مجلس الأمن يجيز محاربة القرصنة حتى داخل البر الصومالي.. وحكومة مقديشو ترحب

الأمم المتحدة تنادي لجمع 689 مليون دولار من أجل التعامل مع الوضع الإنساني في الصومال

TT

أجاز مجلس الأمن الدولي، للدول الكبرى والمنظمات الإقليمية التي لديها القدرة، القيام بنشر سفنها الحربية وكذلك الطائرات العسكرية لمحاربة القرصنة على السواحل الصومالية واستخدام المياه والبر الصوماليين من أجل محاربة القرصنة، شريطة موافقة الحكومة الصومالية على تلك الخطة، محذرا في الوقت نفسه من دفع الفديات للقراصنة.

ووافق مجلس الأمن الدولي أمس أيضا على تمديد 12 شهرا إضافية للدول والمنظمات التي تساهم في عملية مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وذلك بإدخال سفن حربية إلى المياه الصومالية لمطاردة القراصنة، بعد موافقة الحكومة الصومالية. ونص قرار مجلس الأمن الدولي على أن بإمكان هذه الدول اتخاذ الإجراءات اللازمة في الصومال بما فيها محاربة القراصنة في البر بغرض اعتراض أولئك الذين يستخدمون الأراضي الصومالية لتخطيط وتسهيل وتنفيذ أعمال القرصنة. وجاءت هذه العملية بعد الزيادة الحادة في نشاط القراصنة في أحد أشد الممرات البحرية ازدحاما في العالم، وبسبب أن الإجراءات الدولية في ردع القراصنة لم تنجح حتى الآن؛ لأسباب منها: أن القوات التي تلاحقهم لم تكن مخولة بنقل المعركة إلى داخل البر الصومالي.

ولاحظ المجلس في قراره أن «دفع الفديات التي تتعاظم قيمتها للقراصنة وعدم احترام الحظر على الأسلحة» التي وجهتها الصومال «يشجعان القرصنة قبالة السواحل الصومالية». وكان الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال أحمد ولد عبد الله ندد في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) أمام مجلس الأمن بدفع الفديات، معتبرا أن القرصنة في هذه المنطقة باتت «مسألة مربحة».

ورغم أن قرار مجلس الأمن الدولي أكد على دور الحكومة الصومالية في المشاركة هذه العمليات فإن قدرة هذه الحكومة محدودة جدا، من حيث اعتراض هجمات القرصنة أو ملاحقتهم، ولذا دعا المجلس للمساعدة في سد الفراغ. ودعا المجلس الدول الأعضاء إلى تعزيز القدرات الأمنية في الصومال، لأن العمليات العسكرية ضد القرصنة الصومالية ليست كافية، بل لا بد من وجود حل أوسع للمشكلة الصومالية ككل، حيث إن استئصال مشكلة القرصنة لا يمكن دون حل المشكلة الأصلية، والفوضى السياسية وعدم الاستقرار في الصومال. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد حذر في وقت سابق من هذا الشهر من أن القرصنة لن يمكن التغلب عليهم بالوسائل العسكرية وحدها، وأن الحل يكمن من خلال معالجة أوسع للحالة السياسية والأمنية في الصومال، مؤكدا على ضرورة دعم الحكومة الانتقالية الهشة.

هذا، وأيدت الحكومة الانتقالية قرار مجلس الأمن الدولي حول محاربة القرصنة، وذكرت الحكومة أنها مستعدة للتعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة ظاهرة القرصنة التي أصبحت مشكلة عالمية.

إلى ذلك وجهت الأمم المتحدة أمس نداء للدول الغنية والجهات المانحة لتقديم نحو 689 مليون دولار أميركي خلال عام 2010 لتمويل مساعدات إنسانية عاجلة لنحو 3.7 مليون شخص صومالي. وقال بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة إن هذه الأموال سوف تستخدم لتنفيذ نحو 174 من المشاريع الإنسانية للصومال خلال عام 2010. وكانت الأمم المتحدة قد ذكرت الأسبوع الماضي أن الوضع الإنساني في الصومال قد وصل إلى أسوأ حالاته منذ 18 عاما، وأن القطاع الصحي في البلاد ينقصه التمويل إلى حد كبير. كما أن مستوى الرعاية الصحية في الصومال يعد الأسوأ في العالم في الوقت الراهن.

ويعد هذا أكبر مبلغ تنادي الأمم المتحدة للحصول من أجل التعامل مع الأزمة الإنسانية في الصومال، وتعكس مدى الاحتياجات الإنسانية في البلاد. ووفقا لبيان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن نصف سكان الصومال (3.7 مليون نسمة) يعتمدون على المساعدات الخارجية، وهذا يعني أيضا بزيادة 13% منذ يناير (كانون الثاني) عام 2009. وحذرت الأمم المتحدة من أن انخفاض التمويل من قبل الجهات المانحة الدولية سيسهم في تدهور الوضع الإنساني في الصومال إلى أسوأ، ولا سيما في قطاع المعونات الغذائية والصرف الصحي والنظافة والصحة والمأوى. ووجه جون هولمز كبير منسقي الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة نداء إلى حكومات الدول الكبرى بأن لا تتوقف عن تقديم المساعدات بسبب الأزمة الاقتصادية.

وهناك شعور لدى وكالات الغوث التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الأخرى غير الحكومية والهيئات الدولية التي تعمل في مجال الإغاثة بأن الكثير من الحكومات انشغلت في اتفاقات الإنقاذ المالي والتحفيز الاقتصادي لبلدانها وعلى صعيد الجبهات الداخلية، الأمر الذي أثر على عملية جمع المساعدات الإنسانية. وتعاني الصومال من وضع إنساني هو الأسوأ منذ عقدين، في الوقت الذي يستمر فيه تشريد المزيد من المدنيين بسبب العنف المستمر في البلاد، إضافة إلى أن هناك نقصا حادا في مجال التمويل. ويعاني أربعة أطفال من كل 20 طفلا دون سن الخامسة من سوء تغذية حادة.

ومع هذا النداء فإن نشاط الأمم المتحدة ضئيل في كثير من المناطق الصومالية، وخصوصا المناطق الوسطى والجنوبية، حيث كانت المنظمة الدولية علقت جميع نشاطاتها في كثير من المدن بجنوب البلاد بسبب المخاوف الأمنية التي تواجَه على سلامة موظفي وكالات الأمم المتحدة، إضافة إلى أن السلطات المحلية في بعض الأقاليم الصومالية أمرت بوقف نشاط عدد من المنظمات التي تعمل في المجال الإنساني، الأمر الذي أثر سلبا على المحتاجين الصوماليين الذين كانوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية الخارجية التي تقدمها لهم المنظمات الإنسانية.