الرئيس السابق لإقليم «بونت لاند» يتهم قوات خفر السواحل بالانضمام إلى القراصنة

قال إن الفدى المالية الضخمة التي يتحصل عليها القراصنة أغرتهم

TT

اتهم الجنرال عدي موسى (هيرسى) الرئيس السابق لإقليم البونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي شمال شرقي الصومال، القوات البحرية الضعيفة لحكومة الإقليم بالانضمام إلى القراصنة المسلحين الذين يقومون بعمليات خطف للسفن وتهديد حركة الملاحة والتجارة الدولية في مياه المحيط الهندي وخليج عدن قبالة المحيط الهندي.

وصعّد القراصنة، المعروفون إعلاميا بلقب «جن البحر»، من أنشطتهم الإجرامية لخطف السفن بالقرب من السواحل الصومالية ولم تفلح حشود القوات الدولية والغربية المتمركزة في المنطقة في ردعهم حتى الآن، حيث أعلنت أمس وزارة الدفاع الإسبانية في بيان لها أن حراس باخرة صيد إسبانية أحبطوا هجوما للقراصنة في البحر الهندي ليل السبت الأحد.

وبحسب البيان فإن القراصنة هاجموا الباخرة «ارتوب بيريا» التي ترفع العلم الإسباني «مطلقين نيران الأسلحة الخفيفة وقذيفة آر بي جي»، مشيرا إلى أنه و«بعد 30 دقيقة تمكن عناصر جهاز الأمن الخاص المتواجد على متن الباخرة من صد الهجوم مستخدمين أسلحتهم». ونقل البيان عن قبطان الباخرة أن الهجوم وقع على مسافة 230 ميلا بحريا (426 كلم) جنوب غربي جزر سيشيل وأن القراصنة كانوا على متن زورقين.

وتوجه في منتصف الشهر الجاري نحو خمسين حارسا خاصا مجهزين بأسلحة رشاشة وبنادق بعيدة المدى لحماية سفن الصيد الإسبانية من هجمات القراصنة الصوماليين في المحيط الهندي. وأضافت الوزارة في بيانها أن الباخرة تبحر «بحرية وتتجه جنوبا» وأنه «لم تسجل أي أضرار بشرية أو مادية».

وكان قراصنة صوماليون احتجزوا الناقلة الإسبانية «الاكرانا» وطاقمها المكون من 36 شخصا منذ نحو شهر قبالة السواحل الصومالية، وأفرجوا عنهم في 17 من الشهر الجاري مقابل فدية قيمتها أربعة ملايين دولار، كما قال القراصنة.

وتفتقر البواخر الإسبانية إلى جنود على متنها على غرار جنود البحرية الفرنسيين المنتشرين على متن بواخر الصيد الفرنسية في المنطقة نفسها، علما بأن الحكومة الإسبانية رفضت بشكل متكرر طلبات أصحاب السفن بنشر جنود على متن سفنهم وأرجعت السبب في ذلك إلى موانع قانونية وإلى افتقار الجيش الإسباني للقدرة على عمليات كهذه، لكنها سمحت بنشر حراس خاصين على متن السفن مجهزين بأسلحة حربية.

من جهته قال الجنرال هيرسى الرئيس السابق لإقليم البونت لاند (أرض اللبان) الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 عن الدولة الصومالية، في تصريحات غير مسبوقة هي الأولى له منذ تخليه عن رئاسة الإقليم نهاية العام الماضي، إن لديه أدلة قوية على تورط الغالبية العظمى من قوات حرس السواحل التابعة للبونت لاند في عمليات القرصنة، معتبرا أن الفدى المالية الضخمة التي يتحصل عليها القراصنة في نهاية كل عملية لخطف سفينة قد أغرت القوات الحكومية المخصصة أساسا لمكافحتهم بالانضمام إليهم.

ولفت هيرسى إلى ضعف المرتبات وضآلة الأجور التي يحصل عليها الجنود الحكوميون مقارنة بالمبالغ المالية التي يجنيها القراصنة من أنشطتهم الإجرامية قبالة السواحل الصومالية مترامية الأطراف.

