كلينتون في بروكسل: واثقة من قدرة الدول الحليفة على إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان

راسموسين: حلفاء واشنطن سيرسلون 37 ألف جندي إضافي

TT

أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوج راسموسين بعد محادثات أمس في بروكسل أن الناتو وحلفاء واشنطن تعهدوا بإرسال 37 ألف جندي مقاتل إضافي إلى أفغانستان العام المقبل. ودعا قادة غربيون إلى إرسال أكثر من 40 ألف جندي إضافي في محاولة لهزيمة التمرد المرتبط بحركة طالبان. وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي أنها تخطط لإرسال 30 ألف فرد إضافي من القوات المقاتلة إلى قوة المساعدة الأمنية الدولية «إيساف» في أفغانستان.

وقال راسموسين: «تعتزم 25 دولة على الأقل إرسال مزيد من القوات للقيام بالمهمة في عام 2010 وعرضوا إرسال نحو سبعة آلاف فرد من القوات الجديدة وإرسال المزيد. وبإحصاء المساهمة الأميركية سيكون لدى (إيساف) 37 ألف جندي إضافي في عام 2010 أكثر من عددها هذا العام». ويمكن لذلك أن يرتفع العدد حيث يتوقع أن تقرر بعض الدول مثل ألمانيا تعزيز قواتها بعد انعقاد مؤتمر دولي عن أفغانستان في لندن مقرر في يوم 28 يناير (كانون الثاني) المقبل. وذكر راسموسين «إضافة إلى التعهدات الواضحة المدرجة بالفعل على المائدة لدينا. مؤشرات على أن حلفاء وشركاء آخرين يحتمل أن يعلنوا عن مزيد من المساهمات في الأسابيع والشهور المقبلة». وكان راسموسين رئيس وزراء الدنمارك السابق يتحدث في مقر الناتو في بروكسل بعد محادثات مع وزراء خارجية «الناتو» ودول «إيساف». وأقر المجتمعون استراتيجية جديدة تهدف إلى العمل على الحد من الخسائر في صفوف المدنيين الأفغان وتعزيز المصالحة مع مقاتلين مسلحين وتقوية اقتصاد البلاد والقضاء على الفساد الحكومي. وجاء في البيان الذي أقره الاجتماع «أن عملية إيساف ستعطي الأولوية لحماية الشعب الأفغاني وبناء قدرة أمنية أفغانية وتسهيل الحوكمة والتنمية».

وقال البيان إن الناتو يشارك الرئيس الأفغاني حامد كرزاي «التأكيد» على أهمية قضايا مثل محاربة الفساد وحماية حقوق الإنسان وألزم البيان أيضا أعضاء «إيساف» بمساندة الجهود الأفغانية الرامية إلى إعادة المقاتلين المسلحين إلى الحياة المدنية.

وذكر البيان «وافقنا (المجتمعون) على مساندة السلطات الأفغانية بشأن قضايا إعادة الدمج ومستعدون للمساهمة في عملية المصالحة ويجب أن تكون هاتان العمليتان بقيادة الأفغان».

وشدد راسموسين على أن الحلف يمكنه بدء تقليل عملياته في أفغانستان عندما تكون القوات المحلية الأفغانية قادرة على الدفاع عن الدولة. وقال البيان: «زيادة الدور القيادي لأفغانستان إجمالا يبقى هدفنا الأساسي.. تكتمل مهمتنا عندما تستطيع القوات الأفغانية تأمين بلادها».

