إيران تتحدث عن حاجتها لـ20 محطة تخصيب..وواشنطن وأوروبا ستتخذان قرارا الجمعة

مسؤول أميركي: مناقشات مكثفة داخل إدارة أوباما واتصالات دولية للإعداد للخطوة التالية.. بينها عقوبات دولية في يناير

قوات إيرانية من الحرس الثوري خلال تدريبات عسكرية مؤخرا لحماية المنشآت النووية (إ.ب.أ)
TT

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أمس أن بلاده ستحتاج إلى 20 مصنعا لتخصيب اليورانيوم بحجم مصنع نطنز (وسط)، لتلبية حاجاتها المقبلة إلى الطاقة النووية. وأعلنت الولايات المتحدة في المقابل أنها تتوقع أن يصدر المجلس الأوروبي في بروكسل يوم الجمعة المقبل، بيانا قويا ضد إيران، لكن، لم تعلن عن فحواه، فيما أكد مسؤول أميركي وجود مناقشات مكثفة داخل إدارة الرئيس باراك أوباما، واتصالات مع جهات دولية كثيرة، للإعداد للخطوة التالية، من بينها عقوبات ستصدر عن الأمم المتحدة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ونقلت الوكالة عن علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، قوله «لتوفير الوقود اللازم لمحطاتنا للطاقة النووية نحن بحاجة إلى 20 محطة لتخصيب اليورانيوم»، لكنه كرر أن طهران ليست في وارد الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. وأوضح أن إيران «تحتاج إلى إنتاج عشرين ألف ميغاوات (من الكهرباء النووية) مما يتطلب عشرين ضعفا (من كمية اليورانيوم المخصب التي يستطيع إنتاجها مصنع) نطنز». وأضاف صالحي أن الكمية النهائية لمصنع نطنز ستكون ثلاثين طنا من اليورانيوم المخصب في غضون عام، وهو ما يكفي لإمداد محطة نووية واحدة.

وبحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن مصنع نطنز أنتج نحو 1800 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المائة. وأعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هذا الأسبوع أن بلاده قررت بناء عشر مصانع جديدة لتخصيب اليورانيوم، وذلك ردا على قرار أصدرته الوكالة الذرية يدين طهران، وقد يمهد لإصدار عقوبات دولية جديدة ضدها. وأثار هذا الإعلان استياء الدول الغربية وروسيا التي تخشى أن تستخدم إيران قدرتها على تخصيب اليورانيوم لامتلاك سلاح نووي. وأكد صالحي أنه لا الإدانة «السياسية» ولا العقوبات المحتملة ستدفع طهران إلى تبديل نهجها. وقال «حان الوقت ليجتمع العقلاء حول الطاولة ويحاولوا إيجاد مخرج لهذه الأزمة المركبة».

ويقول محللون إن إيران بحاجة إلى أعوام إن لم يكن لعقود من الزمان من أجل توسع كبير لتخصيب كهذا، لكنهم يخشون من أن يزيد تمسك إيران بقواعد للإبلاغ عن النشاط النووي تعتبرها الوكالة مهملة، ومن احتمال أن تسعى طهران لتحويل نشاط التخصيب سرا «لإنتاج أسلحة». ويمكن أن يستخدم اليورانيوم المخصب في تصنيع الوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية أو في تصنيع قنبلة نووية إذا جرى تخصيبه بدرجة أعلى.

وتقول إيران إن أنشطتها النووية تهدف فقط لتوليد الكهرباء. وسجل إيران في إحاطة أنشطتها النووية بالسرية وعدم وجود محطات طاقة لاستخدام اليورانيوم منخفض التخصيب أقنع الغرب بأن طهران تخفي برنامجا لتطوير قدرة على إنتاج أسلحة نووية. واتهم صالحي الغرب بالمناورة لإجبار إيران على الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. وتابع «أعتقد أن الغرب يحاول إجبارنا على الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.. لا نعتزم الانسحاب من المعاهدة».

وفي خطوة نحو مزيد من العقوبات على إيران في يناير، أعلنت الولايات المتحدة أنها تتوقع أن يصدر يوم الجمعة المجلس الأوروبي في بروكسل بيانا قويا ضد إيران، لكن، لم تعلن واشنطن فحوى البيان.

وقال إيان كيلي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية «في ذلك الاجتماع، ستكون هناك مناقشات واسعة عن الخطوة التالية. يتوقع أن يصدر الاتحاد الأوروبي بيانا مكتوبا عن إيران. بينما يتحول تركيزنا نحو مسار ضغط».

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس»، عن مسؤول أميركي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، قوله إن الخطوة التالية بعد البيان الأوروبي ستكون في يناير (كانون الثاني) في صورة «جولة جديدة من عقوبات تصدرها الأمم المتحدة». وأضاف المسؤول «تستمر إيران في تحدي طلبات الكشف عن برنامجها النووي».

