الحزب الجمهوري: موحد في معارضة أوباما.. منقسم إزاء مستقبله

الجمهوريون يبحثون عن قائد لهم ويأملون النهوض مجددا بعد خسائرهم الانتخابية

TT

يشترك الأعضاء العاديون في الحزب الجمهوري، مع المشرعين التابعين للحزب، في معارضتهم الشديدة للجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي باراك أوباما والحزب الديمقراطي من أجل إصدار تشريع مهم حول الرعاية الصحية، ولكن يكشف استطلاع جديد للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» عن حالة من عدم الرضا بين الناخبين الجمهوريين عن قيادات الحزب، ويكشف أيضا عن خلافات آيديولوجية وأخرى مرتبطة بالأجيال يمكن أن تمثل عقبات كبرى أمام خطط الحزب لاستعادة سطوته. وهناك مشاعر سلبية طاغية لدى الجمهوريين والمستقلين الذين يميلون إلى الحزب الجمهوري إزاء أوباما والحزب الديمقراطي، والجميع تقريبا لا يشعر بالرضا عن سياسات الإدارة، ولدى النصف تقريبا مشاعر «غضب» إزاءها. وأفاد 75% ممن استطلعت آراؤهم أن لديهم شكوى أسياسية، ويقولون إن أوباما لا يمثِّل «القيم الأميركية التقليدية». ويقول 8 من كل 10 إنه من غير المحتمل أن يصوتوا لصالح إعادة انتخابه. ولكن، على الرغم من الحديث بين المسؤولين الجمهوريين المنتخبين عن عودة قوية للحزب في أعقاب الفوز في انتخابات الحاكم داخل فيرجينيا ونيوجيرسي الشهر الماضي، توجد حالة إحباط واسعة بين صفوف الناخبين الجمهوريين بسبب اتجاه الحزب وانفصاله عن أعضاء الحزب داخل الكونغرس وحالة خلاف حول الأولويات. ويرى أقل من نصف الجمهوريين ومن يميلون إلى الحزب الجمهوري ممن استطلعت آراؤهم أن قيادة الحزب تأخذه إلى «الاتجاه الصحيح»، ويعد ذلك تراجعا كبيرا مقارنة بالنسب الذي أُحصيت في هذا التوقيت قبل أربعة أعوام. ويشعر 4 من كل 10 بعدم الرضا عن المقترحات المرتبطة بالسياسة والتي يقدمها مشرعون جمهوريون، وترى نسبة مماثلة أن المشرعين الجمهوريين في الوقت الحالي بعيدون عن مشكلاتهم وقيمهم الشخصية. ويرى ثلث من استطلعت آراؤهم أن الجمهوريين داخل الكونغرس لا يمثلون القيم الحقيقية للحزب الجمهوري. ويأتي هذا الاستطلاع عن الحزب الجمهوري في أعقاب الخسائر الكارثية التي مني بها في انتخابات 2006 و2008 وقبل انتخابات التجديد النصفي عام 2010 والانتخابات الرئاسية 2012. وتعتمد النتائج على مسح أجري على مستوى الولايات المتحدة لـ1306 بالغا، إضافة إلى مقابلات أجريت مع جمهوريين ومستقلين يميلون للحزب الجمهوري ومجموعات منتقاة من مقاطعة أراباهو بولاية كولورادو، وهي مقاطعة تميل للحزب الجمهوري.

وعند سؤاله عمن يقود الحزب الجمهوري في هذه المرحلة، ذكر أحد المشاركين، وهو ريان براون، مبرمج كومبيوتر، أن هناك شخصين دائما ما يكونان على خلاف: جون ماكين، السيناتور الذي خاض الانتخابات الرئاسية لعام 2008، وراش ليمبا، وهو محافظ يقدم برامج حوارية إذاعية. لكن براون كان مترددا وقال «أراهن على أنه سيكون لدى مواطنين آخرين إجابة أخرى مختلفة». وكان محقا في ذلك.

