مسجد الخيف.. المكان الوحيد الذي ارتفع عن سيول منى

صلى فيه 70 نبيا.. وفيه حاك المشركون الهجوم على المدينة

TT

أثار مسجد الخيف في منى، حفيظة الباحثين والمفكرين من شرائح مختلفة من حجاج بيت الله الحرام، خصوصا في موسم المطر، استنادا إلى أن الخيف منطقة تعرف بأنها ما ارتفع عن مجرى السيل ونزل عن غلظ الجبل، ليأتي الموسم الماطر كاشفا عن كنوز أثرية كبيرة تختزلها سفوح منى متجسدة في مسجد الخيف.

ويحكي لـ«الشرق الأوسط» سعد الشريف، الباحث التاريخي، عن المسجد بالقول: «إن المصلين يبحثون عنه لعدة اعتبارات، يأتي أبرزها صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، وأيضا بفضل صلاة 70 نبيا فيه من قبل، منهم موسى وفيه يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «... كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان، وهو محرم على بعير من إبل شنوءة مخطوم بخطام ليف له ضفيرتان».

وأضاف الشريف أنه من أهم وأقدم المساجد في الإسلام، وقد بني في المكان الذي عقد فيه المشركون، في العام الخامس للهجرة، معاهدتهم مع بعض القبائل العربية للهجوم على المدينة، وكان بناؤه تحديا للمشركين وإبطالا خالدا لمؤامراتهم، مفيدا أنه أعيد بناؤه وترميمه عدة مرات كان آخرها في عام 1362هـ، حيث أخذ شكله الذي لا يزال عليه لحد الآن.

المسجد الذي أعادت إعماره الدولة السعودية في عام 1987 بتكلفة 90 مليون ريال، ظل موضع أعين المؤخرين، وسابري أغوار التاريخ، حيث ظلت قصة صلاة سبعين نبيا فيه، العلامة الجاذبة التي يستقي منها المؤرخون شغفهم المعرفي، وتتعزز قيمته التاريخية بوجوده على سفوح منى، حيث ظل يطل على عصور التاريخ ويشهد كل المراحل والعقبات التي عنيت بتجديد المكان ومحاكاة الزمان.

وأضاف حسن بن سليم القرشي، الأمين العام للتوعية الإسلامية في الحج والعمرة والزيارة، أن الحجاج استفادوا من الدروس في داخله والإرشادات الدينية والمحاضرات، التي يلقيها الدعاة المشاركون في برنامج الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج، حيث تتواصل فيه الكلمات بعد الصلوات، وفي فترات الضحى، ويبين فيها أصحاب الفضيلة أحكام الحج يوما بيوم وخطوة بخطوة، في أسلوب مبسط ومواضيع مختارة يلقيها نخبة لها مشاركاتها الدعوية وخبراتها في مسائل الحج.

وقال حسن القرشي، يشارك في هذه البرامج أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وكبار الدعاة، حيث يتم نقل البرنامج عبر مكبرات الصوت، وتتنوع موضوعات البرنامج في مسائل الحج وأخلاق المسلم ومقاصد الحج وبيان التوحيد.

مسجد الخيف، الذي اكتسب حضوره هذه الأيام بشكل لافت، يرجع السبب فيه إلى أن الله اختار له موضعا يعتلي مداخل السيول في منى، ولا يمكن للسيل محاصرته، وهي منة منِّ الله بها على هذا المسجد، يقول يزيد بن الأسود عن أبيه، شهدت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجته (ويقصد حجة الوداع)، وهي الحجة الوحيدة له، عليه أفضل الصلاة والسلام، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، وصلى فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأنبياء من قبله، وكان هذا المسجد موضع اهتمام وعناية خلفاء المسلمين على مر التاريخ، ويتسع لأعداد كبيرة من المصلين.