سلاح حزب الله في البيان الوزاري: «الكتائب» تتحفّظ و«القوات» تطالب بتصحيح البند

صقر يؤكد أن البيان لم يشرع لحزب الله استعمال سلاحه في الداخل

مقاتلون من حزب الله في جبل الدروز في المعارك التي اندلعت في مايو العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

انقسم أمس الساسة اللبنانيون بين مرحبين بالبيان الوزاري لحكومة رئيس الوزراء سعد الحريري ومتحفّظين عنه لذكره في بنده السادس كلمة «المقاومة». وبدا مسيحيو «14 آذار» في مقدّمة المعترضين، وتحديدا «الكتائب اللبنانية» و«القوات اللبنانية» التي عقد نوابها اجتماعا برئاسة رئيس الهيئة التنفيذية للقوات سمير جعجع طالبوا فيه الحكومة بـ«تصحيح هذا البند أو حذفه».

أما النائب الكتائبي سامي الجميل، فقال إن البيان الوزاري «سينجز مع تحفظ الكتائب أو اعتراضها على البند المتعلق بالمقاومة، إذ لا يمكننا أن نقبل بوجود سيادة ثانية على الأراضي اللبنانية غير سيادة الدولة ولا أن تستقوي مجموعة بالسلاح لفرض وجهة نظرها في الداخل». وأضاف: «من غير المقبول أن يكون لغير الجيش اللبناني وكالة للدفاع عن لبنان. أن موقف الكتائب لن يتغير حتى وإن بقيت وحيدة في موقفها فهي لم تعتَد أن تنتظر أحدا لتقول اقتناعاتها».

ولكنه شدد على أن الكتائب ليست «في وارد تعطيل حياة الناس ولن تقف في وجه حسن سير المؤسسات، بل على العكس ستكون في موقع المشجع للحكومة لتوصل إلى كل اللبنانيين خدماتهم وحقوقهم من خلال الدولة اللبنانية وليس من خارجها». وأضاف: «رأينا سنقوله داخل مجلسي الوزراء والنواب، وفي الوقت نفسه سنطالب كل الأفرقاء بالجلوس إلى الطاولة لوقف هذا التكاذب المتبادل والمشكلات المتراكمة منذ 50 عاما».

إلا أن عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر، المقرب من الحريري، قال إن «سلاح حزب الله واستخدامه في الداخل كما غيره من الأحزاب هو وجه ميليشياوي يجب نزعه»، موضحا أن «ما أنجز في البيان الوزاري ليس تشريعا لسلاح حزب الله لاستخدامه داخليا». وقال إن سلاح الحزب «إقليمي وقوى 14 آذار ترفض ثنائية الدولة والمقاومة»، معتبرا أن «الحل الوسط هو أن يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة مع ترك هامش من التحرك للمقاومة».

وبالعودة إلى تفاصيل البيان الذي أصدره نواب «القوات اللبنانية»، فقد اعتبر أن البند السادس من البيان الوزاري «يتناقض مع الدستور»، مطالبا الحكومة بـ«تصحيح هذا البند أو حذفه حفاظا على مصداقيتها وهيبتها وميثاقيتها». ورأى أن ورود كلمة «مقاومة في البند السادس هو التفاف على طاولة الحوار واستباق لمقرراتها»، وتساءل: «ما الجدوى من طاولة الحوار في هذه الحالة؟». وأضاف: «إن البند السادس يتناقض مع نفسه في الدرجة الأولى ومع الدستور واتفاق الطائف في الدرجة الثانية ومع القرار 1701 وقرارات دولية أخرى في الدرجة الثالثة، وبالتالي فإنه يناقض ميثاق العيش المشترك إلى جانب كونه غير دستوري وغير قانوني، وبالتالي كأنه لم يكن».

كما اعتبر أن البند السادس يتناقض مع «نص الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور المتعلقة بعمل مجلس الوزراء في القضايا التي توجب أكثرية موصوفة على حصر قرار الحرب والسلم في مجلس الوزراء». وذكّر بأن «اتفاق الطائف لا يتضمن أي أشارة ولو تلميحا إلى كلمة المقاومة»، لا بل إن «بنود وثيقة الوفاق الوطني وفقراتها، خصوصا البنود الأول والثاني والثالث، تؤكد ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من دون أي استثناء، وبالتالي فإن فقرة المقاومة في البيان الوزاري الحالي تناقض اتفاق الطائف لهذه الجهة».

ورأى أن إيراد عبارة «المقاومة كشخصية قائمة بحد ذاتها، بالتزامن مع تأكيد التزام لبنان قرار الشرعية الدولية رقم 1701 بمندرجاته كاملة، هو بمثابة قول الشيء وعكسه في آن معا. فالقرار 1701 يشدد على أحادية السلاح في يد السلطة الشرعية وينص على نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان ولا يميز بذلك سلاحا غير شرعي عن آخر».

من جهته، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا «إن الجميع معنيون بالتصدي لأي عدوان يتعرض له لبنان، سواء أتى من سريلانكا أو من سورية أو من إسرائيل»، مضيفا أن «حزب الله معني فقط بالدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل، بينما أنا معني بالدفاع عن لبنان بوجه أي عدوان». وأشار إلى أن «التحفظ على البيان الوزاري لم يكن تحفظا على البيان ككل، إنما على كلمة المقاومة رغم أن التعديلات عليه مهمة جدا». وسأل: «هل يعقل أن نخضع لشريعة الغاب والقوة أم يجب أن نواجه لكي يسود القانون والمنطق وشرعية الدولة؟». وأضاف: «بتحفظنا لم ولن نقدم لحزب الله الحجة لأن يكون في موازاة الجيش اللبناني».

من جهته، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أن «البيان الوزاري حقق منجزات سيادية مهمة» وأن «التحفظات عليه هي تحفظات حق وعبارة عن ضوابط تنبيهية تحت سقف التضامن الوزاري». وقال إن «الفقرة الثالثة في البيان المتعلقة بسلاح حزب الله كانت واضحة جدا وتقول إننا كلبنانيين مختلفون على موضوع السلاح ولذلك أحلناه إلى طاولة الحوار الوطني». ولفت إلى أن «هناك ملاحظات للكثيرين على هذا البيان، ولكن هناك جوانب لامست طموحات الناس وهناك نقلات نوعية مهمة بين هذا البيان والبيان الوزاري السابق».

وشدد على «أن هذه الحكومة هي حكومة تسوية بين أكثرية فازت في الانتخابات النيابية ولظروف يعلمها الجميع لم تستطع أن تحكم وحدها، مما اضطرها لأن تدخل في تسوية مع فريق أقلية يملك قدرات على الأرض ترجمها بحق النقض، تارة بمحاولة نيل ثلث معطل وطورا بعناوين أخرى». ورأى أن «البيان الوزاري بصيغته هذه وصل إلى أفضل الممكن».

في المقابل، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أنّ «هناك خلافا سياسيا واضحا في البلاد. وكنا نأمل في ألا يكون هناك أي تحفظ على البيان الوزاري، إذ كان المطلوب أن يكون هناك موقف وطني جامع لكن ما حصل قد حصل». وأكد أن لـ«المقاومة الدور التحريري الدفاعي في وجه إسرائيل، وهي ليست ضد أن يستفيد أي فريق عربي من لعبة التوازنات لإضعاف إسرائيل».