وزير الخارجية الصومالي لـ «الشرق الأوسط»: تفجير مقديشو يحمل بصمات «الشباب» و«القاعدة»

قال إن عمليات التفجير بهذه الكيفية ليست معروفة في الصومال أو حتى معظم دول العالم

شرطي كيني يفحص اسلحة تم العثور عليها بعد اعتقال صومالي يعتقد انه من حركة الشباب (رويترز)
TT

أعرب الكثير من مسؤولي الحكومة الصومالية والمجتمع الدولي عن شكوكهم في نفي حركة الشباب المتشددة والمناوئة للسلطة الانتقالية التي يقودها الشيخ شريف شيخ أحمد وللوجود العسكري الأجنبي في الصومال، مسؤوليتها عن الهجوم الإرهابي الذي وقع خلال حفل تخريج أطباء جدد بأحد فنادق العاصمة الصومالية مقديشو، مما أدى إلى مصرع 23 قتيلا من بينهم وزراء وصحافيون وأطباء، بالإضافة إلى جرح نحو أربعين آخرين.

وقال علي أحمد جامع (جانجلي) وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو، إن الطريقة التي تم بها الهجوم تحمل بصمات حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، لافتا إلى أن عمليات التفجير بهذه الكيفية وبهذا الأسلوب ليست معروفة في الصومال أو أفريقيا أو حتى معظم دول العالم.

وطبقا لروايات رسمية وغير رسمية فإن المهاجم دخل الحفل متخفيا في ملابس امرأة منتقبة، وجلس منصتا للكلمات لبعض الوقت، قبل أن يقترب من المنصة ويفجر نفسه. وأطلعت الشرطة فيما بعد الصحافيين على صور للجثة المشوهة.

وأكد وزير الخارجية الصومالي لـ«الشرق الأوسط» أنه عادة ما ترتكب حركة الشباب هذه الأعمال، وقال «علمت أنهم نفوا مسؤوليتهم عن هذا الحادث بسبب غضب الناس من حجم الدمار والخسائر، لكن لدينا شبهات وهناك أصابع لعناصر الشباب، وهم عادة يتصرفون هكذا».

وبعدما أشار إلى أن ما حدث هو هجوم على الحكومة والشعب، أضاف « لقد قتلوا وزراء وأطباء عديدين تخرجوا في الحفل، والكثير من المواهب. إنه هجوم شنيع وأنا على ثقة من أنهم عندما رأوا حجم الغضب الشعبي والدولي أعادوا النظر مجددا في إعلان المسؤولية».

وسئل: «هل نتحدث إذن عن تورط (القاعدة) و(الشباب) في الهجوم؟».. فقال «هناك مؤشرات، وهم اعتادوا في السابق القيام بعمليات إرهابية مماثلة. ليست لدينا حتى الآن أدلة قاطعة على تورطهم، لكننا سنقوم بإجراء تحقيقات موسعة وبعدما تنتهي سنعلن كل التفاصيل بما في ذلك الجهات التي تقف وراءها. علينا الانتظار لفحص الأدلة حتى نصدر حكما نهائيا وبعدها نحن مستعدون».

وسألته «الشرق الأوسط»: «هل ستطلبون مساعدات أمنية خارجية في التحقيقات؟».. فرد بقوله «هذا يعتمد على المحققين، إذا طلبوا خبراء، لديهم كل الصلاحيات، وليس لدي معلومات حول حاجتهم لمساعدات خارجية، لكن هناك حاجة إلى معرفة الحقيقة كاملة بالنسبة للعالم وللشعب الصومالي، وسنتشارك في كل المعلومات التي نحصل عليها مع الدول المعنية، وبالتأكيد مع شعبنا في الداخل».

وكان أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة إلى الصومال قد حمل من وصفهم بالمتمردين الإسلاميين المسؤولية عن معظم أعمال العنف الكبيرة التي عانت منها البلاد. وقال في تصريحات من العاصمة اليابانية طوكيو «أعتقد أنه أمر مفرط في الخيال الإيحاء الآن بأن من يقف وراء هذا القتل ليس الجماعة نفسها التي قتلت وزير الأمن والجماعة نفسها التي هاجمت قوات حفظ السلام والتي رجمت نساء وأطفالا حتى الموت».

ونفى شيخ علي محمود راجي المتحدث باسم حركة الشباب مسؤولية الجماعة عن التفجير الأخير، وقال «نعلن أن (الشباب) لم تدبر ذلك الانفجار.. ونعتقد أنه مؤامرة من الحكومة نفسها. ليس من طبيعة (الشباب) أن تستهدف الأبرياء».

وصرح راجي بأنه ظهرت منذ وقت طويل خلافات سياسية عميقة بين مسؤولين كبار في حكومة الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد الهشة التي تسيطر على مناطق محدودة من العاصمة مقديشو. وأضاف قوله «كما تعلمون هناك صراع على السلطة.. ويجري هذا منذ وقت طويل». وقال راجي: «نحن نعلم أن بعض من يسمون مسؤولين حكوميين تركوا ساحة الانفجار قبل دقائق من الهجوم. ولهذا فمن الواضح أنهم مسؤولون عن القتل».

وفى محاولة للنأي بالحزب الإسلامي عن الحادث، ندد الشيخ حسن طاهر أويس رئيس الحزب بالهجوم قائلا إنه من تدبير «أعدائنا الذين يريدون قتل المثقفين الصوماليين وإشاعة أجواء العداء لمنع المصالحة».

وأكد أويس أن هذا الهجوم «لا يمكن أن ينفذه صومالي، إنه من تدبير الأعداء، بالتعاون ربما مع عناصر أجنبية متآمرة تريد احتلال الصومال»، في إشارة إلى قوات حفظ السلام المكونة من نحو أربعة آلاف جندي من بوروندي وأوغندا والتابعة للاتحاد الأفريقي.

ويعتقد الكثير من المراقبين أن التفجير الأخير سيضعف هيبة السلطة الصومالية ويضعها على المحك، وسط مخاوف من نجاح المتمردين الإسلاميين في اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية الموالية لها.

لكن وزير الخارجية الصومالي جانجلي استبعد لـ«الشرق الأوسط» انهيار السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف منذ مطلع العام الحالي بسبب الهجوم الأخير، معتبرا أن هذا الهجوم الإرهابي لن يخيف أعضاء الحكومة ولن يمنع مسؤولي ترويكا السلطة الانتقالية (الرئيس والحكومة والبرلمان) من مواصلة عملهم.

وأضاف «لدينا مهمة نبيلة لمساعدة الشعب الذي وثق فينا، ولا شيء سيمنعنا من القيام بواجبنا في إعادة الأمن والاستقرار ومساعدة شعبنا». وتابع: «سنستمر في العمل في هذا الاتجاه لأن هذه مسؤولية كبيرة ومهمة نراها تحظى بتأييد الشعب»، مشيرا إلى أن الشيخ شريف أكد هذا المعنى أمس الأول وقال «إننا عازمون على العمل لصالح الشعب الصومالي ولتحقيق السلام، وإن ما حدث لن يخفينا أو يرعبنا بل إنه سيزيدنا عزيمة وإصرارا على المضي قدما في تحقيق الأهداف والمصالحة الوطنية».

ودعا وزير الخارجية الصومالي من وصفهم بـ«أصدقائنا في العالم العربي» إلى مساعدة الشعب والحكومة في هذا الوقت العصيب، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحتاج دعمهم ومساعدتهم. لدينا مهام كبيرة في تحقيق السلام والاستقرار. هناك أطراف دولية كثيرة تساعدنا ونعمل على تحقيق واستعادة الأمن المفقود في البلاد».