البرلمان العراقي يصوت على قانون الانتخابات.. والتعديل يتماشى مع مطالب الهاشمي

يتضمن إرجاع المقاعد المستقطعة من المحافظات ومنح الأكراد 3 فقط

TT

صوت البرلمان العراقي في وقت متأخر من مساء أمس بالإجماع على تعديل قانون الانتخابات المثير للجدل، وجاء ذلك بعدما أرسل نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي قرارا مشروطا بنقض القانون يعتبر نافذ المفعول إن لم يتوصل البرلمان إلى حسم الأزمة.

وأعلن نائب رئيس مجلس النواب العراقي الشيخ خالد العطية التوصل إلى اتفاق بين الكتل البرلمانية في اللحظة الأخيرة على النسخة الجديدة لقانون الانتخابات.

وقال العطية انه تم التصويت على اقتراح يتضمن تحديد عدد المقاعد بـ325 مقعدا بينها 310 مقاعد للمحافظات و15 للمقاعد التعويضية.

ومن جهته، قال النائب عن التيار الصدري نصار الربيعي «حُسم الأمر وتم الاتفاق (...) سيتم إرجاع المقاعد التي انتزعت في التعديلات السابقة على أن تضاف ثلاثة مقاعد للأكراد»، وكان الأكراد قد طالبوا بمنحهم 5 مقاعد.

وكان البرلمان العراقي قد تعثر في وقت سابق في عقد جلسة طارئة لبحث الفقرات التي هدد الهاشمي بنقضها في قانون الانتخابات، إذ رفع إياد السامرائي، رئيس البرلمان جلستين، أمس، لعدم اكتمال النصاب القانوني. وجاءت هذه التطورات بعد وقت قصير من إرسال الهاشمي في وقت متأخر أمس، قرارا مشروطا بنقض قانون الانتخابات يعتبر نافذ المفعول إن لم يتوصل البرلمان إلى حسم أزمة القانون.

وهدد الهاشمي بنقض القانون ما لم يتم التوصل إلى تسوية بشأن توزيع مقاعد البرلمان بين المحافظات بعد أن كان نقضه في المرة الأولى احتجاجا على حصة المهجرين.

وكان شاكر كتاب المتحدث باسم قائمة تجديد، بزعامة الهاشمي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار النقض قد أرسل إلى مجلس النواب، لكنه قرار مشروط»، موضحا أن «النقض سيعتبر نافذ المفعول ما لم تتوصل الكتل السياسية إلى حل وسط خلال الجلسة المسائية (أمس) للحفاظ على مقاعد المحافظات وأن تؤخذ مقاعد الأقليات من المقاعد التعويضية وليس من مقاعد المحافظات وإنصاف مهجري الخارج».

وأعلن السامرائي عن عقد جلسة أخرى ثالثة في وقت لاحق أمس في خطوة لتسوية أزمة قانون الانتخابات، واعتبرت جلسة أمس حاسمة للحيلولة دون نقض القانون للمرة الثانية من قبل الهاشمي بسبب احتجاجه على توزيع مقاعد المحافظات في البرلمان. وكان قد نقضه في المرة الأولى احتجاجا على حصة مقاعد المهجرين في البرلمان.

وبالإمكان نقض القانون مرتين فقط، وإعادته إلى مجلس النواب الذي يستطيع تمريره بموافقة ثلاثة أخماس النواب، أي 165 من أصل 275 نائبا. ويؤكد الدستور ضرورة أن يتخذ مجلس الرئاسة المكون من طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي والهاشمي قراراته بـ«الإجماع» وليس بالغالبية.

وأكدت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماعات استمرت مساء أمس داخل البرلمان، لا سيما بين أعضاء التحالف الكردستاني الذين لم يعلنوا عن موقفهم النهائي والرسمي من الصيغة التي تقدمت بها بعثة الأمم المتحدة.