من جهتها قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن هناك «سوء فهم» لما جاء في الاستراتيجية الأميركية، التي أعلن عنها الرئيس أوباما مؤخرا، وبالتحديد ما يتعلق بنقل المهام الأمنية إلى القوات الأفغانية والانسحاب الأميركي خلال عام 2011، وشددت كلينتون، في تصريحات لها ببروكسل، على أن بلادها ستقيم موضوع الانسحاب «حسب الظروف الميدانية التي يتم تقديرها في حينها»، موضحة أنها جاءت لحضور الاجتماع لمناقشة هذا الأمر مع زملائها في الدول الأعضاء بـ«الناتو»، وشرح مضمون الاستراتيجية الأميركية. وأعربت كلينتون عن ثقتها بقدرة «الدول الحليفة» للولايات المتحدة الأميركية، على إعلان إرسال المزيد من القوات والمدربين إلى أفغانستان تماشيا مع القرار الأميركي إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى هناك، وأشارت إلى رغبة واشنطن في «سماع» بعض الإعلانات الرسمية من قبل الدول الأوروبية الأعضاء في «الناتو»، حول إرسال قوات عسكرية أو مدربين إلى أفغانستان، سواء خلال اجتماع بروكسل أو بعده. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال فرانكو فراتيني، وزير خارجية إيطاليا، إن بلاده قررت رفع عدد جنودها بألف جندي، ونحن نرى أن الاستراتيجية الأميركية بشأن أفغانستان جيدة للغاية، وتتضمن أشياء يجب دراستها بشكل جيد وهذا الأمر كان محل مناقشات الوزراء في الاجتماعات التي عرفت مناقشات معمقة وجيدة، ونحن نهتم بدراسة القضايا الأمنية من كل الجوانب قبل اتخاذ أي قرار بشأنها، يأتي ذلك بعد أن قالت مصادر داخل الحلف إن الوزيرة الأميركية ركزت خلال مشاركتها في الاجتماعات، على حث الدول الحليفة على إرسال مزيد من «القوات والمدربين والموارد» إلى أفغانستان، مؤكدة التزام واشنطن والحلفاء «الدائم» تجاه أفغانستان وباكستان. وتعوّل واشنطن على دعم حلفائها في الحلف الأطلسي، بعدما أعلن رئيسها، باراك أوباما، قراره إرسال 30 ألف جندي أميركي إضافي إلى أفغانستان. ورحب وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، بإعلان نحو 20 دولة خلال الأسبوع الحالي عزمها إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان، ومن هذه الدول بريطانيا التي قررت إرسال 1200 جندي إضافي. غير أن ميليباند دعا شركاءه إلى بذل «أقصى» قدر من الجهود لتعزيز وجودهم العسكري والمدني في أفغانستان نظرا لأهمية «التحدي»، مذكرا بأن أفغانستان كانت «موئل الإرهاب الدولي». وأضاف ميليباند «في هذه اللحظة الحرجة، يجب على (الحلفاء في حلف الأطلسي) أن يتساءلوا ما إذا كانوا يبذلون قصارى جهدهم في المجالين السياسي والعسكري». ومع إعلان إيطاليا، الأربعاء، قرارها إرسال 5 آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان، يفترض أن يكون الهدف الذي وضعته واشنطن نصب عينيها، والمتمثل في إرسال ما بين 5 آلاف و7 آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان من قبل الدول الحليفة، سيتحقق من دون مشكلات. من جهة أخرى أكدت كلينتون أن قرارات أخرى من هذا النوع سيتم إعلانها بعد اجتماع بروكسل. ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون عسكريون من حلف شمال الأطلسي اعتبارا من الاثنين في مقر الحلف في مونس ببلجيكا لتقييم الوضع العسكري في أفغانستان. لكن المحادثات لن تتطرق فقط إلى التعزيزات، على ما أكد وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلي، بقوله أمام الصحافيين إن «تمحور النقاش حصرا على مسألة إرسال قوات إضافية ليس بالأمر المناسب من وجهة نظرنا». وشددت كلينتون على «رغبتها في أن تتمكن من شرح (القرار الأميركي) للدول الأخرى»، لا سيما أن بعض بنود الاستراتيجية الأميركية الجديدة، من مثل تضمنها موعد بدء الانسحاب الأميركي من أفغانستان في صيف 2011، أثار بلبلة في صفوف بعض الحلفاء. ولدى افتتاحه الاجتماع دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، إلى رص الصفوف.

وقال: «إذا كان مصير هذه الهيئة الدولية النجاح، وهو كذلك، فإن هذا النجاح يجب أن يكون ثمرة عمل جماعي حقيقي»، بين دول الحلف الأطلسي والأمم المتحدة والدول الـ43 المشاركة في القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، المجتمعة كلها في بروكسل.

غير أن وزير خارجية فرنسا، برنار كوشنير، ونظيره الألماني، غيدو فيسترفيلي، التزما خط الحذر الذي حددته حكومتاهما.

ويريد هذان البلدان انتظار المؤتمر الدولي حول أفغانستان المقرر في لندن في 28 يناير (كانون الثاني) قبل أن يبتا في احتمال زيادة مساهمتهما في أفغانستان، وكذلك في طبيعة هذه الزيادة المحتملة. ويخوض الحلف صراعا مع مسلحين على صلة بحركة طالبان منذ 8 أعوام، ويسعى جاهدا إلى تدريب السلطات الأفغانية على كيفية الدفاع عن بلدها وتنظيم أمورها حتى يتسنى للقوات الغربية العودة إلى بلادها. وتجرى المحادثات، التي يجريها الحلف بشكل منتظم كل شتاء، بعد 3 أيام من إعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن إرسال 30 ألف جندي إضافي من القوات المقاتلة إلى أفغانستان في إطار حزمة من الإجراءات تهدف إلى إنهاء الصراع الذي استمر طويلا. وأثار الإعلان الأميركي فيضا من التعهدات من جانب الدول الأعضاء الأخرى في «الناتو» وحلفائها لزيادة عدد جنودها في أفغانستان. وبحلول، أمس، تعهدت 26 دولة على الأقل من الدول الـ42 التي تساهم في قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) في أفغانستان بزيادة عدد جنودها، حسبما ذكرت مصادر من «الناتو». وتعهدت ألمانيا التي لا يتوقع أن تعلن عن أي زيادات أخرى للقوات حتى بعد مؤتمر دولي حول الحرب في أفغانستان يعقد في لندن في يناير المقبل بزيادة جهودها المدنية.