الورقة الفرنسية تُدخل تعديلات أساسية على المقترح السويدي بخصوص القدس الشرقية عاصمة لفلسطين

رومانيا والمجر تعارضان.. ووزراء الخارجية الأوروبيون يجتمعون غدا للمصادقة على الصيغة

TT

لم ينجح سفراء الدول الأوروبية، رغم الاجتماعات المتتالية في بروكسل في الاتفاق على موقف موحد من المقترح السويدي الخاص بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وتواصلت المشاورات الليلة الماضية وستستأنف صباح غد حيث سيجتمع السفراء تمهيدا للقاء الأول لوزراء الخارجية في إطار مجلس العلاقات الخارجية الذي استحدثته معاهدة لشبونة وبحضور كاترين اشتون، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن الأوروبيين، التي سترأس المجلس ابتداء من الأول من يناير (كانون الثاني) القادم.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة في باريس وبروكسل أن تقدما كبيرا تحقق حول تعديل النص السويدي بناء على أفكار تقدم بها الوفد الفرنسي الذي طرح مسودة «خلاصات أعمال المجلس الأوروبي» تنص في بندها الثامن على «أن المجلس يذكر أنه لم يعترف أبدا بضم القدس الشرقية وفي حال قيام سلام حقيقي فإن الطريق إلى ذلك أن تكون القدس عاصمة لدولتي فلسطين وإسرائيل. وتدعو الفقرة نفسها إلى إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس وفق خارطة الطريق كما تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف كامل الممارسات التمييزية بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية.

وتدعو الفقرة الأولى من الورقة نفسها إلى ضرورة استئناف المفاوضات التي يجب أن تقود، خلال مهلة زمنية محددة ومتفق عليها، إلى حل الدولتين، مع قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية، متصلة الأراضي وقابلة للحياة تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة وتعيش بأمن وسلام «إلى جانب إسرائيل». وتذكر الفقرة أن السلام الشامل يجب أن يقوم على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادئ مدريد ومنها الأرض مقابل السلام وخارطة الطريق والاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين ومبادرة السلام العربية.

وتؤكد الورقة في بندها الثاني أن الاتحاد الأوروبي يدعم جهود الولايات المتحدة للعودة للمفاوضات على أساس معالجة مواضيع الحل النهائي بما فيها الحدود والقدس واللاجئين والأمن والمياه واحترام الاتفاقيات والتفاهمات السابقة. وتشدد الفقرة على أن الاتحاد الأوروبي «لن يعترف بأي تغيير في حدود عام 1967 إلا تلك التي يتفق عليها الطرفان» في إشارة إلى عملية تبادل الأراضي الممكنة بين فلسطين وإسرائيل وتحديدا إعطاء الفلسطينيين أراضي مقابل المستوطنات التي ستضمها إسرائيل نهائيا.

وإذا ما أقر وزراء الخارجية الورقة الفرنسية، فإن الاتحاد الأوروبي يكون قد تفادى الإشارة إلى تقسيم القدس من جديد وفق النص السويدي الذي سارعت إسرائيل إلى محاربته والضغط على أطراف أوروبية لإجهاضه. ويبدو المقترح الفرنسي كحل وسط. وعلمت «الشرق الأوسط» أن رومانيا والمجر تعارضان حتى نص التسوية الفرنسي. وعزت مصادر دبلوماسية في باريس موقف رومانيا إلى العراك السياسي المرتبط بالانتخابات بينما الموقف المجري بقي غير مفهوم إلا على ضوء تأييد بودابست الأعمى لإسرائيل. ومساء أول من أمس، سحبت إسبانيا التي سترأس الاتحاد الأوروبي ابتداء من الأول من يناير (كانون الثاني) القادم، تحفظها على التسوية. وكانت أوساط متابعة للمشاورات في بروكسل، قد فسرت تحفظ مدريد برغبتها في أن يتم صدور قرار كهذا تحت الرئاسة الإسبانية. وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى امتناع الولايات المتحدة عن الضغط على دول الاتحاد الأوروبي لدفعها إلى إجهاض المشروع السويدي، واعتبرت المصادر ذلك موافقة ضمنية أميركية على القرار الممكن صدوره. وفي السياق الفرنسي، ما زالت باريس تسعى لتوفير العناصر اللازمة للدعوة إلى مؤتمر للسلام لم تحدد حتى الآن تفاصيله الخاصة بالجهات المدعوة وبمستوى التمثيل والإطار الذي سيتم ضمنه، علما أن عدة مقترحات موجودة على الطاولة. وتنتظر فرنسا صدور موقف أميركي واضح مع خطة عمل معقولة. غير أن المتابعين يستبعدون أن تخرج هذه الخطة في القريب العاجل بسبب أولويات أميركية خارجية وداخلية ضاغطة على أجندة الرئيس. لذا تعتبر باريس أن ثمة نافذة دبلوماسية يتعين الاستفادة منها لتحقيق مثل هذا المشروع والبناء على «الجوانب الإيجابية» في قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي التجميد الجزئي والمؤقت للبناء الاستيطاني، وتشجيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) على الانخراط مجددا في المفاوضات التي يمكن أن يكون مؤتمر السلام باب العودة إليها على أساس مضمون القرار الأوروبي.