اتهام طالب دراسات عليا سعودي بقتل أستاذ في جامعة أميركية طعنا

زملاء مسلمون يقولون إن طباع المتهم غريبة ولم يكن ملتزما دينيا والقتيل يهودي مؤلف كتاب «فهم الأصولية»

ريتشارد أنطون و عبد السلام الزهراني
TT

في حادثة لم تعرف ملابساتها أو دوافعها بعد، اعتقل طالب سعودي في جامعة بينغهامتون (ولاية نيويورك) بعد اتهامه بقتل أستاذ في الجامعة طعنا بالسكين. وأصدر أمس ديفيد بيترسون، حاكم ولاية نيويورك، بيانا عزى فيه جامعة بينغهامتون (ولاية نيويورك) وسكان الولاية في وفاة أستاذ الجامعة الذي اعتقل طالب سعودي بتهمة قتله في مكتبه يوم الجمعة. وقالت صحف أميركية إن الطالب هو عبد السلام الزهراني، وعمره 46 سنة، ويدرس الأنثروبولوجي (علم الأجناس). وإن الأستاذ المقتول هو ريتشارد أنطون، ووصفته الصحف بأنه يهودي، وعمره 77 سنة، وهو أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة نفسها، ومؤلف كتاب «فهم الأصولية: حركات مسيحية وإسلامية ويهودية».

وقع الحادث بعد ظهر يوم الجمعة، عندما دخل الطالب مكتب الأستاذ، وطعنه بسكين عدة مرات. وعند سماع صراخ الأستاذ هرع الناس نحو المكتب، وأيضا شرطة الجامعة التي صرعت الطالب أرضا، واستدعت الإسعاف لإنقاذ الأستاذ الذي توفى في وقت لاحق بسبب جروحه. وفي أعقاب الحادث أصدرت لويس ديفلاور، رئيسة الجامعة، بيانا وصفت فيه ما حدث بأنه «عنف ليس له أي معنى».

ووصفت صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» الأستاذ بأنه «حقيقة رجل طيب». غير أن الصحيفة لم تقل إن القاتل هو الطالب السعودي، وقالت إن الشرطة تحقق في الموضوع.

وقالت إن القاتل استعمل سكين مطبخ طوله ست بوصات، وطعن الأستاذ أربع مرات، وفتقت الطعنات رئته مما سارع بموته، وقالت إن المتهم كان لا يزال في مبنى العلوم في الجامعة عندما وصلت الشرطة وصرعته أرضا. وإن الشرطة سألت المتهم عن الأستاذ، وأجاب: «نعم، أنا قتلته».

ونقلت الصحيفة عن بيتر كونننفر، أستاذ جيولوجيا في الجامعة قوله: «هذا مثل الجرائم التي نشهدها»، وأشار إلى ما حدث في المدينة في شهر أبريل (نيسان) عندما قتل رجل ثلاثة عشر شخصا. وقال: «صارت الجرائم تحدث في الجامعات».

ونقلت صحيفة «ايثاكا جورنال» على لسان أرملة الأستاذ قولها: «فقد المجتمع رجل سلام رائع». وأضافت: «عمل ريتشارد مع أناس ينتمون إلى ثقافات مختلفة. وكان هدفه نشر إيمانه بأن البشر بشر، على الرغم من اختلاف الثقافات». وقالت إن زوجها كان عضوا في جمعية «بيس آكشن» (عمل من أجل السلام) التي تعمل على نشر السلام في الشرق الأوسط. وأضافت: «من المفارقات أن يموت ريتشارد بهذه الطريقة». وتعمل الزوجة، روزالين، وعمرها 63 سنة، في «جويش فيدريشن» في المدينة نفسه، وهي منظمة يهودية اجتماعية. وقالت إنهما تزوجا منذ 17 سنة، وعلى الرغم من أنهما لم ينجبا، فإن لهما ولدا من زواج سابق للزوج، وبنتين من زواج سابق للزوجة. وللزوجين أربعة أحفاد. غير أن صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، قالت إن المتهم طالب سعودي وإنه عبد السلام الزهراني، وإن الأستاذ تقاعد من العمل الجامعي المنتظم لكنه يدرس من وقت لآخر، وإن الأستاذ والزهراني «كانا يعرفان بعضهما بعضا معرفة قوية بسبب برنامج الدراسات العليا» للزهراني.

وصرح جيرالد موليم، المدعي العام لمقاطعة بروم، حيث توجد الجامعة، وهي فرع من شبكة جامعة «نيويورك ستيت» التابعة لولاية نيويورك، بأن الزهراني معتقل في سجن المقاطعة. وقال: «ليست لدينا معلومات بأن سبب الحادث ديني أو عرقي». وقال إنه لا يعلم إذا ما كان هناك أشخاص آخرون متورطون مع الزهراني، وقال إن التحقيقات مستمرة. وكان قاضي مدينة فيستال، حيث الجامعة، أمر بحبسه مع منع إطلاق سراحه بكفالة بسبب خطورة التهم الموجه إليه.

