دول شرق آسيا تلبي أذواق العرسان العراقيين في الأثاث.. أمام تراجع المحلية

قالوا: رخص أسعارها شجعنا على الزواج

TT

تشهد الأسواق المحلية في محافظة البصرة إقبال العرسان على اقتناء غرف النوم المستوردة، ويعرب أصحاب محال بيع الأثاث عن دهشتهم لقدرة شركات دول شرق آسيا على تلبية أذواق العرسان العراقيين بما يتناسب مع رغباتهم وبأسعار معقولة، على نقيض الصناعة المحلية التي أدار العرسان ظهورهم لها لأنها بقيت على النمط القديم ناهيك عن ارتفاع أسعارها، وإن امتازت بالمتانة.

وتتراوح أسعار غرف النوم المستوردة بين 600 و1500 دولار، بحسب الحجم والموديل والنقوش واللون، وقال عروسان لـ«الشرق الأوسط» إن أصحاب المحالّ يعرضون داخل محالهم كل الموديلات المتوفرة لديهم، وهي طريقة أفضل مما هو معمول به لدى الصناع المحليين الذين ليس لديهم سوى مجموعة من «الكتالوجات» التي تضم صورا لنماذج من غرف النوم القادرين على تصنيعها بعد الاتفاق على الأسعار ومدة الإنجاز. ويقول عبد الخضر رسول (22 عاما): «تجولت وخطيبتي بين عدد من المحال التجارية المعروفة ببيع الأثاث لاختيار غرفة نوم بما يتناسب ووضعنا من حيث السعر والحجم وبما يتناسب وسعة الغرفة التي خصصها لي الأهل للزواج بها في نفس المسكن»، وأضاف: «تنوعت الأشكال والموديلات والألوان لغرف النوم المستوردة وبخاصة من الصين وماليزيا التي لا يخلو محل منها والتي ترضي بشكل عام طلبات العرسان وبخاصة النساء باعتبار أن الغرفة تشكل جزءا من مباهاة العروس».

ويرى محمد كاظم أبو آيات (نجار) إنه على الرغم من جودة الصناعة المحلية لغرف العرسان التي اشتهرت بها البصرة منذ أزمان بعيدة لما فيها من نجارين محترفين اعتمدوا على استخدام أجود أنواع الخشب بحرفية عالية لدرجة أن محتويات غرفة النوم تبقى مع الأزواج سنوات طويلة وتعود إلى حداثتها مجددا بعد طلائها كل عقد من الزمن وأحيانا تصلح أن تكون غرف نوم جديدة للأبناء وبخاصة في سنوات الحصار، فإن تلك الغرف باتت غالية الأسعار قياسا إلى الغرف المستوردة.

ويضيف أبو آيات أن «سبب ذلك يعود إلى نوعية الخشب وطريقة العمل حيث تلجأ الشركات الأجنبية إلى استخدام طرق المكننة الحديثة ولصق النقوش عليها في حين يعتمد النجارون على الصناعة اليدوية واعتماد طريقة الحفر على الخشب وهو بمثابة النحت علية بحيث تكون النقشة أو الزخرفة جزءا من اللوح الخشبي المستخدم في بعض من أجزائها»، مشيرا إلى أن «في المدينة من الحرفيين الماهرين الذين تعلموا المهنة من الذين سبقوهم في نجارة الشناشيل والبيوت التراثية التي ما زال رونقها باقيا حتى الآن».

وأوضح ماهر حميد (صاحب ورشة نجارة) أن بعض العائلات لا ترغب في الأثاث المستورد وتعتمد على اختيار غرف النوم من صناعة النجارين المحليين الذين يستخدمون أرقى أنواع الأخشاب ومن بينها الصاج والجاو، ولا يبالون بالأسعار قدر اهتمامهم بالجودة والمتانة، مؤكدا أن «الأثاث المستورد مصنوع من الخشب العادي وأحيانا الرقيق المكبوس بعضه على بعض بعد توسيط كميات من القش أو النشارة بينها.

ويرى خليل إبراهيم وخطيبته أن رخص الأثاث المستورد شجع الكثير من الشباب على الإقدام على الزواج، مضيفين: «وإن كانت تتصف بضعف الجودة فإنه بالإمكان تغييرها مستقبلا عندما تتحسن الأحوال».

من جانبه، قال الحاج كريم قاسم (صاحب معمل نجارة) إنه بعد عام 2003 أصبحت الأسواق العالمية مفتوحة امام التجار العراقيين للسفر والاستيراد إضافة إلى أن وسائل الاتصال الحديثة سهلت عملية التسويق وتلبية الطلبات، وأضاف أن «منتَج الصين يمنح حرية العمل أكثر من غيره من الأسواق لتوفره بأسعار مختلفة وحسب الدرجات، مما سهل أمام التاجر العراقي عرض سلعه بما يتناسب والقدرة الشرائية للزبائن، مشيرا إلى تصاعد الطلب على السلع المستوردة لأنها حديثة الصنع وتمتاز بجماليتها وموديلاتها الأنيقة إضافة إلى أسعارها المناسبة مقارنة بالإنتاج المحلي.

وأضاف قاسم أنه عمل في هذه المهنة منذ فترة طويلة من الزمن وقد ورثها من والده، موضحا أن الأثاث كان يُصنع بالاعتماد على الجهد اليدوي والآلات البسيطة كالمنشار وغيره من الآلات وكان لها رواج في الأسواق، أما اليوم وبسبب قلة الحرفيين وارتفاع أسعار المواد الإنشائية فقد أدى ذلك إلى توجه الناس إلى المواد المستوردة وبخاصة الأثاث والغرف من الصناعات الصينية والماليزية والتركية.