اجتماع ساخن للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي اليوم للحسم في مسألة استمرار المشاركة في الحكومة المغربية

علي بوعبيد: لا يمكن رهن الحزب بتجربة حكومية لا يتحكم فيها

TT

يعقد المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي (مشارك في الحكومة) اليوم اجتماعا له ببلدة بوزنيقة (جنوب الرباط)، وسط أجواء ساخنة بسبب تباين المواقف بين تيار يطالب بالخروج من الحكومة، تقوده شبيبة الحزب، وقياديين يتزعمهم علي بوعبيد، نجل الزعيم الاتحادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد، وبين أطراف أخرى تتمسك بالاستمرار في المشاركة فيها، على اعتبار أن الحزب مطالب بتنفيذ المشروع الحكومي الذي التزمت به الحكومة أمام البرلمان والشعب المغربي، وأن قرار الانسحاب من الحكومة تجاوز مرحلته.

وكان اجتماع عقده المكتب السياسي للحزب الثلاثاء الماضي برئاسة عبد الواحد الراضي، الأمين العام للحزب، ووزير العدل، خرج بقرار يقضي باستمرار المشاركة في الحكومة، وهو ما يؤشر إلى تصعيد الموقف من الأطراف الأخرى التي تطالب بالانسحاب من الحكومة والعودة إلى صفوف المعارضة، وتراهن على انعقاد اجتماع المجلس الوطني للضغط من أجل نجاح موقفها.

وفي هذا السياق، قال محمد لحميم، أحد قياديي «الشبيبة الاتحادية» (التنظيم الشبابي للحزب) لـ«الشرق الأوسط»، إن مسألة الخروج من الحكومة مرهونة أولا بالاستماع إلى التقرير السياسي الذي سيلقيه أمين عام الحزب، والذي سيحاول من خلاله تقديم إجابات سياسية، وقراءة لمجموعة من القضايا، من بينها ملف الانتخابات، ومسألة التعديل الحكومي.

وأضاف لحميم أن موقف «الشبيبة الاتحادية» خلال هذا الاجتماع سيكون ذا خيارين، إما أنها ستمارس الضغط من أجل تحقيق مطلب الخروج من الحكومة، أو أنه في حالة نجاح قرار الاستمرار في العمل الحكومي ستطالب بإقالة كل من الوزيرين عبد الواحد الراضي، وجمال أغماني، وزير العمل، بحكم أنهما عضوان في المكتب السياسي، كنوع من التدبير التوافقي، وخلق مسافة بين الأداء الحكومي والحزب.

وفي السياق ذاته، قال علي بوعبيد لـ«الشرق الأوسط» إن الذي يجب أن يناقش خلال اجتماع المجلس الوطني، هو مبدأ التنافي ما بين المهمة الوزارية، وبين مهمة الأمين العام للحزب. وزاد قائلا «إن الأمين العام للحزب لا يجب أن يكون وزيرا، حتى تكون هناك مسافة ضرورية بين الحزب والحركة الاتحادية الموجودة في الحكومة».

وشدد بوعبيد على القول إنه لا يمكن رهن الحزب بتجربة حكومية لا يتحكم الحزب فيها مائة في المائة.

وبرر بوعبيد موقفه الداعي إلى الانسحاب من الحكومة، بأن قياديي الحزب يعتبرون المشاركة في الحكومة من المسلمات، من دون أن يقدموا حججا مقنعة لاستمرار الحزب فيها، معتبرا هذه المشاركة «فرضية» يمكن أن تراجع أو تناقش من حيث المبدأ، على ضوء الوضعية الحالية من حيث الأغلبية التي نتجت عن الانتخابات، بالإضافة إلى الأداء السياسي للاتحاد الاشتراكي داخل الحكومة، الذي يرى فيه تقصيرا كبيرا.

وفي اتجاه آخر، نفى طالع السعود الأطلسي، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، وأحد قياديي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي اندمج وانصهر في الاتحاد الاشتراكي، الأخبار التي تتحدث عن احتمال احتجاج رفاقه «المندمجين» على إقصائهم من بعض مناصب أجهزة الاتحاد الاشتراكي كما كان متفقا عليه قبل الاندماج.

وقال الأطلسي لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد هناك تيار اسمه «المندمجون»، لأنهم أصبحوا منذ زمان اتحاديين.

وأضاف الأطلسي أن هم أي اتحادي اليوم، سواء الاتحادي القديم أو المندمج، هو أن تكون هناك أجوبة في الاتجاه الصحيح عن أسئلة سياسية راهنة، وأن يجري تقويم حقيقي لنتائج الانتخابات، وتقويم حقيقي للوضع السياسي.

ويرى الأطلسي أن المجلس الوطني الذي سيعقد اليوم وغدا، يجب عليه ألا يطرح أسئلة جزئية وقضايا ثانوية، بل أسئلة تتعلق بالجوهر منها: ماذا على الاتحاد الاشتراكي أن يفعل من أجل أن ينهض المغرب بمهام دشنتها مرحلة الانتقال الديمقراطي منذ قيام حكومة التناوب التوافقي؟.. والمهام التي أبرزها العهد الجديد مند تولي الملك محمد السادس الحكم سواء على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟

واعتبر الأطلسي أن طرح سؤال الانسحاب من الحكومة «تجاوزته المرحلة، لأن الموضوع يجب أن يطرح قبل الدخول إليها، وما دمنا قد دخلنا إلى الحكومة، فليس هناك مبرر جوهري يدعو للخروج منها، مثل وجود خلاف عميق من ناحية البرنامج أو من ناحية السياسة العامة للحكومة»، مؤكدا أن «المزاج لا يتحكم في الخطوات السياسية».

وأشار الأطلسي إلى أن الحزب عليه أن يستمر في الحكومة، وأن يطور أداءها، معتبرا أن الحديث عن الخروج من الحكومة غير مبني على أسس سليمة، والدليل، حسب رأيه، أن هناك أحزابا كثيرة عندما شاركت في الحكومة تقوت أكثر من السابق، عكس الأحزاب الأخرى التي لم تتقو، لأنها ظلت حبيسة المعارضة، فظلت صغيرة.

ورغم موقفه الداعي إلى الاستمرار في الحكومة، قال الأطلسي إن المجلس الوطني للحزب منح طرح موضوع الانسحاب من الحكومة بعدا «مثيرا» و«مشهديا»، على حد تعبيره، لذلك لم يستبعد أن يستجيب هذا المجلس، خلال اجتماعه، لطلب الخروج من الحكومة ترضية لبعض الأطراف.