وأمس، ربطت صحيفة «آروتز شيفا» اليهودية التي تصدر في نيويورك بين الحادث وحوادث أخرى في المنطقة قالت إنها «معادية للسامية». وأشارت إلى هجوم مجهولين مؤخرا على «مانورا» (شمعدان يهودي بثماني شمعات) كان وضع في ضاحية من ضواحي نيويورك بمناسبة عيد «هانوكا» اليهودي السنوي.

وقالت إن الهجوم سجلته كاميرا في المكان، وإنه «بعد سلسلة هجمات على رموز يهودية من أناس وجماعات معادية للسامية، صارت توضع كاميرات لتصور المهاجمين».

وأيضا أشارت الصحيفة إلى التحقيق، في ولاية نيوجيرسي قبل شهرين تقريبا، مع أشخاص «معادين للسامية»، كانوا هتفوا «يعيش هتلر»، ورفعوا أيديهم إلى أعلى مثل التحية النازية، وذلك عندما مر أمامهم ثلاثة يهود خرجوا من معبد يهودي. وأيضا، في الأسبوع نفسه في ضاحية اديسون، رسم مجهول أو مجهولون صليبا معقوفا (رمز النازية) على معبد يهودي. وأيضا، قبل ذلك بأسبوع وفي المدينة نفسها، ضرب شاب عمره 16 سنة شابا يهوديا عمره 19 سنة ضربا شديدا أمام معبد يهودي.

وحسب صحيفة «ايثاكا جورنال» القريبة من جامعة بينغهامتون، فإن ثلاثة طلاب مسلمين في الجامعة قالوا إنهم حاولوا تحاشي الزهراني، وإن طالبين مسلمين كانا يسكنان مع الزهراني في منزل قرب الجامعة وصفاه بأنه «مناكف، ومجادل»، وأنه هدد واحدا منهم بعد ثلاثة أسابيع منذ أن سكنا معا.

الطالبان هما: سليمان ساخو ولويس بينا، وهما طالبا دكتوراه، وكانا زميلين للزهراني في المنزل الذي كانا يسكنان فيه عندما قرر صاحب المنزل أن يؤجر غرفة للزهراني. وقال عوني قسيمة، وهو من الأردن، ويحضر للدكتوراه في الهندسة الصناعية، إن الزهراني، في الأسبوع الماضي، اتهم طلابا مسلمين بمتابعته، ومضايقته، والرد على عبارة «السلام عليكم» بطريقة بذيئة. وقال لقسيمة: «قل لهؤلاء لا يتابعوني، لا يخلقوا لي مشاكل». وقال قسيمة إن الزهراني ذكر له أسماء ثلاثة طلاب مسلمين، مما جعل قسيمة يعتقد أن الزهراني ربما يريد أن يسبب لهم أذى. ووصف قسيمة الزهراني بأنه «لم يكن يتصرف مثل مسلم»، لأنه كان يدخن السجائر خلال شهر رمضان، ولأنه لم يكن يحضر صلاة الجمعة في مسجد الجامعة. وقال أيضا محمد حماسة، وهو طالب دكتوراه من الأردن، إن الزهراني كان مسلما غريبا، وإنه مرة حيّا الزهراني بعبارة «السلام عليكم»، فرد عليه بعبارة بذيئة.

وعن الأستاذ أنطون، قال حماسة إنه حزين لقتله، وإن أنطون كان قد زار الأردن، وألقى محاضرة في جامعة اليرموك. وقال قاسم قوبز، إمام الجمعية الإسلامية في المنطقة إنه لا يعرف الزهراني.

وقال سامر سلامة، وهو طالب ماجستير، إن الزهراني كان «يسيء إلى الإسلام، ديني، وهو دين عظيم». وإنه وصف مسجدا في المنطقة بأنه «زبالة». ونشرت صحيفة «نيويورك بوست أمس» تعليقات من قراء، كتب واحد منهم: «لماذا نفاجأ؟ والد الرئيس الأميركي اسمه حسين». وكتب ثان: «يجب أن يستيقظ الشعب الأميركي بدلا من أن، مثل النعامة، يدفن رأسه في الرمل». وكتب ثالث: «إذا لم يكن هذا إرهاب، فأنا لا أعرف ما الإرهاب». وكتب رابع: «البروفسور أنطون لم يكن يهوديا، كان عضوا في كنيسة الموحدين».