موريتانيا: التحقيق مع 3 رجال أعمال بشأن اختفاء 90 مليون دولار من المصرف المركزي أيام الرئيس ولد الطايع

المعارضة اعتبرتهم رهائن.. وقالت إن الخطوة تهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين

TT

أحالت النيابة العامة بموريتانيا إلى مفوضية مكافحة الجرائم الاقتصادية ثلاثة من أهم رجال الأعمال في البلد، بتهمة عدم دفع مستحقات تطالب بها الحكومة. ويتعلق الأمر بمدير البنك الوطني لموريتانيا (مصرف خاص)، محمد ولد نويكظ، ورئيس مجلس إدارة بنك «باميس»، شريف ولد عبد الله، ورجل الأعمال عبدو محم، للتحقيق معهم حول اختفاء مليارات من الأوقية (90 مليون دولار) من البنك المركزي الموريتاني، في فترة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع (1984 ـ 2005).

واتهم الادعاء رجال الأعمال الثلاثة، وهم من أقارب الرئيس الأسبق ولد الطايع، بالتورط في قضية سحب أموال من المصرف المركزي بطريقة «غير مشروعة».

وتعود قضية رجال الأعمال الثلاثة إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين اعتقلت السلطات محافظ البنك المركزي الموريتاني السابق، سيدي المختار ولد الناجي، وأحد الموظفين في البنك، واتهمتهما بتحويل نحو 90 مليون دولار من البنك المركزي الحكومي إلى عدد من البنوك الخاصة.

وما زال ولد الناجي رهن الاعتقال، ووجهت إليه النيابة تهمة التحايل على أموال عمومية. وفي سياق ذلك استدعت النيابة ستة من رجال الأعمال من ملاك المصارف، غير أنها أبرمت معهم اتفاقا لتسديد المستحقات على دفعات، وعادت لتطالب ثلاثة منهم بتسديد المبالغ المستحقة عليهم دفعة واحدة مع أداء الفوائد، وهو ما رفضه الثلاثة فتم اعتقالهم الخميس الماضي.

ويعتبر رجال الأعمال الثلاثة المعتقلون من أبرز الفاعلين الاقتصاديين في موريتانيا. وقد أثار اعتقالهم احتجاجات واسعة في الشارع الموريتاني على المستويين الشعبي والسياسي. ومنذ اعتقالهم قام أفراد عائلاتهم بمظاهرات في شوارع العاصمة نواكشوط ومدينة أطار (شمال) مسقط رأس المعتقلين الثلاثة، مما أدى إلى حدوث بعض المصادمات بينهم وبين قوات الأمن.

واتهمت تسعة أحزاب موريتانية معارضة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بمسؤوليته عن اعتقال رجال الأعمال، واعتبرتهم «رهائن». وقالت إن هذه الخطوة تهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين، في إشارة إلى أن رجال الأعمال تحكمهم علاقة قرابة بالرئيس الأسبق ولد الطايع، وموالاتهم لزعيم المعارضة أحمد ولد داداه.

وفي بيان وزعته أحزاب أبرزها تكتل القوى الديمقراطية، والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، قالت المعارضة الموريتانية إن الأمر يأتي في وقت تواجه فيه قوات الأمن «تحديات كبيرة»، وعلى نحو خاص اختطاف مواطنين من بلد صديق جاؤوا إلى موريتانيا في مهمة إنسانية، حسب تعبير البيان.

وأكد البيان أن تطهير الاقتصاد الموريتاني وإضفاء الأخلاق على تسيير الأمور العامة يظل أحد مطالبها، ويمثل تطلعا مشروعا لدى الشعب الموريتاني، بيد أنها حذرت من أن كل سياسة بهذا الاتجاه «مصيرها الفشل ما لم تكن ثمرة لتعاون كافة القوى الحية، وما لم تكن ترجمة للخيار الوطني الواعي والمسؤول والمتشاور بشأنه».

واعتبرت الأحزاب أن كل جهد لمحاربة الرشوة لن يكون «ذا مصداقية» في غياب إلقاء الضوء على الفترة الانتقالية التي قادها ولد عبد العزيز، مشيرة إلى أن محاربة الفساد العائد إلى ما قبل 2005 لا يمكن أن تتم في غياب إطار شفاف متشاور بشأنه، ومتوافق مع القوانين والنظم السارية.

ودعت المعارضة الرأي العام الوطني والدولي إلى وضع «السياسة الديماغوجية» التي ينتهجها ولد عبد العزيز في موضعها الصحيح، وتأييد مقترح المعارضة من أجل تجنيب موريتانيا الوقوع في الفوضى «التي بات شبحها يخيم على البلاد».

وحذرت الأحزاب السلطات من مغبة نتائج سياستها «الانتقائية» الأقرب إلى سياسة تصفية الحسابات التي تشكل تهديدا خطيرا على الاقتصاد الوطني، وعلى مصداقية الدولة واستقرار البلاد. وكان ولد عبد العزيز قد تعهد خلال الحملة الانتخابية في يوليو (تموز) الماضي بمحاربة «الفساد الذي يسود البلد»، وتعهد ببناء سجون جديدة لـ«المفسدين». وجدد ولد عبد العزيز تعهده في خطاب ألقاه بمناسبة عيد الاستقلال في نهاية نوفمبر الماضي.