الاتحاد الاشتراكي المغربي ينتقد المسلسل الانتخابي ويشير إلى تدخل وزارة الداخلية ووجود استخفاف بالإرادة الشعبية

تقرير مكتبه السياسي: التحديث عرف تعثرا.. والإدارة لم تستوعب دروس التحولات

TT

انتقد عبد الواحد الراضي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي (مشارك في الحكومة)، المسلسل الانتخابي، الذي عرفته البلاد مؤخرا. وقال إن تجربة هذا المسلسل الانتخابي، أظهرت أن هناك «استخفافا بالإرادة الشعبية، وتدخلا للإدارة الترابية (وزارة الداخلية)، وعودة لاستعمال الأساليب القديمة».

وجاء ما قاله الراضي، وهو أيضا وزير للعدل في الحكومة الحالية، خلال تلاوته للتقرير السياسي للمكتب السياسي للحزب، خلال افتتاح أعمال المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب)، أول من أمس في بلدة بوزنيقة (جنوب الرباط). واعتبر التقرير السياسي للحزب أن ما تمت الإشارة إليه تعكس مخاطر حقيقية تهدد الديمقراطية في البلاد، وتضرب مصداقية العمل السياسي والمؤسسات المنبثقة عنه، وتسهم أيضا في نشر اليأس والإحباط.

وأشار التقرير إلى أن الحزب كان يتطلع بعد تجربة التناوب، الذي قاده أمينه العام الأسبق، عبد الرحمن اليوسفي، إلى تلاحق مسلسل تحديث البلاد، بيد أن ذلك لم يحدث، مبرزا أنه رغم الجهود المبذولة على جميع المستويات (الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتشريعية)، فإن مسلسل التحديث عرف تعثرا، وتمكنت القوى المحافظة من العودة إلى إنتاج أساليب معيقة للعمل السياسي.

وأفاد التقرير أيضا أن الأزمة التي يعيشها المغرب لم تؤد فقط إلى تعثر مسار التحديث، بل خلقت أجواء من انعدام الثقة والنزاهة في الحياة العامة. وانتقد التقرير الإدارة المغربية، وقال إنها لم تستوعب دروس التحولات التي عرفتها البلاد، وضرورة التزام الحياد السياسي من أجل البناء الديمقراطي. وأوضح التقرير، الذي وصفه مراقبون، بأنه كان «صارما وقويا»، أن الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد كانت لها تداعيات وخيمة على عملية الانتقال الديمقراطي، تمثلت في انعدام الثقة في المؤسسات، وحدت من مصداقية العمل السياسي، وبالتالي فإن ذلك هو ما أدى إلى تزايد ظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية.

وتطرق التقرير إلى الانتخابات، وقال إن المنافسة فيها «أصبحت قائمة بين أصناف خاصة من تجار الانتخابات، الذين شددوا الخناق على المناضلين الشرفاء». كما تطرق إلى ظاهرة الترحال الحزبي والانتخابي، ودعا إلى ضرورة الوقوف في وجهها، وفي وجه اختلاق الخرائط الحزبية أيضا.

وعزا التقرير النتائج المحدودة التي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات البلدية، التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي، إلى «الاختلالات الحزبية الداخلية التي يجب علينا أن نواجهها بحزم وصرامة». وكانت الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي قد عرفت أجواء متوترة جراء رفض كثير من أعضائه لجدول أعمال الاجتماع، الذي تضمن بندا يتعلق بتكوين لجان المجلس الوطني، معتبرين أن إقحام القضايا التنظيمية في الاجتماع يهدف إلى صرف الأنظار عن الأزمة العميقة التي يعيشها حزب «القوات الشعبية». وعرف اجتماع المجلس الوطني الذي كان متوقعا أن ينهي أعماله الليلة الماضية، مداخلات بلغ عددها 120، تخللتها دعوات إلى الخروج من حكومة عباس الفاسي، والالتحاق بالمعارضة، بينما رأى آخرون أن الحزب لن يربح شيئا من خروجه منها، والالتحاق بصفوف المعارضة. وقال مصدر حزبي حضر الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن مداخلة محمد بوبكري، عضو المكتب السياسي للحزب، كانت من بين أبرز المداخلات، إذ دعا إلى خروج الحزب من الحكومة، واصفا وزراء الحزب بأنهم هم مجرد موظفين فيها.

وزاد قائلا، إن «وزراء الحزب ليس بيدهم أي قرار». ولم يكتف بوبكري عند هذا الحد بل وصف الحكومة الحالية بأنها «مسرحية» لم تؤلفها الأحزاب المشاركة فيها، وأن وزراء الاتحاد الاشتراكي أصبحوا مجرد دمى.

وأضاف المصدر ذاته أن تدخل محمد رضا الشامي، وزير التجارة والصناعة، أثار انتباه الحضور.

وقال الشامي: «لو كنت متأكدا من أن خروج الحزب من الحكومة فيه مصلحة للبلاد، والله لقدمت استقالتي منها»، معتبرا أن الدعوة للخروج من الحكومة مسألة غير مدروسة.

وكشف الشامي أن الدعوة للخروج من الحكومة تضعف وزراء الاتحاد الاشتراكي داخلها.

وبين بوبكري والشامي، جاء تدخل عبد العالي دومو، الرئيس السابق لجهة (منطقة) مراكش، معتبرا أن خروج الحزب من الحكومة لا يوجد فيه مكسب سياسي مثلما البقاء فيها بالشكل الحالي لا يوجد فيه أيضا أي مكسب سياسي، ودعا إلى تدعيم الأداء الحكومي للحزب بطريقة أو أخرى. إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن الشبيبة الاتحادية (التنظيم الشبابي للحزب)، تقدمت إلى المجلس الوطني بملتمس يتعلق بانسحاب الحزب من الحكومة للتصويت عليه. ولم يتسن معرفة مصير الملتمس.