عون في «ضيافة» المطارنة الموارنة.. وسلاح «حزب الله» ثالثهما : تباين حول نزعه

ثاني مشاركة سياسية في اجتماعات مجلس المطارنة بعد الرئيس الحريري عام 2000

TT

حل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون «ضيفا مميزا» على الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الماروني نصر الله صفير، في خطوة لافتة هي الثانية من نوعها بعد مشاركة الرئيس الراحل رفيق الحريري في أعمال المجلس في عام 2000.

وزيارة عون التي كان يراد منها أن تطوي صفحة من العلاقات السيئة مع البطريرك والكنيسة المارونية، والتي تفاوتت بين «التعايش» والخلافات الدائمة التي تمظهرت في الانتخابات النيابية الأخيرة بالبيان الشهير للبطريرك الذي يرد إليه عون الكثير من تراجع التأييد المسيحي له، كانت محطة نقاش مفتوح بين المطارنة وعون، فيما بقي البطريرك صفير في موقف «المستمع» في أغلب الأوقات للطرفين. وفيما أشارت المعلومات المتوافرة إلى أنه «تم التوافق على بعض النقاط فيما بقيت نقاط أخرى قيد المناقشة والبحث»، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر شاركت في اللقاء أن موضوع سلاح «حزب الله» كان في واجهة المواضيع التي طرحت على عون من قبل المطارنة والبطريرك، وأشارت إلى أن عون رد على هذه «الهواجس» بالتأكيد على أن «هذا السلاح مرتبط بظروف إقليمية ودولية، وأنه ليس للاستعمال الداخلي، ولن يوجه إلى أحد»، وأوضحت المصادر أن عون شرح للمطارنة والبطريرك أهمية «التفاهم الذي أبرمه مع الحزب، والذي من شأنه حماية المسيحيين وتطوير دورهم في لبنان». غير أن هذه المصادر أشارت إلى أن هذا الموضوع «بقي خلافيا»، وخرج منه الطرفان كل منهما يتمسك بموقفه، عون لجهة القول إن سلاح الحزب «لا يجب أن يخيف أحدا»، والمطارنة لجهة التمسك بموقف البطريرك صفير بضرورة «حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية».

وكشفت المصادر أن عون أبدى استعداده لعقد لقاء مسيحي رغم بعض «الملاحظات» التي أبداها على طريقة «تعاطي الفريق المسيحي في الأكثرية معه والعمل الدائم لإلغائه»، وطلب أن تستأنف لجنة المطارنة مساعيها وتأخذ زمام المبادرة لترتيب المصالحات. وقد رد البطريرك صفير بأنه يتمنى لو يحضر الزعماء المسيحيون الاجتماع المقبل لمجلس المطارنة كخطوة أساسية على طريق تثبيت المصالحة المسيحية.

وتوافق عون والمطارنة على أن التوقيت غير ملائم لطرح إلغاء الطائفية السياسية الآن «نظرا لما يتطلبه هذا الموضوع من تحضير وتهيئة ومراحل عمل»، وكشفت المصادر أن بعض المطارنة عبروا عن «خشيتهم من نيات مبيتة أو مخططات لخلق معادلات جديدة ترمي إلى تغطية بعض الأمور الدقيقة».

بدورها، قالت مصادر قريبة من عون إن أسئلة المطارنة تمحورت حول التفاهم مع حزب الله وسلاح المقاومة وإلغاء الطائفية السياسية، فيما سأل الأخير المطارنة عن «دور المسيحيين في المحيط العربي والمشرقي وكيفية المحافظة عليهم».

وكان البطريرك صفير ترأس الاجتماع الشهري الدوري لمجلس المطارنة الموارنة الذي انضم إليه عون. ومع نهاية الاجتماع تلا أمين سر البطريركية المونسنيور يوسف بيانا رحب فيه بما تم من مصالحات على الصعيد السياسي والوطني، وسألوا الله أن تشمل الجميع، وأن تأتي هذه المصالحات بما ينتظر منها من تفاهم على الصعيد الوطني، وذلك لخير الشعب اللبناني ونهضة الوطن مما يتخبط فيه من مشاكل، وأملوا أن تحمل الأعياد المقبلة مختلف فئات اللبنانيين على تناسي ما في صدورهم من أحقاد تجاه بعضهم، وأن يتصالحوا ويعقدوا الخناصر على إنهاض بلدهم مما يتخبط فيه من مشاكل تبدو مستعصية.

ورحب المطارنة في بيانهم بزيارة العماد ميشال عون الذي عرض لهم نظرته إلى الأوضاع الراهنة، وتداولوا وإياه شؤونا وطنية مختلفة، عسى أن تعود بالخير وبالوفاق على جميع اللبنانيين.

من جهته، قال النائب عون بعد الاجتماع «الزيارة اليوم كانت مناسبة مهمة جدا قال عنها بعض الأحبار (المطارنة) إنها تاريخية، التقينا فيها مجلس المطارنة الموارنة، وأجرينا عرضا لواقع السياسة اللبنانية، وعن الأحداث التي جرت في الآونة الأخيرة على الأقل، وما سبقها من أحداث مهمة تتعلق بلبنان». أضاف «وفي العرض، طرحت أسئلة، وقدمت إيضاحات حول السياسة، وأعتقد أنها كانت ضرورية لتوضيح المواقف والمنطلقات السياسية في هذه المواقف، كونها تزيل الغموض من ناحية المنطلق والغاية التي من أجلها اتخذ الموقف، يمكن القول عنها (مش (ليست) مصارحة) لأن المصارحة دائما جزء من حديثنا، ولكن توضيحات وخلفيات يمكن أن يلتبس على الإنسان معناها أحيانا لأنه لا يملك المعطيات.. أعطيت الكثير من المعطيات الجديدة في هذا اللقاء، وأعتقد أن نتائجها ستكون ممتازة على صعيد العلاقات». وتابع: «طبعا تسألون لماذا نحن هنا؟ تعرفون أن البطريركية المارونية هي مرجع تاريخي، وكان لها دائما الدور المميز في حياة وتاريخ لبنان، وفي إنشاء لبنان الكبير بمساعدة غبطة البطريرك الحويك الذي كان في حينه في السدة البطريركية».

وسئل: هل الزيارة اليوم تعتبر صفحة جديدة بين الرابية وبكركي بعد التوتر الذي كان قائما في السابق؟ فأجاب: «جرى توضيح للمواقف وخلفياتها، والشرح لم يكن من طرف واحد بل من كل الأطراف». أما عن موضوع سلاح «حزب الله» فقال «هناك نقاط توافق، ونقاط كان فيها تباين في وجهات النظر التي بحثت في إطار شمولي معين، لأنها لا يمكن تجزئتها». وأضاف: «أنا سعيد جدا اليوم لأن هذا الاجتماع حصل، وإن شاء الله سيكون هذا الاجتماع محطة تاريخية». وتابع: «لم نقم بحسابات جارية، وكل المواقف تم شرحها بوضوح مع خلفياتها وأسبابها، وكل إنسان له قناعاته، والوضوح الذي ساد خلال الاجتماع سيكون له الكثير من الإيجابيات لمصلحة المسيحيين خصوصا واللبنانيين جميعا».

إلى ذلك، أعلن أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان أن اللقاء بين عون والبطريرك الماروني له الكثير من النواحي الوطنية والمسيحية، وهو ليس محصورا بناحية معينة إنما هو شامل وكامل. وقال إن عون وصفير بحثا في عمق الملفات والاستراتيجية الوطنية للمسيحيين، وهناك مساع لتوضيح التباينات والاختلافات بين الرجلين.