سورية: اقترحنا على ساركوزي تبادلا تدريجيا لليورانيوم الإيراني

سعيد جليلي يجري محادثات مع الأسد في دمشق.. ويلتقي خالد مشعل

الأسد وجليلي خلال مباحثاتهما في دمشق أمس (رويترز)
TT

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس حق إيران في التخصيب السلمي لليورانيوم وأهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين بما يخدم أمن واستقرار المنطقة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا). وقالت الوكالة إن الرئيس السوري أكد خلال استقباله أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران سعيد جليلي «حق إيران كما هو حق الدول الأخرى الموقعة على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية بالتخصيب السلمي»، كما شدد الرئيس السوري على «أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين سورية وإيران بما يخدم أمن واستقرار المنطقة وشعوبها». وتابعت الوكالة أن الأسد وجليلي استعرضا «علاقات التعاون المميزة» التي تربط البلدين، و«الحرص المستمر من قبل قيادتي البلدين على تعزيزها وفتح آفاق جديدة تخدم مصالح الشعبين الصديقين».

من ناحيته كشف وزير الخارجية السوري وليد المعلم في أثناء مؤتمر صحافي مع جليلي عن أن الأسد اقترح خلال مباحثاته الأخيرة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس أن يتم تبادل اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب واليورانيوم عالي التخصيب بصورة تدريجية، موضحا أن الأسد في أثناء زيارته الأخيرة إلى باريس أكد أن «سورية لا تقوم بالوساطة في هذا الملف لكنها تدعم ما تنص عليه اتفاقية منع انتشار الأسلحة وحق إيران في تخصيب اليورانيوم والاستخدام السلمي للطاقة الذرية». وأضاف أن الأسد «اقترح ضرورة تركيز الجهد على حل سياسي من خلال الحوار»، مضيفا أنه «عندما تظهر إيران رغبتها في الحصول على اليورانيوم بتخصيب 20% للاستخدام الطبي فهذا مؤشر على نواياها بالاستخدام السلمي للطاقة النووية».

وأضاف المعلم أن «العقوبات ضد إيران غير مجدية، كما نؤمن أن القرار الذي اتخذه مجلس المحافظين في الوكالة الدولية غير مجدٍ»، معبرا عن أمله «في أن لا تصل الأمور إلى مرحلة المجابهة أو فرض عقوبات لأنها ستقطع الطريق أمام الحوار السياسي».

فيما أكد جليلي أن «إيران وفت بكل التزاماتها وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي ملتزمة بجميع حقوقها في هذا الاتجاه»، معتبرا أن «أكبر ضربة توجه إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي أن البُلدان التي تفي بواجباتها لا تتمكن من الحصول على حقها في إنتاج الطاقة النووية السلمية». وفيما يتعلق بمخاوف الغرب من البرنامج النووي الإيراني، قال جليلي: «اليوم تلاحظ شعوب العالم أن البُلدان التي تمتلك أسلحة الدمار الشامل وتنتج هذا السلاح لا تقوم بأي إجراء من شأنه الحد من هذه الأسلحة، بل تقوم بالترويج له». وتابع: «أن تقوم تلك القوى من أجل تحقيق مقاصدها السياسية بوضع شروط سياسية، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشعوب لا يمكن أن تثق بتلك القوى وستزيد من مقاومتها للحصول على حقوقها».

واعتبر جليلي أن «الشعوب جادة في الدفاع عن حقوقها، وتيار المقاومة يزداد يوما بعد يوم والقوى التي تريد ممارسة الضغوط للحيلولة دون حصول الدول على حقوقها قد أخفقت».

كما نوه جليلي بالعلاقات الاستراتيجية وعلاقات الصداقة التي تربط بين سورية وإيران، وأشار إلى زيارته العام الماضي إلى سورية، والتي تم خلالها التباحث بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة، وقال إن «إيران وسورية كانتا حينها البلدين اللذين دعما مقاومة الاحتلال»، معتبرا أنه «بعد مضي عام نلاحظ أن هذه النظرة أصبحت مقبولة ومتبناة على المستوى الدولي». وقال: «نظرتنا المبدئية للمقاومة تقوم على أساس أن الذين يقدمون الدعم للمقاومة لا يدعمون بلدا معينا أو جماعة معينة، وإنما يدعمون الإنسانية برمتها».

ووصف جليلي لقاءه بالأسد بأنه جيد جدا، معتبرا أن العلاقات الاستراتيجية العميقة وما يحدث على الساحة الدولية يستدعي القيام بهذه المشاورات واللقاءات، «خصوصا أن صحة النظرة المشتركة للبلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية تثبت اليوم أكثر من أي وقت مضى». وكان جليلي قد وصل إلى دمشق مساء الخميس في زيارة تستغرق يومين التقى خلالها كذلك مع نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، بحضور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية وسفير سورية في طهران وسفير إيران في دمشق والوفد المرافق لجليلي.

وقالت مصادر مطلعة إن جليلي التقى كذلك رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة أحمد جبريل، حيث بحث مع كل منهما على حدة تطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية والمصالحة بين فتح وحماس. وأوضحت المصادر أن لقاء جليلي مع مشعل حضره سفير طهران لدى دمشق سيد أحمد موسوي، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وعضو المكتب السياسي محمد نصر.

وكانت زيارة جليلي إلى دمشق، وهي الثانية هذا العام، قد عكرها تفجير أوتوبيس في حي السيدة زينب في دمشق مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، كما أعلنت السلطات السورية. وتردد أن جليلي سوف يغير برنامج زيارته ويزور منطقة التفجير التي يؤمها عدد كبير من الحجاج الإيرانيين، إلا أن برنامج جليلي سار كما كان مقررا سلفا دون تغيير.

وتأتي زيارة جليلي لسورية وسط توتر حول الملف النووي الإيراني، وذلك بعد أن قالت إيران إنها تنوي بناء 10 محطات جديدة لتخصيب اليورانيوم، وتخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. إذا خصبت إيران اليورانيوم بتلك النسبة فإنه يمكنها أن تسارع في تخصيبه بدرجة أعلى كثيرا مما يتيح لها تسريع إنتاج يوارنيوم يكفي لسلاح نووي لو أرادت.