ومن المتوقع أن تثير تصريحات هيرسى متاعب دولية وإقليمية لخليفته الرئيس الحالي عبد الرحمن فراولى الذي امتنع أمس عن الرد على محاولات «الشرق الأوسط» المتكررة للحصول منه على تعقيب على هذه الاتهامات الخطيرة لقوات حكومته.

يشار إلى أن الجنرال هيرسى كان ينفي على الدوام تورط أي من مسؤوليه أو قوات حكومة الإقليم في أنشطة القراصنة الذين حولوا سواحل الإقليم في السنوات الأخيرة إلى قاعدة لوجستية لتحركاتهم باتجاه المحيط الهندي وخليج عدن لخطف السفن.

وتزامنت هذه التصريحات مع إعلان وزير التعاون الدولي في الحكومة الصومالية الانتقالية عبد الرحمن عبد الشكور وارسمي أن حكومة بلاده المدعومة من الغرب تعتزم زيادة كبيرة في إنفاقها العام المقبل بتمويل من مانحين أجانب بشكل أساسي وأن جزءا كبيرا من هذه الزيادة سيخصص لمحاربة القرصنة والمتمردين المتشددين.

واعتبر في تصريحات من العاصمة الكينية نيروبي أن زيادة أموال المانحين ستساعد الحكومة على تمديد نفوذها في أنحاء البلاد التي يقول خبراء أمنيون غربيون إنها أصبحت ملاذا آمنا للمتشددين الذين يستخدمونها في التخطيط لهجمات في المنطقة وما وراءها. وتمنى وارسمي أن يدعم شركاء الصومال الميزانية الجديدة لأن الأمن هو مصدر القلق الرئيسي للصومال خاصة مكافحة الإرهاب والقرصنة وهما مشكلتان كبيرتان على حد تعبيره.

وأضاف «إذا حصل الصومال على الدعم المالي الضروري للإنفاق على قواته فيمكنه هزيمة القراصنة، إنهم مجرد شبكة من المجرمين لكن بلاده تفتقر إلى القدرة والمال لمواجهة المشكلة».

وأعلن عبد الشكور أن الحكومة التي يترأسها عمر عبد الرشيد شارمارك تعتزم إنفاق 108 ملايين دولار أميركي العام المقبل وتتمنى أن يقدم لها المانحون 74 في المائة من هذا المبلغ. وتمثل هذه الميزانية زيادة على المبلغ الذي تتوقع أن تكون قد أنفقته العام الحالي وهو 39.6 مليون دولار. وأضاف المسؤول الصومالي أن نحو 40 في المائة من ميزانية العام المقبل ستخصص لأجهزة الأمن، معتبرا أن غياب الحكومة في بعض أجزاء البلاد أسهم في وجود قواعد إرهابية على الأرض وفي القرصنة أيضا. وأضاف أن «القاعدة» وحركة الشباب تمثلان خطرا ليس فقط على الصومال وإنما على العالم.

ويفتقر الصومال لحكومة مركزية فعالة منذ 18 عاما ولا تسيطر الحكومة الحالية إلا على أجزاء قليلة من العاصمة مقديشو.

وقوات حرس الحدود الناشئة مكون مهم في أجهزة الأمن الصومالية وتهدف للتصدي لهجمات القراصنة الصوماليين الذين يهاجمون السفن في خليج عدن والمحيط الهندي ويجنون فدى بعشرات الملايين من الدولارات.

وتحارب حكومة الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد أيضا متمردين في البلد الواقع بمنطقة القرن الأفريقي ومن بينهم حركة الشباب الإسلامية التي تقول واشنطن إنها وكيل تنظيم القاعدة في الصومال.

وكان بنك التنمية الأفريقي استأنف هذا الأسبوع علاقته بالصومال بعد انقطاع دام عشرين عاما ووافق على منحة له تفوق مليوني دولار.

وقال عبد الشكور إن هذه الخطوة إيجابية ومشجعة، موضحا أن الصومال سيستخدم المنحة وخبرة بنك التنمية الأفريقي في إعادة بناء بنكه المركزي وغيره من المؤسسات المالية. وأضاف أنه ستكون هناك تحديات في سبيل إصلاح القطاعين المالي والأمني في البلاد لكن يجب مواجهتها بأي ثمن وأن هذه الإصلاحات يجب أن تكون جذرية وتستهدف الأفراد المتورطين في سوء الإدارة.