عريضة 10 ملايين توقيع تطالب قمة المناخ بالتوصل إلى اتفاق

انطلاق اجتماعات كوبنهاغن بفيلم كارثي عن طفلة ودمية * جنوب أفريقيا تنضم للدول المتعهدة بخفض انبعاثاتها

ناشطون يتظاهرون بالموت قبيل انطلاق قمة المناخ أمس، في إطار تظاهرة تحث قادة الدول على التوصل إلى اتفاق في ختام اجتماعاتهم بكوبنهاغن (رويترز)
TT

تلقى المجتمعون في قمة المناخ بكوبنهاغن، في اليوم الأول من اجتماعاتهم أمس، عريضة تضم 10 ملايين توقيع وتطالبهم بالتوصل إلى اتفاق طموح.

فقد سلمت حملة التعبئة حول المناخ «تك تك تك» التي تضم أكثر من مائتي منظمة أمس إلى منظمي مؤتمر كوبنهاغن عريضة موقعة من 10 ملايين شخص من سائر أصقاع العالم تطالب باتفاق طموح. ونقلت هذه العريضة إلى رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن ووزيرة المناخ ورئيسة المؤتمر كوني هيدغارد وكذلك إلى السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة حول التغير المناخي إيفو در بوير. واعتبر أصحاب المبادرة في بيان أن «عدد الموقعين يدل على المد الشعبي العارم المؤيد لاتفاق حول التغير المناخي».

وانطلقت القمة التاريخية حول التغير المناخي أمس بنداء أطلقه رئيس وزراء الدولة المضيفة للاستجابة «لآمال البشرية» باتخاذ إجراءات لمواجهة مشكلة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض. وقال رسموسن لدى افتتاحه أعمال المؤتمر أمام 1200 مندوب قدموا من مختلف أنحاء العالم «أنتم مؤتمنون خلال فترة قصيرة، على آمال البشرية» داعيا إلى أن تتحول كوبنهاغن عاصمة بلاده خلال أسبوعين إلى «هوبنهاغ» (مرفأ الأمل).

وأضاف راسموسن أن التوصل إلى اتفاق «أمر في المتناول»، مشيرا إلى أن وجود هذا العدد من زعماء العالم «يعكس حشدا غير مسبوق للتصميم السياسي على مكافحة التغير المناخي. هذا يمثل فرصة هائلة. فرصة لا يستطيع العالم أن يفوتها».

ويحاول ممثلو 192 بلدا حتى 18 من الشهر الحالي، تاريخ انتهاء المفاوضات، التي يشارك فيها 110 رؤساء دول أو حكومات، التوصل إلى اتفاق يتيح قصر معدل ارتفاع حرارة الأرض على درجتين مقارنة بمستواه في فترة ما قبل الثورة الصناعية.

وبدأ المؤتمر الذي تنظمه الأمم المتحدة، بعرض فيلم قصير كارثي يظهر فتاة صغيرة غارقة في النوم في سرير منخفض بجانب دمية على شكل دب أبيض قبل أن تستيقظ وسط صحراء متشققة تغمرها لاحقا موجات مياه عاتية. وتداول على منبر المؤتمر إثر ذلك العديد من الشخصيات بينهم الأسقف الجنوب أفريقي السابق ديزموند توتو، للدعوة إلى التوصل إلى اتفاق طموح يتيح تفادي مثل هذه السيناريوهات.

وفي خطاب مهم ندد راجيندا باشورا، رئيس المجموعة الحكومية لخبراء تطورات المناخ، بشدة، بقضية الرسائل الإلكترونية للعلماء التي تعرضت للقرصنة في بريطانيا، واستخدمها مشككون في الاحتباس الحراري لانتقاد الإجراءات الجاري اتخاذها ضد التغيرات المناخية. وندد باشورا بمحاولة «التشكيك بمصداقية المجموعة»، مشيرا إلى أنها بنت نتائجها على «تاريخ من التحليلات الشفافة والموضوعية التي امتدت على أكثر من 21 عاما، ووضعها عشرات الآلاف من العلماء من كافة أنحاء الكوكب». وكانت الأمم المتحدة كلفت مجموعة الخبراء هذه التي حازت مناصفة جائزة نوبل للسلام لعام 2007، بعرض البيانات العلمية على السياسيين ليتمكنوا من اتخاذ قرارات.

وقال مسؤول ملف المناخ في الأمم المتحدة، إيفو دي بوير، إن هذا المؤتمر لن يكلل بالنجاح «إلا إذا بدأ تحرك جوهري وفوري» حال انتهاء أعماله في 18 ديسمبر (كانون الأول). وأضاف أن «البلدان النامية تنتظر بقنوط، تحركا ملموسا وفوريا» من أجل تهيئة أممها للمعطيات المناخية الجديدة.

واقترحت جنوب أفريقيا أمس خفض زيادة انبعاثاتها لتصبح ثابتة عام 2025 في مقابل مساعدة. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الصين في الآونة الأخيرة وللمرة الأولى، أهدافا مرقمة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، دعت الصحافة الصينية الرسمية الدول المصنعة إلى تخصيص اعتمادات مالية لمقاومة تغير المناخ.

وللاستجابة للحاجات الملحة للبلدان الأكثر تهديدا بالتغييرات المناخية، بدأت تتبلور فكرة تقديم تمويل فوري بقيمة عشرة مليارات دولار وذلك حتى 2012. بيد أن الدول النامية وجهت تحذيرا واضحا جدا من أن المباحثات بشأن التمويل لا يمكن أن تتوقف عند هذا الحد. ونشرت 45 صحيفة في مختلف أنحاء العالم مقالا مشتركا دعت فيه قادة دولها إلى الاتفاق على قصر معدل ارتفاع حرارة الأرض على درجتين مقارنة بمستواه في فترة ما قبل الثورة الصناعية، وذلك للحيلولة دون أن يحدث التغير المناخي «دمارا لكوكبنا». وأظهر استطلاع أجري على أكثر من 24 ألف شخص في كافة أنحاء العالم أن 64% منهم يعتقدون أن التغير المناخي مشكلة «خطيرة للغاية» على حكومات بلادهم أن تعالجها. إلا أن الاستطلاع أظهر انخفاض المخاوف من هذه الظاهرة في كل من الولايات المتحدة والصين. وقال دوغ ميلر رئيس مؤسسة «غلوبسكان» التي أجرت الاستطلاع لحساب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الاستطلاع أظهر «دعما عالميا قويا للتحرك بشأن التغير المناخي رغم حالة الركود الاقتصادي».

ولقي هذا المؤتمر إقبالا كبيرا فقد طلب 34 ألف شخص بطاقات اعتماد لدخول قاعته حيث سيتقرر كل شيء. لكن ولأسباب أمنية، لم يسمح سوى لـ 15 ألف شخص بدخول قاعات المؤتمر بينهم 3500 صحافي. وأشار العديد من المتحدثين إلى مؤتمرات كبرى طبعت تاريخ القرن العشرين، على غرار الخبير الاقتصادي البريطاني نيكولاس ستيرن الذي ربط بين مؤتمر كوبنهاغن ومؤتمر بريتون وودز عام 1944 الذي أعاد رسم الخطوط الكبرى للنظام النقدي العالمي.