ولم يبد 3 من كل 10 ممن استطلعت آراؤهم رأيا في أفضل شخص يعكس مبادئ الحزب الجمهوري داخل الحزب، وكتب البعض أنه لا يوجد أحد. وعلى رأس قائمة القيادات التي وردت أسماؤها، الحاكمة السابقة لولاية ألاسكا سارة بالين، التي رُشحت لمنصب نائب الرئيس في انتخابات الرئاسة لعام 2008. وخلال الاستطلاع، الذي أجري خلال زوبعة إعلامية أحاطت بنشر مذكراتها «سلوك طريق التمرد»، قال عدد أكبر إن سارة بالين هي أفضل من أي جمهوري آخر في إظهار القيم الحقيقية، وهي من بين سبعة حصلوا على أعلى أصوات في انتخابات افتراضية للترشيح لمنصب الرئيس. ولكن لم تحصل على دعم أكبر من 20% في أي من السؤالين. واختار 1% فقط جورج دبليو بوش على أنه الأفضل في إظهار مبادئ الحزب، واختار شخص واحد فقط شارك في الاستطلاع نائب الرئيس السابق ديك تشيني. ويرى 7 من كل 10 أن بوش يتحمل على الأقل «بعض» المسؤولية عن مشكلات الحزب. وخلال اجتماع عُقد أخيرا لرابطة الحكام الأعضاء في الحزب الجمهوري داخل أوستن، قلل مسؤولون في الحزب من غياب قيادي واحد واضح، وقالوا إن المهم أكثر بالنسبة للجمهوريين هو مقاومة أجندة أوباما الداخلية والتأكيد مجددا على المبادئ المحافظة وبدء الحديث عن مجموعة من الأفكار البديلة. ويتوقع هؤلاء المسؤولون الحصول على مقاعد داخل الكونغرس والفوز بمزيد من مناصب حكام الولايات خلال انتخابات العام المقبل ويرون أنه ستظهر قيادات جديدة من هذه الانتصارات. وفي الوقت نفسه، يواجه الجمهوريون حالة شقاق داخل صفوفهم، فهم منقسمون حول المدى الذي يذهبون إليه في العمل مع أوباما بخصوص تشريع حول الطاقة والتغير المناخي. وهناك اختلافات تخص تعاقب الأجيال بخصوص دور الدين في الحياة العامة ومدى التأكيد الذي يجب أن يضعه الحزب على القضايا المثيرة للجدل مثل زواج المثليين. ولدى المعتدلين والمحافظين داخل الحزب آراء متباينة إلى حد بعيد بشأن عدد من القضايا. ولو كان هناك شيء يمكن أن يستفيد منه واضعو الاستراتيجيات داخل الحزب في مستهل سعيهم من أجل الحصول على الأغلبية من جديد، فهي حالة عدم الرضا الواسعة بين المواطنين عن الطريقة التي يعمل بها النظام السياسي داخل البلاد وهي القوة نفسها التي ساعدت على الدفع بأوباما إلى منصب الرئاسة قبل عام.وبصورة عامة، يقول 6 من 10 أميركيين إنهم غير سعداء بالطريقة التي تدار بها الأمور على الصعيد السياسي ويشعر النصف بعدم الرضا أو الغضب من سياسات إدارة أوباما. وهناك شعور عام بعدم الرضا بين صفوف الجمهوريين. وفي العينات المستطلعة داخل كولورادو، أعرب الناخبون الجمهوريون عن مخاوف قوية من العام الأول لأوباما في منصب الرئيس. وقالت بام هايد، 53 عاما وتعمل داخل مدرسة ابتدائية، إن نفقات الحكومة الجديدة تقلقها. وقالت «لن نتعافى أبدا من ذلك، ولا يمكن أن أتخيل استعادة الأموال التي يقترح إنفاقها. إنه أمر لا يصدق».

ومثّلت الرعاية الصحية مبعث قلق من نوع خاص لدى العينات المستطلعة، ونقطة توحد قوية بين الجمهوريين. وتعليقا على المبادرة التشريعية، قال كارون داوسون، وهو مدير معالجة بيانات، 59 عاما «لا توجد نصوص توفر أية أموال أو تحدث فارقا. إنه تبديد ما لم يتم إجراء تغيير. حسنا هناك مشروع قانون ولكن لن يكون جيدا».

وأظهر الاستطلاع أن قرابة 8 من كل 10 جمهوريين أو ممن يميلون إلى الحزب الجمهوري، يريدون من المشرعين السعي لوقف مقترحات إصلاح الرعاية الصحية التي يروج لها أوباما وحلفاؤه الديمقراطيون داخل الكونغرس. ويعارض جميع الناخبين الجمهوريين تقريبا إصلاح الرعاية الصحية بشدة. ولدى عدد أكبر من الجمهوريين حلول وسط فيما يتعلق بجهود الديمقراطيين لتعديل سياسة الطاقة داخل الولايات المتحدة. وفي هذا الصعيد، يريد عدد كبير من الجمهوريين داخل الكونغرس العمل مع الديمقراطيين على هذه التغييرات. وفيما يتعلق بالموقف العام، يريد 56% من الجمهوريين أن يتواصلوا مع الديمقراطيين في إصدار تشريعات تحمل أفكارا جمهورية. ويفضل 41% وقف الأجندة الديمقراطية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»