«الأصالة والمعاصرة» المغربي يوجه رسالة إلى إسبانيا من العيون مفادها «أي جوار تريد؟»

في سياق تفاعلات إضراب الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر عن الطعام

TT

في سياق تداعيات قضية الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر، المضربة عن الطعام في إسبانيا، اختار حزب الأصالة والمعاصرة المغربي (معارضة برلمانية)، مدينة العيون كبرى مدن الصحراء، ليوجه منها رسالة إلى مدريد، في شكل سؤال عريض هو: «أي جوار تريد؟ الجوار الذي تعرفه منذ مدة، مع المغرب الذي أبان لها عن قدرته في التحكم بكل ما يقع داخله، أم الجوار المهدد بالمخاطر بكل ما لذلك من آثار سلبية على مستقبل إسبانيا وأوروبا».

وقال قياديون في حزب الأصالة والمعاصرة، إن الحملات التي يتعرض لها المغرب حاليا في الخارج تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان، تستهدف مشروعه الديمقراطي والحداثي، وكذا التشويش على مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط لحل نزاع الصحراء، وذلك قبيل الجولة الثانية المرتقبة للممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، للمنطقة.

وأكد القياديون في مؤتمر صحافي عقده المكتب الوطني للحزب، الليلة قبل الماضية في مدينة العيون، أن «الأصالة والمعاصرة» قرر إطلاق عدد من المبادرات، منها ما له طابع دولي في اتجاه مؤسسات حكومية وغير حكومية، بكل من أوروبا وأميركا، ومنها ما له طابع وطني يتوخى توسيع دائرة التعبئة من أجل نصرة القضايا الوطنية، وفق ما ذكره بيان صحافي تم توزيعه بالمناسبة على الصحافيين.

وجاء انعقاد هذا اللقاء في العيون «لما لهذه المدينة من دلالة رمزية قوية» عقب التطورات المتلاحقة لإضراب الناشطة الصحراوية حيدر عن الطعام في إسبانيا بعد ترحيلها من المغرب، لعدم التزامها باحترام الضوابط والقوانين المتعلقة بإجراءات الدخول عبر المطار.

وجاء لقاء العيون، حسب قيادي حزبي، في سياق التحضير للمؤتمر الثاني للحزب، وذلك لاتخاذ مجموعة من القرارات التنظيمية المرتبطة بإعادة هيكلته على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية.

وقال محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام للحزب، العائد للتو من زيارة قام بها أخيرا لمدريد، حيث أجرى عدة اتصالات سياسية ولقاءات إعلامية هناك: «إن هذه اللقاءات سيطرت عليها الحالة الشاذة لحيدر، ومسألة استرجاعها لجواز سفرها المغربي»، حسب تعبيره، مضيفا أنه أبرز لمخاطبيه الإسبان «أن حيدر هي التي تنكرت لجنسيتها، إذ لا يوجد فرق بين جواز السفر والراية المغربية، وليست هناك أية حكومة في العالم، تقبل أن يأتي أي مواطن إلى حدودها، ويقوم بمثل تصرفها من قبيل رفض ملء أوراق الدخول إلى ترابها».

وعبر بيد الله، وهو أيضا رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي)، ومن القيادات المؤسسة لجبهة البوليساريو الانفصالية، عن أسفه لحالة حيدر الصحية من الناحية الإنسانية، متمنيا عودة الوعي إليها، والاعتراف بمغربيتها.

وزاد قائلا: «عند ذلك كل شيء سوف يتغير»، وشدد بيد الله على القول بأن حيدر «ليست لها أية استقلالية، وأنها دمية تحركها خيوط من الجزائر، التي سبق لحيدر أن التحفت برايتها»، قبل أن يضيف: «لو أنها التحفت براية البوليساريو لصفقنا لها».

وأكد بيد الله أنه اتضح لديه من خلال لقاءاته مع المسؤولين الإسبان «أن العلاقات المتجذرة في التاريخ بين المغرب وإسبانيا، والقائمة على أسس متينة وسليمة، قوامها المصالح المشتركة، لا يمكن لها أن تتأثر بحدث طارئ مثل هذا الذي اختلقه خصوم وحدة تراب المغرب»، نافيا أن تكون هناك ضغوطات من مدريد على الرباط «بل هناك أخذ ورد، وبحث حول كيفية تخطي إسبانيا لإشكالية حيدر المطروحة عليها».

ومن جانبه، قال فؤاد عالي الهمة عضو المكتب الوطني للحزب، إن إسبانيا واعية بأن قرار المغرب المتخذ في حق حيدر هو قرار سليم، «وذلك في إطار قوانينه الداخلية، وضمن القانون الدولي»، مشيرا إلى أن مدريد تعرف جيدا ما هي الجهة التي يجب أن تتوجه إليها بالذات، مستغربا في نفس الوقت عدم تحرك الشارع الإسباني بعد اختطاف ثلاثة مواطنين إسبان في موريتانيا.

وأضاف عالي الهمة أن حزبه يوجد اليوم في العيون «ليوجه رسالة قوية إلى إسبانيا لتحميلها المسؤولية بشأن أي جوار تريد؟»، مذكرا بالجوار الذي رافقته منذ مدة، وأبان لها عن قدرة المغرب على التحكم في كل ما يقع داخله، وأكد لها أن التعاون يدا في يد يفضي إلى محاربة كل الآفات التي كانت تشكو منها، مثل ظاهرة الهجرة السرية التي تقلصت بنسبة 67 في المائة، وترويج المخدرات الذي انخفض بنسبة 70 في المائة، إضافة إلى كل الإمكانيات المتاحة اقتصاديا، وكذا العمل الجاد في محاربة الإرهاب.

وتابع عالي الهمة قائلا: «إن على إسبانيا كواحدة من بلدان الاتحاد الأوروبي أن تختار أي بحر أبيض متوسط تريد؟ بحر يقتسم معها جميع القيم؟، أم منطقة المخاطر بكل ما لها من آثار سلبية على مستقبل إسبانيا وأوروبا؟»، ملاحظا «أن سياسيي إسبانيا يعبرون دائما عن نفس هذه القناعات، لكن ومع الأسف ما أن تقترب الانتخابات حتى يأخذ أي حادث صغير طابعا كبيرا، ويتحول المغرب إلى ورقة سياسية ضمن هذه المحطات». ودعا عالي الهمة سياسيي إسبانيا إلى التعامل مع المغرب باعتباره الوجهة الأولى لأي حكومة إسبانية جديدة تسفر عنها الانتخابات، وذلك على أساس تدعيم ركائز التعاون، لما يخدم المصالح المشتركة والعلاقات بين البلدين.

وكان لافتا للانتباه حضور عدد من البرلمانيين من مختلف الأحزاب السياسية المغربية ضمن اللقاء الصحافي لحزب الأصالة والمعاصرة. وأوضح بيد الله أن ذلك يندرج في سياق الإعلان عن ميلاد جمعية برلمانيي الصحراء، مشيرا إلى أن من بين أهدافها الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ودعم مشروع الحكم الذاتي، وتعزيز جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأقاليم الجنوبية.

يذكر أن المكتب الوطني لـ«الأصالة والمعاصرة» وجه نداء إلى مختلف الهيئات والفعاليات السياسية والمدنية «سواء في الأقاليم الصحراوية، أو على المستوى باقي التراب المغربي، إلى الوقوف وقفة رجل واحد، والتفاعل الإيجابي الحازم مع هذه اللحظة التاريخية».