البرلمان الإيراني يدعو الحكومة إلى خفض مستوى تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية

لاريجاني: الدول الكبرى لا تسعى إلى التفاوض بل إلى الخداع السياسي

TT

عبر مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) أمس عن رغبته في أن تخفض إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ردا على قرارها الذي يدين إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن 226 نائبا من أصل 290 وقعوا رسالة يطالبون فيها الحكومة بوضع «خطة سريعة تهدف إلى خفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وطرحها على البرلمان».

ويأتي ذلك بعد يومين على صدور القرار، الذي أقرته وكالة الطاقة الذرية بغالبية 25 من أعضائها الـ35، مقابل معارضة ثلاثة أعضاء وامتناع سبعة عن التصويت، تدين فيه إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل وتطالبها بـ«تجميد» بناء الموقع النووي الجديد في فوردو قرب قم (وسط) الذي تكتمت إيران عن وجوده حتى سبتمبر (أيلول).

وحذر رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، في كلمة أمام النواب أمس القوى العظمى من أن إيران قد «تخفض إلى حد كبير تعاونها» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، منددا بقرارها الذي يدين طهران بسبب برنامجها النووي.

وقال لاريجاني «إن البرلمان الإيراني يحذر الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي زائد ألمانيا والتي كانت خلف القرار) أن لا تتصور أن هذه اللعبة التي مر عليها الزمن ستمنحها فرصة للمزايدة». وتابع «لا ترغموا البرلمان والأمة الإيرانية على اختيار طريق آخر وخفض تعاون (إيران) مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وقال لاريجاني، الشخصية المحافظة النافذة وكبير المفاوضين سابقا في الملف النووي الإيراني، إن هذه الخطوة من جانب الدول الست الكبرى «تكشف أنها لا تسعى إلى التفاوض بل إلى الخداع السياسي». وتابع «كان يجدر بكم تلقي كشف إيران عن موقع فوردو بشكل إيجابي بدل اتخاذه ذريعة لهذا القرار».

وقال محذرا «سوف نتابع بانتباه مبادراتكم المقبلة وسنتبع نهجا جديدا حيالكم إن لم تتخلوا عن سياسة العصا والجزرة هذه السخيفة». وندد النواب في رسالتهم بموقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية واتهموها باتباع سياسة «الكيل بمكيالين». وأكدت الرسالة أن «النواب الإيرانيين يعلمون تماما أن التحرك السياسي لبعض القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا يقف وراء قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، داعين طهران لمواصلة برنامجها النووي «بلا مهادنة».

كما هاجم النواب الرئيس الأميركي باراك أوباما واتهموه «باتباع الطريق نفسها» التي سلكها سلفه جورج بوش. وكان المندوب الإيراني لدى وكالة الطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، أعلن أول من أمس أن إيران قد تقلص تعاونها مع الوكالة إلى الحد الأدنى المفروض في معاهدة حظر الانتشار النووي.

وقال محمد إسماعيل نائب رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في مجلس الشورى «من الممكن أن يبحث البرلمان.. إمكانية الانسحاب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

ودعت النائبة فاطمة عليا كما نقلت عنها وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا» «لإعادة النظر في العلاقات مع الدول» التي صوتت على القرار. وصدر قرار الوكالة بعد شهر على تقديم عرض لإيران ينص على أن يتم تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج لتزويد مفاعل طهران للأبحاث الطبية بالوقود.

ومن المفترض بموجب هذا العرض أن تسلم إيران كمية من مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب (5،3%) ليستكمل تخصيبه في روسيا إلى نسبة 20% ثم يحول إلى وقود نووي في فرنسا قبل إعادته إلى طهران. غير أن إيران رفضت هذا العرض معتبرة أنه لا يعطيها ضمانات كافية بالحصول على الوقود واقترحت في المقابل تبادل اليورانيوم بالوقود النووي في شكل متزامن وعلى أراضيها، وهو ما رفضته الدول الكبرى.

وتشتبه الدول الكبرى بسعي إيران لامتلاك السلاح الذري فيما تنفي طهران ذلك، مؤكدة أن برنامجها النووي محض مدني. وتملك إيران حاليا بحسب وكالة الطاقة الذرية نحو 1800 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب، وهو مخزون يسمح نظريا بإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب بأكثر من 90% لصنع قنبلة نووية.

ويرى الغربيون أن إخراج اليورانيوم المخصب من إيران يتيح سيطرة أكبر على المخزون الإيراني ويهدئ بالتالي قسما من المخاوف الغربية. وتؤكد طهران من جهتها أن برنامجها النووي هو لغايات مدنية بحتة.

إلى ذلك وعلى صعيد آخر ذكرت وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، أمس، أن إيران التي قد تواجه عقوبات تقيد استيراد البنزين بسبب برنامجها النووي سترفع وارداتها اليومية من البنزين والسولار بنسبة 27 في المائة لتصل إلى 31 مليون لتر بحلول مارس (آذار).

ونقلت الوكالة عن نور الدين شهنازي زاده، نائب وزير النفط، قوله «من المتوقع أن يرتفع حجم الواردات اليومية من البنزين والسولار إلى 22 مليون لتر وتسعة ملايين لتر يوميا على التوالي بنهاية هذه السنة». وتنتهي السنة الإيرانية الحالية يوم 20 مارس. وأضاف شهنازي زاده، وهو أيضا العضو المنتدب لـ«الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط» «بلغ متوسط واردات البنزين والسولار منذ بداية العام الحالي نحو 21 مليون و 3.4 مليون لتر يوميا على الترتيب». وإيران هي خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ولكن طاقتها التكريرية لا تكفي لتلبية الطلب المحلي من البنزين وهو ما يضطرها إلى استيراد ما يصل إلى 40 في المائة من احتياجاتها ويجعلها عرضة للتأثر بأي قرار غربي يستهدف وارداتها من البنزين. وتخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها أن تكون إيران تحاول صنع قنبلة نووية تحت غطاء برنامج مدني لتوليد الكهرباء. وقلل مسؤولون إيرانيون مرارا من شأن تأثير العقوبات بما فيها ثلاث جولات من عقوبات الأمم المتحدة. ورفعت إيران هذا الشهر إنتاجها المحلي من البنزين بواقع 14 مليون لتر يوميا ليصل إلى 58.5 مليون لتر ولكن ذلك استمر لبضعة أيام فقط في خطوة تهدف الحكومة منها إلى أن تبين للغرب أنها تستطيع مواجهة أي عقوبات.