إرسال تعزيزات عسكرية إلى أفغانستان يشكل معضلة لوجستية بالنسبة للبنتاغون

روسيا تكتفي بالترانزيت وتأمين شحنات «الناتو»

TT

تلقى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، رسالة واضحة من موسكو مفادها، أن روسيا لن تتدخل في عمليات التخطيط العسكري في أفغانستان، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي عقده في ختام اجتماع مجلس «روسيا ـ الناتو»، الذي انعقد أول من أمس في ختام اجتماعات لوزراء خارجية دول الحلف استمرت يومين ببروكسل، وأشار الوزير الروسي إلى أن بلاده «لا تعتبر من الضروري الانخراط في التخطيط العسكري للعمليات الجارية في أفغانستان، لأن ذلك عمل الذين يشاركون في القوات الدولية الموجودة على الأراضي الأفغانية»، ومع ذلك، أضاف لافروف، أن روسيا ستواصل تأمين مرور ترانزيت شحنات «الناتو» عبر السكك الحديدية والأجواء الروسية إلى أفغانستان في إطار تقديم المساعدة لحلف شمال الأطلسي. وجاء في كلام لافروف، أن قوات «الناتو» الموجودة على الأراضي الأفغانية تحتاج إلى دعم، وروسيا تقدم هذا الدعم عن طريق السماح بمرور الترانزيت عبر أراضيها. وقال لافروف إن روسيا ستستمر في تقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان وتقديم الدعم في حل مشكلات البنية التحتية ومشكلات الطاقة الكهربائية، وفي إعادة بناء النظام التعليمي، وتقوية إمكانيات الأجهزة الأمنية الأفغانية.

وفي ختام اجتماعات «الناتو» اتفق وزراء خارجية الدول المشاركة في قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف)، على إدخال تعديلات على النهج الذي يتبعه حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

وقال وزراء خارجية الدول المشاركة في قوة «إيساف»، البالغ عددها 43 دولة في بيان مشترك عقب اجتماعهم بمقر الأطلسي إنه «في إطار ذلك، فإن قوة (إيساف) ستضع في أولوياتها حماية الشعب الأفغاني وبناء القدرات الأمنية الأفغانية وتيسير عمليتي الحكم والتنمية».

وأضاف البيان أن «الانتقال إلى تولي الأفغان القيادة فيما يتعلق بالأمن هو هدف نتشاركه مع الحكومة الأفغانية، وسنعزز بشدة من جهودنا لتمكين السلطات الأفغانية، ومساعدتها على تولي المزيد من المسؤوليات الأمنية».

وكان آندريه راسموسين الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أعلن في ختام الاجتماعات أن «25 دولة وافقت على زيادة إسهاماتها في قوات (إيساف)، بسبعة آلاف جندي، يضافون إلى 30 ألف جندي أميركي في إطار الاستراتيجية الأميركية الجديدة بشأن أفغانستان»، مشددا على أن الحلف، الذي يفكر في تطوير العمليات العسكرية، يفكر أيضا في دعم كل من الحكومة الأفغانية، والمواطن الأفغاني وما يحتاجه من دعم ومساندة خلال المرحلة القادمة، وهناك إسهامات في مجالات أخرى من الدول الأعضاء في هذا البلد، ومنها تأهيل القوات الأفغانية لبسط الأمن والاستقرار اللازم لتحقيق البناء والتنمية».

إلى ذلك، وضع قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال 30 ألف جندي أميركي إضافي إلى أفغانستان «في أسرع وقت ممكن» وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمام تحد لوجستي هائل في إحدى أكثر مناطق العالم صعوبة. وبحسب وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، فإن طليعة هذه التعزيزات ستبدأ في الوصول إلى أفغانستان في «غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع» على أن تنتهي عملية إرسال كامل التعزيزات بحلول الصيف.

ولكن على المستوى اللوجستي أقر الوزير الأميركي بأن إرسال هذه التعزيزات يشكل «تحديا أكبر مما كان عليه التحدي في العراق»، حيث أتم الجنود الـ30 ألفا الذين أمر الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بإرسالهم إلى العراق كتعزيزات، انتشارهم في هذا البلد في غضون ستة أشهر.

وأضاف غيتس أن «الوضع في أفغانستان مختلف للغاية بسبب عدم امتلاكنا البنية التحتية نفسها الموجودة في العراق، وبالنتيجة، فإن كل شيء يجب أن يرسل جوا».

وكان رئيس أركان الجيش الأميركي الأميرال مايكل مولن استبق قرار أوباما بإعلانه أن البنتاغون «لن يكون قادرا على إرسال كتيبة واحدة كل شهر بسبب وجود مشكلات في البنية التحتية».

وفي حالة العراق، فإن هذا البلد يمتلك مرفأ وشبكة طرقات جيدة، كما أن الكويت المجاورة حليف قوي لواشنطن وتحتضن قاعدة عسكرية أميركية ضخمة.

في المقابل، فإن أفغانستان بلد لا يطل على أي بحر، وشبكة طرقاته البرية في حالة يرثى لها، أما في شرقي البلاد فتزيد الجبال من صعوبة المواصلات ما يحتم استخدام الطوافات التي يؤكد القادة العسكريون الأميركيون في أفغانستان أنهم يعانون نقصا كبيرا في أعدادها.

وعلى الأرض، تعاني طرق الإمدادات البرية من باكستان المجاورة مشكلة الخطورة المتزايدة. فقوافل إمدادات حلف شمال الأطلسي تتعرض دوما لهجمات في مضيق خيبر الذي تمر عبره غالبية العتاد والإمدادات المرسلة إلى كل من قوات «الأطلسي» والقوة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان.

وهناك تحد آخر يتمثل في التمكن بالسرعة اللازمة من بناء البنى التحتية اللازمة لاستضافة آلاف الجنود الإضافيين المنتظر وصولهم. وعلى سبيل المثال، في قاعدة حلف شمال الأطلسي في إقليم قندهار (جنوب) حيث المعقل التاريخي لحركة طالبان، كانت كتيبة قوات البر الأميركية «سترايكر» لا تزال حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) تبني مقراتها وتعاني من نقص في العربات للتنقل داخل القاعدة بعد مرور ثلاثة أشهر على وصول جنودها الـ5000، بحسب ما أفادت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية. ويبدو التحدي الذي يواجهه البنتاغون في أفغانستان كبيرا لدرجة أن رئاسة الأركان طورت مدرعة جديدة مضادة للألغام أرسلت لتوها أول نماذجها إلى قواتها المنتشرة في هذا البلد. وهذه النسخة المطورة من المدرعات المضادة للألغام صنعت خصيصا للسير على الأراضي الأفغانية الوعرة التي شكلت عقبة أساسية أمام الطرازات السابقة.