الصومال: هجوم انتحاري يودي بحياة 19 شخصا بينهم 3 وزراء وصحافيان

شريف يتهم جهات خارجية مرتبطة بـ«القاعدة».. و«الشباب» تنفي وقوفها وراءه

صبي صومالي ينظر إلى الدمار الذي سببه هجوم انتحاري في احدى قاعات فندق شامو في مقديشو أمس أثناء الاحتفال بتخريج دفعة من الطلبة الجامعيين (إ.ب.أ)
TT

لقي ثلاثة وزراء في الحكومة الصومالية و16 شخصا مصرعهم، وأصيب أكثر من 60 شخصا في هجوم انتحاري وقع أمس في مقديشو. واستهدف الهجوم، الذي نفذه انتحاري، حفل تخرج طلبة إحدى جامعات العاصمة الصومالية. والوزراء الثلاثة الذين لقوا مصرعهم هم وزير التربية والتعليم، محمد عبد الله واييل، ووزير التعليم العالي، إبراهيم حسن عدو، ووزيرة الصحة، قمر آدم علي. وتضاربت الأنباء بشأن طبيعة هذا الهجوم الانتحاري. ففي الوقت التي تحدثت فيه بعض المصادر، أن انتحاريا كان يرتدي حزاما ناسفا فجر نفسه في منصة الضيوف أثناء الحفل، أشارت مصادر أخرى إلى زرع عبوة ناسفة في المكان قبيل وصول المسؤولين الحكوميين إلي موقع الحفل. وقال مسؤولون أمنيون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظرا لحساسية الموضوع لـ«الشرق الأوسط»، إن انتحاريا فجر نفسه في القاعة التي كانت تحتضن حفل التخرج.

وأوضح المسؤولون ذاتهم أن 5 من وزراء الحكومة كانوا ضمن الحاضرين في الحفل، وأن 3 منهم لقوا مصرعهم، فيما أصيب آخر هو وزير الرياضة سليمان علاد روبلي، ونجا الخامس بأعجوبة.

وزادوا قائلين: «المئات من المسؤولين الحكوميين وأطباء وصحافيين والطلاب الخريجين كانوا موجودين في قاعة الاحتفال عند وقوع الهجوم الانتحاري». وأسفر الهجوم أيضا عن مقتل ثلاثة من كبار الأطباء المعروفين في الصومال، وصحافيين هما مراسل راديو شابيلا المحلي، محمد أمين عبد الله، حسن الزبير مصور قناة «العربية» الفضائية.

ومن جهته، قال رئيس الشرطة الصومالية الجنرال عبدي قايدبيد لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث مجزرة مروعة للغاية، الأشلاء والدماء تغطي المكان. وأوضح قايدبيد، الذي كان موجودا في إحدى المستشفيات التي تم نقل الجرحى والمصابين إليها، «المشهد هنا لا يمكن وصفه، تعجز الكلمات عن رسم صورة المشهد المؤلم».

إلى ذلك، ندد الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، بالهجوم الانتحاري، وقال في مؤتمر صحافي عقده بالقصر الرئاسي، إن جهات خارجية تقف وراء الهجوم، مشيرا إلى أن بلاده تتعرض لاجتياح تنظيم القاعدة ة، ودعا الشعب الصومالي إلى مواجهة الخطر المتزايد لـ«القاعدة». ووقع الانفجار في فندق شامو، الذي يقع في منطقة تخضع لسيطرة الحكومة الانتقالية، ويبعد أقل من كيلومتر واحد عن قاعدة تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. ورغم أن الفندق يخضع لحراسة أمنية مشددة، فانه تعرض للاختراق، ويعتقد أن الانتحاري تسلل بشكل سري إليه. وشكل اغتيال الوزراء الثلاثة نكسة جديدة للحكومة الانتقالية، ذلك أنهم كانوا يعتبرون من رموز الحكومة، وأنشط أعضائها. والهجوم هو الأسوأ من نوعه منذ يونيو (حزيران) عندما قتل متمردو حركة الشباب وزير الأمن الصومالي، و30 شخصا في تفجير انتحاري بفندق في بلدة بلدوين.

