مهرجان «سيد الروح» يجمع للعام الثاني على التوالي أديان العراق تحت خيمة بغداد

وزير الداخلية: هناك اختلاف كبير بين 2008 والآن.. وندعو المسيحيين للعودة إلى بلدهم

وزير الداخلية جواد البولاني، وقائد الصحوات الشيخ أحمد أبو ريشة، يشاركان مع مسؤولين آخرين في مهرجان «سيد الروح» في بغداد، أمس («الشرق الأوسط»)
TT

جمع شارع أبو نواس على ضفاف نهر دجلة في بغداد أمس، وللعام الثاني على التوالي، أبناء مختلف الديانات والطوائف في العراق في إطار مهرجان «سيد الروح» الذي تنظمه وزارة الداخلية كمبادرة منها لجمع جميع أديان العراق والاحتفال بمولد السيد المسيح ومشاركة مسيحيي العراق فرحتهم بهذه المناسبة. وأكد وزير الداخلية جواد البولاني لـ«الشرق الأوسط» أن المهرجان «هو رسالة لجميع العراقيين والحكومة أيضا بأن وزارة الداخلية ليست مؤسسة أمنية فقط، بل هي مؤسسة مهمتها الأساسية نشر السلام والمحبة والوئام بين مكونات المجتمع العراقي لا من خلال محاربة الجريمة فقط، بل بإقامة هكذا كرنفالات احتفالية فنية تخصص للمجتمع العراقي قبل كل شيء»، مؤكدا أن هناك أنشطة أخرى غير مهرجان «سيد الروح» وذلك «لخلق حيوية للمجتمع بعد أن نجحنا في تحقيق خطتنا الأمنية، وهنا نحتاج لإعادة تحريك المجتمع، ولم تسجل لدينا أي حادثة أمنية تذكر مؤخرا، وحتى الجريمة الجنائية كانت محدودة، وأعتقد أن الصورة اليوم تتكامل في ظل الأمن الذي تحقق، فالأمن مهم لتحريك كل مفاصل الدولة بعد أن كان العراق يواجه تحديا إرهابيا واضحا وكبيرا». وأكد أن «هناك جهدا استثنائيا لتحقيق الأمن للكنائس والأديرة بشكل خاص، وهي رسالة نبعثها لأهلنا في الخارج، وأن وزارة الداخلية بذلت تضحيات كبيرة وهي تؤسس لعمل مهني واحترافي أمني، ونود أن تصل رسالتنا بقوة للمسيحيين العراقيين ونتمنى عودتهم من خارج العراق». وبشأن ما يحدث في الموصل من أعمال عنف، قال إن «إجراءاتنا في كثير من مناطق العراق، خاصة الموصل. هناك قيادة عمليات كل ما تحتاجه يتم تقديمه لها بشكل مباشر، وهناك تعزيزات لمحاربة بقايا (القاعدة) والإرهاب في الموصل، واليوم أفضل بكثير من أمس، وأيام العيد هي خير دليل على تحسن الأمن، وكذلك احتفال العراقيين في كثير من المناطق بشكل كامل». وقال البولاني: «ضماناتنا للأقليات العراقية، خاصة للموجودة في الخارج هي أن الكثير مما تحقق يشكل عنصر جذب لعودة الكثير من العراقيين بالخارج، وهي الرسالة المهمة التي نحاول إيصالها للكل بأن الظروف تتحسن وهي دعوة لكل العراقيين بمختلف تخصصاتهم بالعودة، والأمن ليس جيشا وشرطة، بل هناك منظومة أمن اجتماعي يحققه المواطن باعتباره شريكا معنا لتحقيق الأمن». من جهته، قال مدير إعلام وزارة الداخلية علاء الطائي على هامش الاحتفال الذي حضره أيضا عدد من أعضاء مجلس النواب ومجلس محافظة بغداد ووزيرة حقوق الإنسان وقادة أمنيون ومثقفون وأدباء وفنانون: «نعتقد أن العام الحالي أفضل بكثير من العام الماضي كوننا تمكنا من معالجة بعض الاختلالات، وسنحرص على إقامة هذا المهرجان بشكل سنوي»، مشيرا إلى أن الظروف الأمنية «تحتاج إلى سقف زمني ومعززات من الأجهزة الأمنية ومدى استعدادها، والداخلية معنية بإيجاد منظومة أمنية لحماية الأقليات، ولهذا فضلنا مشاركة أبناء الطائفة المسيحية ونشر السلام والتعايش». وتتعرض كنائس المسيحيين في العراق باستمرار لاعتداءات، ما أرغم عشرات الآلاف من أبناء طوائفهم على الفرار إلى الخارج أو اللجوء إلى مناطق الشمال. وتشير تقديرات إلى أن عدد المسيحيين في العراق كان أكثر من 800 ألف نسمة قبل الاجتياح الأميركي، لكنه تضاءل كثيرا بسبب الهجرة، فيما نزح قسم كبير إلى الشمال بعدما تعرض لعمليات قتل وخطف وتهجير من جانب متطرفين. نور عيسى، رب عائلة مسيحية قال لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتكاك بين الطوائف «يقرب المسافات، لكننا لا نحتاج لمهرجانات للتقارب بيننا، لأن واقع المجتمع العراقي متنوع ومتداخل»، مؤكدا أن «الوضع الحالي في بغداد طبيعي، وتراجعت عمليات استهداف الأقليات، والأمر الآخر هو أن المجتمع العراقي انفتح على العالم وأصبح أكثر وعيا، وكثير من أقربائنا عادوا إلى بغداد من سورية وشمال العراق بعد إن هجروا أثناء الحرب الطائفية التي طالت الأقليات أيضا، كما عادت أوضاع المناطق لسابق عهدها بعد أن أصبحت (كانتونات) في الأعوام الماضية». وتخلل الحفل معرض للرسم وإلقاء قصائد شعرية وتوزيع هدايا على الأطفال، كما أنشدت فرقة موسيقية أغنيات تراثية. وقام وزير الداخلية بتكريم وزيرة حقوق الإنسان وجدان ميخائيل ووكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي وبطريرك طائفة الكلدان الكاردينال عمانوئيل دلي وأستاذ كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد مفيد سليمان، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. كما تم تكريم الممثل جواد الشكرجي وشدراك يوسف المعلق الرياضي الذي اعتاد الجمهور على سماع صوته في مباريات كرة القدم. وقالت امرأة عرفت نفسها باسم «أم فيرا» (35 عاما) حضرت الاحتفال مع ابنتيها: «هذه أول مرة أحضر الاحتفال، إنها مبادرة جميلة أن يذكروا المسيحيين في أعيادهم». وأضافت: «لا يوجد فرق بين مسيحي ومسلم. نعيش بسلام على الرغم من الظروف الأمنية السيئة».