وكانت الأمم المتحدة قد قدمت خلال اليومين السابقين صيغة لمقترح جديد ينهي الخلاف حول توزيع المقاعد الانتخابية لمحافظات العراق، والذي تضمن أن تكون المقاعد الكلية لمجلس النواب المقبل 325 مقعدا تتوزع بين المحافظات وفق إحصائيات وزارة التجارة لعام 2009، بعد حسم نسبة %5 من المقاعد التعويضية وعددها 16 مقعدا تعويضيا. وكذلك ينص المقترح على إضافة مقعدين نيابيين بواقع مقعد لكل من محافظتي السليمانية ودهوك الكرديتين، على أن تخصص مقاعد الأقليات من المجموع الوطني أو من حصة المحافظات. وكان النائب محمود عثمان، عن التحالف الكردستاني، قد رجح قيام الهاشمي بنقض القانون مرة ثانية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «الهاشمي سيتجه نحو النقض في حال لم يتسلم الجواب الشافي لما يطلبه»، مضيفا أنه «في حال حصول ذلك فإن القانون سيعود إلى البرلمان، الذي إما يرده بأكثرية الأصوات (ثلاثة أخماس المجلس) أو بقبول النقض». وأضاف عثمان أن «الاحتمال الأقوى هو رد النقض، وخلافه فإن قبول النقض يعني أننا سنعود إلى القانون القديم لعام 2005».

وكانت انتقادات متعددة قد وجهت إلى قانون انتخابات 2005 الذي تبنى القائمة المغلقة بدلا من المفتوحة. وحول مفاوضات وفد فني كردي مع وفد الأمم المتحدة لبحث توزيع المقاعد، قال عثمان «يوجد الآن وفد من الإقليم يبحث الأمر مع بعثة الأمم المتحدة وجهات أخرى، ويظهر أنهم يحتاجون إلى مزيد من الوقت للمشاورات، وبالتالي فإن أي مطلب يصدر عن الوفد يعبر عن رأيهم الذي توصلوا إليه خلال مباحثاتهم التي تجرى في العاصمة من أجل الخروج من أزمة قانون الانتخابات».

وكان النائب أسامة النجيفي، عن القائمة العراقية، قد قال أن العقبة الوحيدة أمام الخروج من قانون الانتخابات هي «طلبات» كتلة التحالف الكردستاني.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأكراد يطالبون بخمسة مقاعد إضافية، ويقابل ذلك رفض برلماني»، وأوضح أن «بعض الأطراف توافق على إعطاء الأكراد 3 مقاعد، وهناك من يذهب إلى مقعدين فقط».

وشدد النجيفي «أرى أن هذه المطالب (الكردية) غير دستورية، على اعتبار أنهم نقلوا أكثر من مليون شخص من محافظات الإقليم إلى مدن ديالي ونينوى وكركوك، ويريدون أن تحتسب أصوات هؤلاء في المحافظات التي نقلوا إليها، فضلا عن احتساب أصواتهم في مدنهم الأصلية»، معتبرا تلك المطالب «ليا لذراع البرلمان والكتل السياسية والضغط بهذا الاتجاه». وكانت قائمة «تجديد» قد أصدرت نداءا للمرجعية الدينية في النجف للانتباه «بأن هناك سعيا للعودة إلى قانون الانتخابات لعام 2005 والقائمة المغلقة». وكان المرجع الأعلى علي السيستاني قد أعلن عن رفضه لفقرات في قانون انتخابات عام 2005، كما دعا إلى اعتماد القائمة المفتوحة. وقالت «تجديد» في بيانها «لقد بلغ التآمر مداه الأقصى اليوم حيث تلوح في الأفق بوادر الإصرار على العودة إلى قانون 2005 القديم ونظام القائمة المغلقة سيئ الصيت، وإدخال البلاد والعباد في النفق المظلم وحمى الطائفية البغيضة والمحاصصة المرفوضة، وبقاء السيئين والطفيليين في مواقعهم». وقال البيان أيضا «إننا في الوقت الذي نؤكد فيه أن السيد الهاشمي قد أوفى بالتزاماته الأخلاقية والدستورية واستخدم ما بوسعه من صلاحيات لتعديل الخلل وإحقاق الحقوق المشروعة للناخبين العراقيين، فإننا نتبرأ من كل المحاولات الدنيئة التي تسعى إلى إرباك العملية السياسية والعودة إلى القائمة المغلقة التي تتحملها بعض القوى السياسية التي تتربص بأمن البلاد».