وأشار المسؤول إلى خطوات ربما سيتخذها مجلس الأمن، منها.. أولا: معاقبة الحرس الثوري الإيراني، مثلما فعلت واشنطن. ثانيا: معاقبة صناعة النفط الإيراني، مثلما يتوقع أن تعلن واشنطن. وقال المسؤول إن هناك مناقشات مكثفة داخل إدارة الرئيس أوباما حول الخطوة التالية. وإن الموقف الأميركي النهائي لم يحدد بعد. وأن مسؤولين أميركيين يخشون أن فرض حظر على النفط الإيراني سيرفع سعر النفط في السوق العالمية. وقال المسؤول: «نحن نبحث عن خطوة نتفق عليها كلنا. خطوة تكون فعالة، ولا تؤثر كثيرا على الشعب الإيراني».

وربطت وكالة «أسوشييتد برس» بين هذه الاتصالات والاجتماعات وبين تطورين مع مجيء شهر يناير.. أولا: نهاية فترة السنة التي كان الرئيس باراك أوباما حددها لتبرهن إيران خلالها على أن برنامجها النووي سلمي. ثانيا: بداية رئاسة جديدة للاتحاد الأوروبي، حيث ستخلف إسبانيا السويد وفي الوقت نفسه، تقوم هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، ونائبها جيمس شتايبيرغ، بجولة أوروبية تشمل اليونان وبلجيكا بهدف توحيد كلمة الأوروبيين حول الخطوة التالية.

بالإضافة إلى ذلك، تريد كلينتون ضمان تأييد آسيوي في مجلس الأمن ممثلا في روسيا والصين.

وفي بلجيكا، قابلت سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا، أول من أمس، وبحثا الموضوع، وفي الوقت نفسه، طلبت من ويليام بيرنز، مساعدها للشؤون السياسية، السفر إلى الصين، ويتوقع أن يجرى محادثات هناك يومي الثلاثاء والاربعاء. ويتوقع صحافيون ومراقبون في واشنطن أن تشمل الاتصالات الأميركية مع كل من الصين وروسيا عقد جلسة، قبل عطلة الكريسماس، للجنة الخماسية المكونة من أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين وألمانيا. غير أن هؤلاء المراقبين والصحافيين لاحظوا أن الصين ظلت تعارض عقد هذا الاجتماع، وتعارض التسرع في إصدار قرار معاقبة جديدة ضد إيران. في الوقت نفسه، يريد الأميركيون حسم موضوع العقوبات قبل الكريسماس، استعدادا لجلسات مجلس الأمن مع بداية يناير. لكن، وكالة الأنباء الفرنسية نقلت أمس عن مصادر قولهم إن كلا من روسيا والصين «صارتا قريبتين من الموافقة على فرض عقوبات جديدة على إيران». وقالت المصادر: «صار تحدي إيران للمجتمع الدولي في موضوع برنامجها النووي تحديا لصبر كل من موسكو وبكين. وزاد فرص تحول ترددهما إلى موقف معين». وأوضحت أن السبب الرئيسي مؤخرا كان إعلان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن إيران ستبني عشرة مفاعلات يورانيوم جديدة.

ويقول مسؤول أوروبي فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) «متفقة جميعها على رفض حيازة إيران السلاح النووي.. وتفكر بعقوبات جديدة». ونقلت على لسان دبلوماسي فرنسي في باريس أن روسيا والصين صارتا «أكثر رغبة» في فرض مزيد من العقوبات على إيران. لكنهما ترفضان أن تكون العقوبات «متشددة»، في إشارة إلى اقتراح في واشنطن بمعاقبة صناعة النفط الإيرانية. وقال المسؤول الفرنسي: «تتفق الدول الكبرى على أن إيران يجب ألا تحصل على سلاح نووي. لكن، تركز بعضها على فرض عقوبات جديدة».

وأمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن تردد روسيا والصين خف كثيرا بعد أن رفضت إيران اقتراح إرسال مخزونها من اليورانيوم إلى روسيا وفرنسا لاستعماله لأغراض طبية وإعادته إلى إيران، كما كانت إيران نفسها طبت ذلك. لهذا، في اجتماع الأسبوع الماضي للجنة الطاقة النووية العالمية التابعة للأمم المتحدة، صوتت كل من روسيا والصين مع قرار إدانة إيران. ولهذا، قال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن قرار مجلس الأمن القادم سيفرض مزيدا من العقوبات. لكن، سيعتمد نوع العقوبات على موقف كل من روسيا والصين، خاصة الصين، بسبب اعتمادها على النفط الإيراني، وبسبب علاقاتها الاستثمارية النفطية مع إيران.