ولا تسيطر حكومة الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد، المدعومة من الغرب إلا على عدد من الشوارع في العاصمة الساحلية. وقال سكان في مقديشو قبل أيام من هجوم أمس، إن الحكومة كانت على ما يبدو تخطط لشن هجوم جديد على المتمردين.

وأدانت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي الحادث، وقالت في بيان لها: «يهدف هذا العمل الجبان وغير الإنساني إلى عرقلة عملية السلام، ولن يقلل عزم وتصميم الاتحاد الأفريقي على دعم شعب الصومال في سعيه للسلام والمصالحة».

وقال علي ياسين جيدي، وهو نائب رئيس منظمة علمان للسلام وحقوق الإنسان، إن أكثر من 40 شخصا أصيبوا، بينهم عميد كلية الطب بجامعة بنادر، الذي قال جيدي إنه نقل جوا إلى دولة كينيا المجاورة.

وذكرت قناة «العربية: الفضائية،التي يوجد مقرها في دبي، أن مصورها حسن الزبير قتل في الانفجار.

وأشارت أصابع الاتهام على الفور إلى حركة الشباب التي شنت هجومين انتحاريين على القاعدة العسكرية الرئيسية التابعة للاتحاد الأفريقي في مقديشو في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقتلت 17 جنديا من قوات حفظ السلام بينهم نائب قائدها. وتتهم الولايات المتحدة الحركة بأنها تحارب بالوكالة عن «القاعدة» في الصومال.

ونفى مصدر مسؤول في حركة الشباب مسؤولية الحركة عن الهجوم الانتحاري، وقال أمس لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لنا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما حدث وسمعنا به عبر وسائل الإعلام». وهددت الشباب في وقت سابق بضرب كمبالا، عاصمة أوغندا، وبوغومبورا عاصمة بوروندي لمساهمة البلدين بقوات في مهمة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، التي تضم 5200 جندي.

وتقول قوات الأمن الكينية، إن جنودها على الحدود مع الصومال على أهبة الاستعداد بعدما سيطر مسلحو الشباب على عدة بلدات صغيرة على الجانب الصومالي من الحدود في الأسابيع القليلة الماضية.

وقالت مصادر في شرطة مكافحة الإرهاب في كينيا أمس، إنها اعتقلت تسعة أعضاء في جماعة حزب الإسلام الصومالية المتمردة وصادرت 20 بندقية من طراز «ايه.كيه – 47» في كيونغا على الساحل بالقرب من الصومال وجزيرة لامو.

وقال مصدر بارز في مكافحة الإرهاب لـ«رويترز» إن المعتقلين هربوا على ما يبدو من قوات الشباب. وأضاف «ولأنهم كانوا مسلحين جيدا لكن مفلسين فنحن نشتبه بأنهم يجلبون أسلحة يمكنهم بيعها لمجرمين محليين حتى يكسبوا عيشهم».

وتوالت أمس ردود الفعل العربية والدولية المستنكرة للحادث. نددت فرنسا بالاعتداء الانتحاري، وأكدت مجددا دعمها للرئيس الصومالي، وذلك في بيان لوزير الخارجية برنار كوشنير.

وقال الوزير الفرنسي إن «فرنسا تدين بأشد العبارات الاعتداء الانتحاري، الذي استهدف طلبة وأعضاء في الحكومة»، الذي «يظهر مرة أخرى وحشية بعض الميليشيات».

وأضاف «نؤكد مجددا دعمنا التام للحكومة الاتحادية الانتقالية السلطة السياسية الشرعية الوحيدة في الصومال، وفرنسا مثل مجمل المجتمع الدولي، تقف إلى جانب الحكومة الاتحادية الانتقالية ورئيسها شيخ شريف».

وردا على سؤال عن مدى تقدم برنامج تدريب فرنسا الحراس الشخصيين للقيادة الصومالية اكتفى المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو بالقول، إن «الحكومة الفرنسية مصممة على العمل بشكل دائم على التوصل إلى إعادة السلم والاستقرار إلى الصومال».

