دمشق تفضل الوساطة التركية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل

باريس تلزم جانب الحذر حول احتمال توسطها بين سورية وإسرائيل

TT

امتنعت الخارجية الفرنسية أمس عن التعبير رسميا عن موقف واضح إزاء احتمال أن تحل باريس محل أنقرة للتوسط من أجل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية. واكتفت الخارجية الفرنسية، ردا على سؤال يتعلق بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أعلن فيها أن بلاده تفضل وساطة فرنسية على الوساطة التركية، بالقول إنه يعود للطرفين المعنيين (إسرائيل وسورية) تحديد شروط معاودة الحوار، مما يعني أنه يعود لهما تقرير ما إذا كانت فرنسا ستلعب دورا ما في معاودة المفاوضات غير المباشرة لتحل بذلك محل تركيا التي توسطت طيلة العام 2008 وتوقفت وساطتها مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، أم لا.

وكان موضوع الوساطة الفرنسية قد أثير الشهر الماضي بمناسبة الزيارتين اللتين قام بهما إلى باريس نتنياهو والرئيس السوري بشار الأسد. ولكن الأخير، رغم حرصه على تطوير وتوثيق العلاقات مع فرنسا، كان واضحا في تصريحاته العلنية وفي جلسة محادثاته مع الرئيس ساركوزي، في تأكيد أن دمشق «تفضل الوساطة التركية»، وأن دور فرنسا يأتي من خلال «دعم» الدور التركي. وقبل ذلك، دعا الأسد القادة الأتراك في حديث صحافي، إلى «تنقية» علاقاتهم مع إسرائيل لتعود تركيا مجددا للعب دور الوسيط.

وخلال وجوده في باريس، سربت الأوساط الإسرائيلية أن نتنياهو حمل ساركوزي «رسالة» إلى الأسد. وعلم لاحق من مصادر فرنسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عرض على ساركوزي أن يقترح قمة مع الأسد، وأنه مستعد أن يؤجل عودته إلى إسرائيل ليومين حتى وصول الأسد إلى باريس. لكن الأسد رفض، وقال علنيا إن طريق المفاوضات يمر عبر إرسال كل طرف فريقه التفاوضي إلى تركيا.

وفي وقت لاحق، أثير موضوع الوساطة خلال الزيارة التي قام بها وزير خارجية تركيا أحمد أوغلو إلى باريس. وقال الأخير في العاصمة الفرنسية إنه «لا مانع» لدى تركيا من مشاركة فرنسية في الوساطة.

وجاءت هذه التطورات على خلفية تدهور العلاقات التركية ـ الإسرائيلية عقب حرب غزة، والانتقادات التي وجهتها تركيا على أعلى المستويات لإسرائيل، ومنعها من المشاركة في تدريب «نسر الأناضول» الجوي في سماء تركيا، وإلغاء زيارة أوغلو إلى إسرائيل لأن سلطاتها رفضت انتقاله إلى غزة.

وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في باريس لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق مصرة على دور تركيا «لأنها تريد استئناف التفاوض مع إسرائيل من النقطة التي توصلت إليها في مفاوضاتها مع أولمرت وليس العودة إلى نقطة البداية». وبحسب دمشق، فإن أنقرة هي التي «تحمل الوعود والالتزامات الإسرائيلية»، ولذا «ليس من مصلحتها اليوم أن يجيء وسيط جديد» بحجة أن دور الوسيط التركي لم يعد مقبولا.

وكان أوغلو، الذي كان يتولى ملف التفاوض غير المباشر قبل تعيينه وزيرا للخارجية في شهر مايو (أيار) الماضي، قد كشف في باريس أن مواقف الطرفين تقاربت كثيرا و«لم يعد يفصل بينهما سوى بضع كلمات» ليتم الاتفاق التام بينهما.

وسيكون موضوع الوساطة التركية بين إسرائيل وسورية مطروحا في محادثات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن التي يزورها في الوقت الحاضر. ومن المنتظر أن يتوجه أردوغان إلى دمشق في 22 من الشهر الحالي ليتباحث مع الرئيس الأسد في فرص معاودة المفاوضات غير المباشرة.