتخصص في اقتصاديات الحج لـ«الشرق الأوسط» «يقدم موسم الحج أكثر من 100 ألف وظيفة، بينما يعتبر قطاع النقل من أكثر قطاعات الحج حيوية، حيث يتحمل القطاع أكثر من 30 ألف وظيفة».

وأوضح الناقور «أن هناك تغيرا كبيرا طرأ في ديموغرافيا الوظائف، حيث باتت أكثر الوظائف مشغولة من قبل الأجانب، الذين يعملون بأجور منخفضة، بينما ابتعد الكثير من السعوديين عن العمل في مواسم الحج، لتفضيلهم إجازة العيد عن تقاضي أجور منخفضة».

وأضاف الناقور أن تغير النمط الاقتصادي لكثير من السعوديين، جعلهم يعزفون عن العمل في مواسم الحج، حيث إن أغلب الأعمال التي كان يشغلها السعوديين باتت تحت سيطرة الأجانب، كتوزيع الطعام والمياه، وأمن المخيمات، مشيرا إلى أن الأجانب مستعدين للعمل دون النظر إلى حجم الأجور التي تعطى لهم.

وتبقى حملات الحج هي كلمة السر للوظائف المتعلقة بخدمة الحجاج، حيث يقدر عددها بـ 240 حملة، وذلك لحجاج الداخل، حيث تقوم بتقديم خدمات عديدة كنقل الحجاج والتكفل بعملية الإعاشة وتسهيل الإجراءات.

ومن جانبه، كشف سعد القرشي رئيس لجنة الحج في غرفة التجارة والصناعة بجدة لـ« الشرق الأوسط» عن إحصائية تبين أن نحو 2400 شاب يتم توظيفهم في شركات حجاج الداخل بشكل موسمي، بينما يتم توظيف 2000 شابة سعودية في نفس القطاع.

وتظهر شريحة أخرى من الباحثين عن فرص للعمل في موسم الحج، وهم هواة التجارة الذين يحترفون التجارة في هذا الوقت من كل سنة، حيث يبدأون في التخطيط والإعداد وتنفيذ مشاريع صغيرة مثل نقل الحجاج في حافلات صغيرة، أو في سياراتهم الخاصة إن تطلب الأمر، وغيرها من خدمات الطعام، وبيع المواد الغذائية، والمشروبات الباردة.

وفي هذا الجانب، يقول القرشي «إن حجم الأرباح المتأتية من المشاريع الصغيرة وخاصة في قطاع الخدمات تعتبر في نمو مستمر، مشيرا إلى أنها تقدر بـ 10 ملايين ريال».

وأكد رئيس لجنة الحج «أن الغرفة التجارية تدعم مثل هذا النوع من المشاريع الصغيرة، وذلك من خلال تقديم منح وقروض تتجاوز مليون ريال لهذه المشاريع، داعيا الشباب السعودي استغلال مثل هذه المواسم للعمل في مثل هذه المشاريع».

إلى ذلك، يقول لـ«الشرق الأوسط» محمد عبد الرحمن الذي يدرس إدارة الأعمال في جامعة الملك عبد العزيز «إنه يمتلك حافلة صغيرة، مخصصة فقط لنقل الحجاج في المشاعر المقدسة، مضيفا أنه لا يستطيع تشغيل حافلته طوال أيام السنة، وذلك لانشغاله في دراسته الجامعية، مشيرا إلى أن أرباحه التي تقدر بـ 7000 ريال في موسم الحج تعتبر كافية جدا».

وأضاف عبد الرحمن أنه يفكر في توسعة أنشطته التجارية، نظرا للأرباح التي حققها من خلال حافلته الصغيرة طوال الـ 5 سنوات، مشيرا إلى أن «قطاعات أخرى كبيع المياه والمشروبات للحجاج، وخدمات الطعام هي من أفضل خياراته المستقبلية».

ويحترف سعيد عبد الرحمن التجارة في موسم الحج منذ 3 سنوات، حيث يقوم ببيع المياه والمشروبات الغازية، حيث ذكر أن موسم الحج هو أفضل المواسم لممارسة التجارة فيها، فيقوم بالتنسيق مع بعض المطاعم التي تحضر شتى أنواع العصائر، فيقوم بالتنسيق معها وبيع العصائر في عربات مخصصة لها، بل قال إنه يسعى في حج هذا العام لبيع السبح، وبعض الرموز التذكارية التي تحمل صور مكة والمدينة، وبعض الصناعات اليدوية.