تقرير أوروبي يتهم إسرائيل باتباع سياسة ممنهجة لتقليص عدد الفلسطينيين في القدس.. ويدعو لتعزيز وضع السلطة فيها

أعده قناصل الاتحاد في رام الله والمدينة المحتلة

TT

اتهم الاتحاد الأوروبي إسرائيل باتباع سياسة تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في القدس وفصل المدينة عن الضفة الغربية. وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في عددها الصادر أمس النقاب عما وصفته بتقرير سري أعده قناصل دول الاتحاد الأوروبي في القدس الشرقية المحتلة ورام الله، يهاجم السياسة الإسرائيلية ويوصي الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات من شأنها أن تعزز وضع السلطة الفلسطينية في المدينة المقدسة. وتوصي الوثيقة باتخاذ إجراءات مختلفة تعبر عن الاحتجاج على السياسة الإسرائيلية المتبعة في المدينة، كما توصي الوثيقة بمقاطعة أشخاص أو مجموعات تنشط في مجال البناء الاستيطاني في المدينة ومحيطها.

ويجري تحديث التقرير الذي حصلت «هآرتس» على نسخة منه، سنويا من قبل ممثلي الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الفلسطينية. وقد أكمل التقرير لعام 2009 في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وسلم للهيئات المعنية في الاتحاد الأوروبي قبل بضعة أيام.

وقالت «هآرتس» إنه وبسبب حساسية الموضوع لم ينشر الاتحاد الأوروبي قط محتوياته، إضافة إلى أن إسرائيل عمدت في السنوات الأخيرة إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي كي لا ينشره.

وتعتقد وزارة الخارجية الإسرائيلية أن التقرير لهذا العالم ترك أثرا كبيرا على الاتحاد الأوروبي، وساعد وزير الخارجية السويدي الرئيس الحالي لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للدورة الحالية، في إقناع زملائه بمشروع قرار يدعو إلى تقسيم القدس والاعتراف بالشق الشرقي المحتل منها عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة. وسيطرح مشروع القرار هذا على اجتماع وزراء الخارجية المقرر عقده يوم الاثنين المقبل في بروكسل.

ويتهم التقرير الأوروبي الحكومة الإسرائيلية والمجلس البلدي اليهودي باتباع سياسة ممنهجة لتغيير التوازن الديموغرافي في المدينة المقدسة وعزلها عن بقية الضفة الغربية. وبشكل خاص يتهم التقرير المجلس البلدي اليهودي في القدس برئاسة المتطرف نير بركات بالقيام بدور حاسم في مشاريع التهويد التي تهدف إلى طرد الفلسطينيين من القدس، مشيرا إلى أن البلدية تمد يد العون للجماعات اليهودية المتطرفة مثل «عطريت كوهانيم» و«العاد» لمساعدتها في السيطرة على مزيد من المنازل والعقارات الفلسطينية. وتسعى هاتان المنظمتان اللتان تحظيان بتمويل يهودي أميركي إلى شراء المزيد من المنازل في الأحياء العربية وتحاول زرع بؤر استيطانية جديدة في قلب حارة المسلمين في البلدة القديمة من المدينة.

وتنفيذا لهذه السياسية فإن المجلس البلدي اليهودي، كما أشارت «هآرتس»، لم يمنح الفلسطينيين سوى 200 رخصة بناء في العام فقط، في حين أن الحاجة تتطلب ما لا يقل عن 1500 رخصة وفق النمو السكاني. وجاء في التقرير الأوروبي أن ضاحية مثل ضاحية سلوان لم تتلق سوى 20 ترخيص بناء للعام منذ عام 1967.

ورغم أن الفلسطينيين يمثلون 35% من مجمل عدد السكان في القدس بشقيها الشرقي والغربي، فإن ما تخصصه البلدية من ميزانيتها للأحياء العربية يتراوح ما بين 5 ـ 10% فقط، ولهذا تجد التباين الكبير بين هذه الأحياء وبين البؤر الاستيطانية والقدس الغربية.

ويخصص في التقرير جزء منه للحديث عن الحفريات الإسرائيلية في القدس الشرقية، لا سيما في محيط الحرم القدسي الشريف. وحسب التقرير فإن هذه الحفريات معنية فقط بالتاريخ اليهودي, وهذا يعني أن العمل الأثري أصبح أداة موجهة آيديولوجيا في الصراع القومي والديني.

وحسب التقرير فإن مستوى الإحساس بالأمن لدى الفلسطينيين المقدسيين ينهار، مشيرا إلى أن التوسع الاستيطاني أشعل موجة من أعمال العنف ضد الفلسطينيين من أهالي المدينة، لم تتخذ الشرطة الإسرائيلية إزاءها أي موقف، كما لم تحاول التدخل لمنعها. وهاجم التقرير أيضا إغلاق مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في المدينة. وثمة إحساس بالإهمال يسود الكثير من المقدسيين. ويشير التقرير إلى أن غياب مؤسسات السلطة الفلسطينية والمنظمات العلمانية يمهد الطريق للمنظمات الإسلامية لبسط نفوذها.

واقترح القناصل في تقريرهم كما جاء في «هآرتس» عدة إجراءات لتعزيز وضع السلطة الفلسطينية والضغط على إسرائيل لوقف إلحاق الأذى بالعرب في المدينة. ومن هذه الإجراءات:

ـ ضمان وجود أوروبي في المحاكم التي تنظر في قضايا هدم البيوت العربية أو إخلائها من سكانها.

ـ إحياء الأعياد والمناسبات الأوروبية في القدس الشرقية.

ـ تستضيف البعثات الأوروبية التي يوجد لها مقار في القدس الشرقية المسؤولين الفلسطينيين، للقاء مسؤولين فلسطينيين كبار.

ـ تجنب مرافقة رجال الأمن الإسرائيليين للمسؤولين الأوروبيين عند زيارة البلدة القديمة في المدينة.

ـ تجنب عقد لقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين في القدس الشرقية.