سويسرا تسعى للتهدئة: المآذن المشيدة ستبقى ولا قيود على بناء المساجد

ممثلو الجالية: مقدمو المبادرة استغلوا مواقف المتشددين وصنعوا الخوف لدى الناس

TT

رفضت الحكومة السويسرية، ومعها البرلمان، مبادرة الاستفتاء على حظر بناء المآذن في البلاد، لكنها قالت إنها ستحترم قرار الشعب ولن تسمح بعد الآن ببناء مآذن جديدة. واعتبرت الحكومة مبادرة حظر بناء المآذن، انتهاكا للدستور السويسري ولحرية الديانات والتسامح الذي تتمسك به البلاد. وقالت إن الحظر قد «يخدم مصالح الدوائر المتطرفة».

وفي محاولة لتهدئة المشاعر الغاضبة على ما يبدو، أصدرت الحكومة السويسرية، بيانا باللغة العربية، أوضحت فيه أن «المآذن الأربع القائمة حاليا في البلاد ستبقى على حالها، كما يمكن الاستمرار في تشييد وبناء المساجد». وأضافت الحكومة في بيان أنه «يمكن للمسلمين والمسلمات في سويسرا الاستمرار في ممارسة شعائر دينهم، بصورة فردية أو جماعية، كما كان الأمر قبل هذا القرار».

واعتبرت وزيرة العدل السويسرية، إيفيلين فيدمار ـ شلومف، أن التصويت بحظر بناء المآذن جاء كتعبير عن مخاوف لدى أفراد الشعب وقلق من تيارات أصولية إسلامية متطرفة، ترفض تقاليد دولتنا وقد لا تحترم نظامنا القانونيّ. وأضافت: «يجب أخذ هذا القلق على محمل الجد. لقد اضطلع المجلس الاتحادي السويسري باستمرار بهذا الدور، وسوف يمضي في هذا الطريق مستقبلا على الرغم من أنه يعبر عن اقتناعه بأن حظر بناء مآذن جديدة ليس الوسيلة المناسبة لمكافحة المتطرفين الإسلاميين».

وفور إعلان نتيجة الاستفتاء صرحت دوائر إسلامية في سويسرا، أن التصويت سيعزز تيار التطرف، وأن يوم الأحد الذي شهد التصويت هو «أحد أسود» في البلاد. وأعلن رئيس حزب الخضر اولي ليفنبرغر، أن حزبه سيدرس إمكانية الطعن في مبادرة حظر بناء المآذن، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، لما اعتبره انتهاكا للحرية الدينية التي كفلتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وقال عدد من السياسيين، إن الحزب المتطرف الذي أطلق مبادرة المنع «لعب على مخاوف الآخرين من الإسلام». كما أعرب عدد من السياسيين عن خوفهم من مقاطعة بعض الدول الإسلامية للمنتجات السويسرية. وقال آدا مارا أحد مسؤولي الحزب الاشتراكي إن حزب الشعب الذي أطلق هذه المبادرة «لعب بالنار» وعليه تحمل العواقب.

من جهته دعا مدير مكتب منظمة المؤتمر الإسلامي في جنيف السفير بابكر با المجتمع الإسلامي في سويسرا إلى الهدوء في أعقاب الاستفتاء. وقال بابكر با إن نتيجة الاستفتاء «مفاجئة ومخيبة للآمال وتمثل مشكلة خطيرة لأنها تثير مخاوف من زيادة المناحي التشددية وإعطاء انطباع خاطئ بأن الإسلام مرفوض في سويسرا». ودعا بابكر با المسلمين في سويسرا إلى الحوار وعدم اللجوء إلى المواجهات، كما طالب السلطات السويسرية بالعمل الوثيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الإسلامية، لمواجهة تحديات ظاهرة العداء للإسلام المتصاعدة في أوروبا. وشدد مدير مكتب منظمة المؤتمر الإسلامي في جنيف على ضرورة ألا تنساق سويسرا لتسقط في أيدي المتطرفين.

من جانبه قال عبد الحفيظ الورديري، مدير مؤسسة «التعارف» في جنيف، لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أن نكون فاعلين، ونعمل على طمأنة هؤلاء، ونفتح أبوابنا إليهم، ونوضح لهم الصورة الحقيقية للإسلام». وأضاف: للأسف الشديد، استغل المتشددون في البلاد، بعض الأقوال والمواقف، من جانب عدد من المسلمين، وصنعوا الخوف داخل الناس، ولا بد أن نغير الأسلوب الذي كان متبعا من قبل، ونكون أكثر انفتاحا على الآخرين، ونختار أناسا يمثلوننا بشكل جيد، ويتحدثون بالشكل اللائق، حتى لا يستغل اليمين المتشدد الفرص. لا بد أن يكون لنا دور بارز في كل الميادين وليس خلف جدران المساجد».

وقال عادل الماجري، رئيس رابطة مسلمي سويسرا: «فوجئنا بهذه النتيجة، ليس فقط نحن المسلمين، بل أيضا كل من دعا إلى رفض هذه المبادرة من السلطات الرسمية ومن أغلبية الأحزاب السياسية والأديان الأخرى ومنظمات المجتمع المدني». وأضاف: «لا بد أن نفكّر في الآليات التي استُخدمت واستُعملت خلال الحملة الانتخابية. والظاهر الآن أن سبب القبول يعود لعمليات التخويف وعمليات التهويل وعملية خلط كثير من الملفات ببعضها بعضا والوسائل التي استعملها أصحاب المبادرة من حزب الشعب السويسري في تخويف المجتمع السويسري من الإسلام وكثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالدين الإسلامي، فأصبح من الصعب جدا على المواطن السويسري أن يميز بين منع المئذنة وأشياء أخرى».