لبنان يشارك في قمة «كوبنهاغن».. والبيان الوزاري يعد بمواجهة التلوث

565 مليون دولار فاتورة الكلفة السنوية للتدهور البيئي

TT

يكلف التدهور البيئي لبنان سنويا 565 مليون دولار أميركي بحسب الدراسة التي أعدها البنك الدولي، وإذا أضيفت إليها المشكلات الناتجة عن التغيرات العالمية كالتغير المناخي، ستصل هذه الخسائر إلى 655 مليون دولار. هذه الأرقام أعلنها وزير البيئة اللبناني محمد رحال، على هامش ورشة عمل نظمت في بيروت «حول تحديات الأزمة البيئية والإطار الانتقالي إلى خطط العمل البيئية الفعالة والفعلية في لبنان». وليس جديدا القول أن هذا الواقع الذي يحاصر اللبنانيين من كل حدب وصوب يؤثر على حياتهم ويومياتهم، بدءا من الماء والهواء والمأكولات مرورا بالحرائق والنيران التي تلتهم سنة بعد سنة ما تبقى من المساحات الخضراء في بلد الأرز، من دون أن ننسى ما يختزنه بحر لبنان من ملوثات متعددة المصدر وأهمها «جبال النفايات» التي «تبنى» على شواطئه وتخضع القرارات بشأنها إلى «المحاصصة السياسية اللبنانية» إضافة إلى الكارثة النفطية التي نتجت عن حرب يوليو (تموز) 2006 بعدما تسرب أكثر من 30 ألف طن من الفيول إلى البحر.

وفي خضم التحضيرات التي تجرى على قدم وساق في أنحاء العالم لقمة «كوبنهاغن» للتغير المناخي، التي سيشارك فيها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ووزير البيئة محمد رحال، والنائبان محمد قباني، ومروان حمادة، وسفير البيئة في الأمم المتحدة الفنان راغب علامة، جاء توقيت صياغة البيان الوزاري ليشكل محطة مناسبة لطرح الموضوع على طاولة تحرك الجمعيات البيئية التي طالبت بأن يكون الموضوع البيئي مدرجا بشكل جدي وواضح في البيان.

وفي هذا الإطار، أعلنت جمعية «إندي ـ أكت» البيئية أن لبنان» هش جدا «أمام تغير المناخ، وبالتالي فإن الآثار المحتملة هي زيادة في حرائق الغابات وجفاف وتناقص في الإنتاج الزراعي وتدمير المناطق الساحلية، وفي نهاية المطاف تصحر كامل، الأمر الذي سيقود لبنان نحو الخسارة النهائية لكيانه كدولة.

وبعد الانتهاء من صياغة البيان الوزاري جاءت الفقرة الخامسة منه لتشير إلى المخطط الذي ستعمل الحكومة وفقه لمواجهة التلوث البيئي اللبناني، إذ إضافة إلى تأليف لجنة وطنية لمتابعة مسائل التغير المناخي والتصحر، سيتم العمل لإيجاد مساحات خضراء في المدن والبلدات وإعادة تشجير مليوني شجرة سنويا في كل المناطق والوقاية من حرائق الغابات، وإيجاد حلول سريعة للمكبات العشوائية المنتشرة على الأراضي اللبنانية، والسير في اعتماد بدائل لمعالجة مشكلة النفايات الصلبة، بدءا من الفرز ووصولا إلى المحارق. كذلك، استكمال شبكات نقل المياه المبتذلة وتنفيذ محطات التكرير، وإطلاق خطة عملية بما فيها محفزات لاستبدال سيارات الأجرة بأخرى موفرة للوقود ووضع آلية لتحفيز استخدام التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة. ومن جهتهم اجتمع عدد من النواب اللبنانيين مع ممثلين من المجتمع المدني وأطلقوا «نداء بيروت إلى كوبنهاغن» وطالبوا من خلاله الدول العربية بالتحرك، نظرا إلى أنها من المناطق الأكثر تعرضا للتأثيرات السلبية المحتملة لتغير المناخ، معتبرين «أن كوبنهاغن موعدنا مع القدر، فإما أن نؤسس إلى اتفاقية قوية تنقذنا من هذه الكارثة أو نوقع على وثيقة انتحار».

وفي حين وجد نجيب معلوف، أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية، إيجابية في طرح هذه العناوين البيئية في البيان الوزاري ولا سيما في ما يتعلق بإنشاء لجنة وطنية لمتابعة التغير المناخي، لفت إلى أنه يفتقد إلى فقرة مهمة كانت قد ذكرت في البيان الوزاري لعام 2000 وهي تلك المتعلقة بإنشاء المؤسسة الوطنية للبيئة، التي تعنى بإجراء الأبحاث العلمية والدراسات لتقديمها للوزارة للقيام بالخطوات اللازمة لإصلاح المشكلات البيئية. وقال معلوف لـ«الشرق الأوسط» «كل شيء قابل للتنفيذ متى وجدت الخطة والنية للعمل، وهذا ما لمسناه من رئيس الحكومة سعد الحريري، وبالتالي فإن ما ستقوم به الحكومة في الأشهر الأولى من عملها سيكون كافيا لإظهار مدى الجدية في التعامل مع هذا الأمر». وأشار إلى أن «السير قدما في هذه الخطة يجب أن يبدأ من إعفاء السيارات الهجينة (الموفرة للوقود) من تكاليف الجمارك وتقديم التحفيزات المادية التي تشجع المواطن اللبناني على شراء الأدوات والمعدات الموفرة للطاقة، لا سيما أن لبنان يعتبر من الدول التي تعاني من الهدر في الطاقة، رغم أنه يكاد يكون البلد الوحيد الذي تنقطع فيه الكهرباء». وفي ما يتعلق بميزانية وزارة البيئة المنخفضة التي لطالما شكلت حجة للمسؤولين لعدم تنفيذ المشروعات الضرورية، يقول معلوف «في هذه الوزارة بالتحديد هناك ميزانية معلنة وأخرى خفية وهي أضعاف الأولى، إذ تعتمد على المساعدات التي تقدمها الدول والجمعيات للوزارة ولا تتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح».

وعن تأثيرات التغير المناخي على لبنان، أشار معلوف إلى أن «ما يحصل اليوم على الصعيد البيئي في لبنان وعلى رأسها الحرائق التي تقضي على الثروة الحرجية، هو جرس إنذار ومؤشر للتغيرات التي ستحصل في السنوات المقبلة، إذا لم يتم تدارك الأمر». ولفت إلى أن «لبنان سيكون أقل تأثرا في القطاع السياحي، لا سيما أنه لدينا مساحات كبيرة من الشواطئ، إضافة إلى أماكن سياحية متعددة من الآثار والمناطق الجبلية، التي يمكن للسائح أن يقصدها إذا قضى ارتفاع المياه على الشواطئ. لكن لبنان لن يكون بمنأى عن الفقر المائي، الذي سيصاب به في حدود عام 2025 إذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم فكيف مع مستجدات التغير المناخي؟».