وأضاف، أن «فرنسا تعمل بالتعاون مع مجمل شركاء الحكومة الصومالية على الكثير من الخيارات الإضافية» دون تقديم مزيد من التوضيح.

وكان عميلان لأجهزة التجسس الفرنسية توليا مشروع تدريب حراس شخصيين في مقديشو وذلك حتى خطفهما في 14 يوليو (تموز) الماضي. وتم الإفراج عن أحدهما في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتولى فرنسا في جيبوتي تدريب كتيبة من قوات الأمن الصومالية، قوامها 500 رجل.

ومن جهتها، نددت إسبانيا «بشدة» بالاعتداء. وقالت وزارة الخارجية الإسبانية في بيان، إن الحكومة «تعرب عن تنديدها الشديد» بالاعتداء و«تجدد دعمها للحكومة الانتقالية الصومالية، القوة السياسية الوحيدة المعترف بها دوليا».

كما أكدت إسبانيا من جهة أخرى «التزامها التام بمكافحة الإرهاب الدولي بكافة أشكاله».

ومن جهته، قال السفير إبراهيم الشويمى، مبعوث الجامعة العربية لدى الصومال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا يعتقد أن ما حدث سيؤدى إلى انهيار السلطة أو الحكومة»، مشيرا إلى أنه سبق وأن تم اغتيال وزير الدفاع وتعرض وزير الداخلية لمحاولة اغتيال.

وبدورها، أعربت نائبة رئيس المفوضية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاترين آشتون، عن إدانتها للانفجار، ووصفته بـ«العمل الإرهابي الجبان»، مؤكدة أن الحكومة الصومالية الانتقالية لا تزال تستطيع الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي لها في جهودها من أجل تعزيز الاستقرار والأمن في البلاد.

وأشارت آشتون إلى أن الصومال لن يستطيع النهوض بالأعباء الأمنية وإعادة بناء هياكل الدولة من دون عمل دولي منسق تشارك فيه كل الأطراف الدولية، والإقليمية والمحلية، مضيفة أن تعزيز الاستقرار في الصومال سيساعد كل دول المنطقة على المضي في طريق التنمية والازدهار.

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية أن قواتها البحرية اعتقلت 13 قرصانا صوماليا، وحررت اثنين من الصيادين التنزانيين بعد سيطرتها على سفينة هاجمت سفينة شحن ألمانية قبالة سواحل سلطة عمان.

وقال متحدث باسم الوزارة، إن القراصنة وجهوا عددا من الطلقات إلى السفينة «بي.بي.سي توجو» المملوكة لألمان، التي كانت ترفع علم انتيغوا وباربادو لكن طاقم السفينة تصدى للمهاجمين فلم يتمكنوا من اعتلائها.

وكان هذا أحدث هجوم في سلسلة هجمات شنها قراصنة مسلحون من الصومال الذي تعمه الفوضى على السفن المارة في ممرات ملاحية في المحيط الهندي وخليج عدن الاستراتيجي، الذي يربط أوروبا بآسيا عبر البحر الأحمر.

ووقع الهجوم الذي شنه القراصنة بزوارق سريعة بعد ظهر أول من أمس، وتمكن أفراد من السفينة «افرتسن» التابعة للبحرية الهولندية من السيطرة على سفينة القراصنة في تلك الليلة، واعتقلوا القراصنة ويبدو أنهم كلهم صوماليون.

واستسلم القراصنة دون مقاومة في خليج عدن على بعد 150 ميلا جنوبي ميناء صلالة في عمان.

وذكر المتحدث أن قوات البحرية الهولندية أفرجت أيضا عن اثنين من الصيادين التنزانيين ظلا في الأسر ثلاثة أشهر منذ أن سيطر القراصنة على زورقهما.

وأضاف المتحدث أنه سيتم تسليم القراصنة إلى السلطات في كينيا أو سيشل وبينهما وبين الاتحاد الأوروبي اتفاق لمحاكمة القراصنة المشتبه بهم.