عدوى الاستفتاء السويسري تصل إلى فرنسا: 46% يعارضون بناء المآذن

تصاعد نسبة الرافضين لبناء المساجد والمآذن على خلفية الجدل حول البرقع والهوية الفرنسية

TT

وصلت عدوى الاستفتاءات حول بناء المآذن من سويسرا إلى فرنسا. وكانت فرنسا أصلا غارقة في الجدل حول ارتداء البرقع الذي لم يخفف من حدته تشكيل لجنة مختصة غرضها إجراء جولة واسعة من المشاورات بغرض تقديم مقترحات للحكومة تمكنها من التعاطي مع هذه الظاهرة التي قال عنها رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي إنها «لا مكان لها في فرنسا».

وجاء طرح موضوع «الهوية الوطنية» على النقاش العام بمبادرة من «وزير الهوية الوطنية والهجرة» إريك بيسون ليزيد الجو تكهربا و«لينفر» المسلمين، مواطنين فرنسيين ومقيمين، وليعزز مخاوفهم من أن يكون كل هذا الضجيج على حسابهم. وليس سرا أن مواضيع مثل الهجرة والأمن والهوية وقيم الجمهورية والاندماج الاجتماعي تعود إلى واجهة البازار السياسي كلما اقترب استحقاق انتخابي، وأن الانتخابات الإقليمية ستجرى في فرنسا في شهر مارس (آذار) القادم. لكن «الموجة» الجديدة تبدو عابرة للحدود ومؤهلة لأن تتطور أكثر فأكثر خصوصا إذا أراد بعض السياسيين والأحزاب ركوبها لتحقيق منافع سياسية وانتخابية. وجاءت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهد «إيفوب» لصالح صحيفة «لو فيغارو» اليمينية ونشرت نتائجه أمس لتبين أنه لو طرح موضوع المآذن على الاستفتاء في فرنسا لما اختلفت النتيجة كثيرا عما كانت عليه في سويسرا، علما بأن الإسلام في فرنسا أقدم تاريخيا مما هو عليه في سويسرا، وأنه يضم ما يزيد على 6 ملايين شخص بحيث أصبح الديانة الثانية فيها. والأسوأ من ذلك أن استطلاع الرأي جاء بنتائج مفاجئة، إذ يبين أن نسبة الفرنسيين التي تعارض ليس إعلاء المآذن بل بناء المساجد على الأراضي الفرنسية هي إلى ازدياد قياسا لما كانت عليه قبل ثماني سنوات. فقد كانت هذه النسبة في عام 2001، أي عام الهجوم على نيويورك وواشنطن، لا تزيد على 22%، وهي وصلت في الاستفتاء الأخير إلى 41%. أما الذين لا يعارضون بناء المساجد فتراجعت نسبتهم إلى 19%، مما يشكل النسبة الأضعف منذ ربع قرن. أما بخصوص المآذن، فإن 46% من العينة المستفتاة ترفض بناءها، فيما نسبة 40% لا تعارضها. والوجه الأكثر إثارة في هذا الجانب أن موضوع المآذن لم يكن مطروحا في فرنسا، حيث إن المساجد المجهزة بمآذن قليلة العدد ومقصورة على المدن الكبرى، وهي في كل الأحوال لا تستخدم الأذان. ويؤكد توتر العلاقة مع المسلمين «استفتاء» إلكتروني أجرته الصحيفة نفسها وتجاوب معه 49 ألف شخص، وهو يبين أن 73% من العينة تؤيد منع بناء المآذن، وهي نسبة تزيد على المعدل العام في سويسرا (57%). ويعزز هذا المعطى ومقارنته بأرقام أوروبية أخرى أن الإسلام لم يقبل بعد كدين «طبيعي» في أوروبا، بل ما زال ينظر إليه على أنه «وافد» و«خطر». ويبدو أنصار اليمين، وفق تفاصيل نتائج الاستطلاع، الأكثر عداء لبناء المساجد والمآذن على السواء، بينما الأقرب إلى اليسار يبدون أكثر تقبلا. وثمة نسبة يمكن اعتبارها مرتفعة لا تبدو مبالية بهذا الموقف أو ذاك. ويجمع المراقبون على اعتبار أن هذه النتائج تعكس «حساسية» فرنسية وأوروبية إزاء الإسلام وعدم نجاح عملية الاندماج الاجتماعي والثقافي. وتتلازم رؤية الإسلام مع موضوع المهاجرين والضواحي والمرأة وأحيانا العنف. وكلها قابلة للاستعمال في الأزمنة الانتخابية خصوصا إذا غذاها الجدل حول البرقع أو الحجاب أو المرأة في الإسلام وخلافه. غير أن الفرنسيين متحفظون في أكثريتهم على ممارسة الديمقراطية الشعبية كما في سويسرا، إذ إن استفتاء أجري لصالح صحيفة «لوموند» بين أن 54% من الفرنسيين ضد طرح ووضع المآذن في استفتاء شعبي، فيما ايده 31% فقط. ويعطي الاستفتاء الأخير نتائج مختلفة بعض الشيء عن الأول، حيث إن معارضي منع المآذن لا يحصلون على الأكثرية ويبقون بحدود 45% (مقابل 55% للاتجاه المعاكس).