أوباما يأمر بإرسال 34 ألف جندي إضافي لأفغانستان ويطالب الحلفاء بـ10 آلاف آخرين

فرنسا تتجه لدعم تدريب قوات الأمن الأفغانية * ميركل: لا قرار بإرسال قوات قبل مؤتمر يناير

TT

مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إرسال نحو 34 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، يكون عدد القوات الأميركية في أفغانستان قد تجاوز 100 ألف جندي. وبهذا يكون الرئيس أوباما قد ضاعف عدد القوات الأميركية في أفغانستان منذ توليه الحكم مطلع العام الحالي، أخذا في الاعتبار أنه كان أمر في وقت سابق بإرسال 22 ألف جندي إضافي.

وكان مقررا أن يلقي أوباما مساء أمس خطابا إلى الشعب الأميركي والعالم يوضح فيه خططه في أفغانستان، إلا أن التسريبات وحديث المسؤولين الأميركيين خلال الأيام السابقة جعلا مضمون الخطاب معروفا، كما أن المسؤولين الأميركيين بدأوا يتحركون في خطوات مسبقة للتأكد من نجاح الخطة والحصول على الدعم الداخلي والخارجي لها.

وعقد أوباما أمس سلسلة اجتماعات في البيت الأبيض قبل التوجه إلى نيويورك ليلقي خطابه حول أفغانستان أمام أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية. وبدأ أوباما صباحه بلقاء عبر دائرة تلفزيونية مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي استمر أكثر من ساعة لبحث التطورات في أفغانستان ووضع الخطط المستقبلية هناك. وبعد يوم من إجراء المكالمات مع حلفائه من دول حلف شمال الأطلسي مثل الدنمارك وفرنسا وبريطانيا، سلط أوباما جهوده أمس على التشاور مع المسؤولين الأميركيين. والتقى بوزير الدفاع روبرت غيتس، قبل أن يعقد اجتماعا مغلقا ومطولا مع قياديين في الكونغرس لإطلاعهم على خططه ومحاولة الحصول على دعمهم له. وقد عبر عدد من أعضاء الكونغرس، منهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والسناتور الجمهوري النافذ ريتشارد لوغر من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وعضو لجنة القوات المسلحة السناتور الجمهوري جون ماكين، عن عدم رضاهم عن إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان. وبينما رافقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الرئيس أوباما إلى نيويورك، مكث نائب الرئيس جو بايدن أمس في واشنطن، حيث كثف من لقاءاته مع أعضاء الكونغرس. واجتمع بايدن مع قائد الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد مساء أمس في البيت الأبيض لبحث كسب التأييد لخطة أوباما التي تعتمد على رفع عدد القوات من أجل تمكين الأفغان ومساعدتهم على تولي مسؤولية أمنهم على المدى البعيد.

وذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس أن الرئيس أوباما طلب من حلفائه إرسال 10 آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان، منهم 1500 من فرنسا و2000 من ألمانيا، مشيرة إلى استعداد فرنسا للقيام ببادرة. وقالت «لوموند» إن واشنطن طلبت ألفي جندي إضافي من ألمانيا و1500 من إيطاليا و1500 من فرنسا وألفاً من بريطانيا ضمن عشرة آلاف عنصر يطالب الحلفاء بهم. وبذلك يصل أوباما إلى أربعين ألف جندي إضافي، وهو العدد الذي يطالب به الجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان ويعتبره ضروريا. وقالت «لوموند» إن فرنسا لا تبحث إرسال مزيد من القوات القتالية لأنها تقدر أن لديها ما يكفي من القوات في المناطق التي تتولى مسؤوليتها، لكنها قد تقدم مساهمات أخرى. وأضافت الصحيفة عن مصدر مقرب من الرئيس الفرنسي: «سنرى كيف يمكننا أن نضيف إلى عملياتنا إذا لزم الأمر، لا سيما في مجال تدريب» قوات الأمن الأفغانية.

بدورها قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس إن ألمانيا لن تتخذ قرارا بشأن احتمال إرسال تعزيزات إلى أفغانستان إلا بعد المؤتمر حول أفغانستان الذي سيعقد مطلع العام المقبل. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي في برلين مع رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني: «نستمع إلى رغبات الولايات المتحدة لكننا لن نتخذ قرارنا في هذه الأيام، ولن نفعل ذلك إلا بعد المؤتمر حول أفغانستان الذي سيعقد في 28 يناير (كانون الثاني) المقبل في لندن». وأضافت: «بعد هذا المؤتمر حول أفغانستان ستقرر ألمانيا ما إذا كانت ستبذل أم لا جهودا إضافية، وإذا حدث ذلك ما هي هذه الجهود»، مذكرة بأن المفهوم الأمني للحلف الأطلسي في أفغانستان يشمل جهودا «عسكرية لكن أيضا إعادة إعمار مدنية».

وكان الائتلاف الحكومي الجديد لميركل قرر أن يمدد لعام انتشار الجيش الألماني في أفغانستان حيث يوجد له 4500 جندي. ويتعين أن يحصل هذا القرار، غير الشعبي، على موافقة البرلمان الذي سيجتمع في 13 من الشهر الحالي. وتعد الوحدة الألمانية ثالث أكبر وحدة في القوة الدولية التي تضم نحو مائة ألف رجل بينهم 65 ألفا تحت قيادة الحلف الأطلسي. إلا أن حلفاء ألمانيا يرغبون في زيادة عديد هذه القوة.

وكان مفترضا أن يؤكد أوباما في خطابه أمس على تدريب قوات الأمن الأفغانية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس مسبقا: «ليس هناك شك في أنه سيكون هناك قدر من مكافحة الإرهاب، وليس هناك شك في أنهم سيتصدون للتمرد. أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تأكيد مجددا على تدريب قوات الأمن الأفغانية».

ومن القضايا الشائكة المتعلقة بإرسال مزيد من القوات مسألة الكلفة المالية، بعد أن توقع مسؤولون في البيت الأبيض أن كل ألف جندي إضافي سيكلف ميزانية مليار دولار. وتأتي غالبية التكلفة في نقل المعدات والوقود للقوات، إذ لا توجد لدى الجيش الأميركي قواعد قريبة لإرسال المساعدات منها، على عكس العراق. وتوقع عضو الكونغرس الأميركي ديفيد أوبي في لقاء مع قناة «سي إن إن» أن الحرب في أفغانستان قد تكلف نحو 900 مليار دولار خلال العقد المقبل. وكان أوبي من بين أعضاء الكونغرس المدعوين إلى البيت الأبيض لبحث قضية كلفة إرسال القوات الإضافية إلى أفغانستان. وخصصت صحيفة «واشنطن بوست» افتتاحيتها أمس للرد على أوبي، واصفة تصريحاته بأنها «تحريفات»، مشيرة أيضا إلى أن وزارة الدفاع الأميركية تتوقع أن كل ألف جندي سيكلف نحو 500 مليون دولار، مما يخفض التكاليف المعلنة. وأعلنت الصحيفة النافذة أنها تشجع فرض «ضريبة حرب»، وهي مسألة بدأ يتداولها الساسة والإعلاميون في واشنطن. واقترحت الصحيفة أن يتبنى الكونغرس ضريبة مشابهة لضريبة فرضت عام 1940 لتمويل الحرب العالمية الثانية، وعام 1951 لتمويل الحرب الكورية، وهي ضريبة على البنزين.