الحريري: سأحمل معي إلى دمشق ملفات لبنانية.. لا ملفات «14 آذار»

موعد زيارته المرتقبة كـ«رجل دولة» يتقاطع مع معلومات عن تورط «فتح الإسلام» في بعض الاغتيالات

سليمان يتسلم على مدخل قصر بعبدا العلم اللبناني من عدائين انطلقوا من قلعة راشيا إلى بعبدا لإحياء ذكرى الاستقلال (دالاتي ونهرا)
TT

كان تأكيد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لدى وقوفه عند «حاجز» الصحافيين الروتيني عند الباب الذي يستعمله لمغادرة «السراي الكبير» حيث مقر حكومته، أنه سيزور سورية، عنوانا للمرحلة المقبلة بعد نيل الثقة، خصوصا أن الحريري تعمد أن يبرر سبب زيارته بالسعي إلى «علاقات أخوية»، وبأنه اختار التواصل مع دمشق كرئيس لحكومة لبنان «رغم الخلاف السياسي بينه وبينها».

تبرير الحريري للزيارة التي تردد أنها ستكون في إطار جولة عربية وستبدأ في الرياض بعد نيل حكومته الثقة، كان بسيطا وفعالا: «اخترنا القول بأننا نريد علاقات أخوية مع سورية، لأن هذا ما نريده فعلا، ولأن العلاقات الندية قد تحققت بوجود السفارتين». وأضاف: «علينا أن نغير الأمور بإيجابية».

ورغم هذه البساطة التي اختار رئيس حكومة لبنان ـ بعدما أزاح قبعة تيار المستقبل جانبا ـ أن يعبر بها عن مبررات زيارته إلى سورية، فإن الحريري الابن، يفصل مشاعره كرجل دولة، عن مشاعره كابن لرئيس حكومة وزعيم سياسي كبير اغتيل في بيروت بعد حملة عنيفة شنت عليه من حلفاء سورية المقربين. ويقول النائب عاطف مجدلاني المقرب من الحريري أن زيارة زعيم كتلته إلى سورية «ليست زيارة ابن الشهيد رفيق الحريري، لكنها زيارة رئيس حكومة كل لبنان إلى سورية، وهو عندما وافق على أن يكون رئيس حكومة لبنان وافق على تقديم مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى».

والحريري سيضع يده بيد الرئيس السوري بشار الأسد «رجل دولة يصافح رجل دولة، وذلك بمعزل عن ملف المحكمة الدولية»، كما يقول النائب عقاب صقر وهو من كتلة الحريري أيضا، معتبرا أن «الكلام عن تبرئة وكأن القضية ثأر بين عائلتي الحريري والأسد لا يعبر عن حقيقة الأمور». وفي الإطار نفسه يؤكد صقر أنه «لا يوجد طرف في تحالف قوى 14 آذار يعارض أو يتحفظ أو يضع علامة استفهام على الزيارة، وهذه مواقف أبلغنا بها خلال اتصالاتنا وفي مواقف علنية لهذه القوى». ويشير إلى أن ما يريده الحريري من دمشق هو «ما يريده أي رجل دولة ورئيس حكومة للبنان من دولة عربية شقيقة وهي: علاقات أخوية متوازنة وحل لكل المشاكل والانتقال بالعلاقة الثنائية من مسار تناحري إلى مسار تنافسي ودي يحترم كل طرف فيه الطرف الآخر وسيادته ومصالحه وهواجسه».

ويشدد صقر على أن «الكل يدعم اليوم زيارة الحريري خصوصا وأنها تتم في ظل المصالحة العربية والجو الاستثنائي الذي نتج عن المصالحة السعودية ـ السورية التي كان للبنان دور أساسي فيها»، لافتا إلى أن زيارة الحريري المقبلة إلى دمشق هي «بداية مرحلة جديدة تفتح صفحة في العلاقات الأخوية العربية انطلاقا من العلاقة اللبنانية ـ السورية». ويذكر في السياق عينه بزيارة رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة إلى سورية عام 2005 التي تمت بإجماع كل الأطراف اللبنانية على الرغم من أن الأزمة بين البلدين كانت حينذاك في أوجها.

وإذ يسخر الحريري في مجالسه الخاصة من الكلام السائد في بعض الأوسط عن إنجاز ترتيبات الزيارة عبر «مقربين منه ومقربين من دمشق يزورونه»، فإنه يشير ـ كما ينقل عنه بعض زواره ـ إلى أن هذه الزيارة ستحمل الكثير من الملفات بين البلدين، لا الملفات العالقة بين «14 آذار» وسورية. وفي الإطار نفسه رأى وزير الأشغال العامة غازي العريضي المقرب من النائب وليد جنبلاط أنه «لا بد من أن تكون العلاقات بين البلدين واضحة، ولا بد من هيئة ناظمة لهذه العلاقات ننطلق بها من تجربة الماضي والحاضر للإطلالة بها على العلاقات بين لبنان وسورية».

واللافت في هذا المجال، أنه مع تزايد الحديث عن اقتراب موعد جولة الحريري العربية التي ستشمل سورية، تتزايد المعلومات التي تتناقلها بعض الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية عن «اعترافات» تفيد بأن منظمة «فتح الإسلام» هي من اغتالت النائب وليد عيدو، أحد أعضاء كتلة الحريري صيف عام 2006، بالإضافة إلى اغتيالها رئيس غرفة عمليات الجيش اللبناني اللواء فرنسوا عيد. وفي حين تستغرب مصادر قريبة من وكلاء الادعاء في جرائم الاغتيال محاولة «إغراق التحقيق الدولي بكم كبير من المعلومات المضللة»، تقول المصادر إن هذه المعلومات إن صحت، فهي مجرد دليل إضافي على «الاتهام السياسي» الذي وجهته منذ البداية، باعتبار أن الجهات التي دعمت «فتح الإسلام» وأمنت لها حرية الحركة والتنقل في لبنان وعبر حدوده، ستكون مسؤولة سياسيا عن أي عمليات اغتيال نفذتها. وتشير المصادر إلى أن رد فعل الرئيس الحريري على هذه المعلومات هو «المزيد من التسليم بمرجعية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي لها وحدها حق الفصل بالاتهامات وإعلان الحقائق»، مشددة على دعمه الدائم لها وثقته بنزاهة قضاتها وتجردها. وتعتبر أن معلومات كهذه لا بد من إحالتها على المحكمة التي يمكن لها أن تسأل الأسئلة المشروعة عن «أصحاب القرار» في هذه الاغتيالات. وقد أكد زاهر عيدو نجل النائب الراحل وليد عيدو أمس أن العائلة لم تتبلغ بأي شيء حول علاقة تنظيم «فتح الإسلام» باغتيال والده، مشيرا إلى أن العائلة تراهن على التحقيق الدولي في كشف الحقيقة.