أوروبا تتوصل إلى اتفاق توافقي بشأن مقترح الرئاسة السويدية الخاص بالقدس الشرقية

أكدت أن غزة والضفة والمدينة المقدسة أراض محتلة ودعت لمفاوضات ضمن جدول زمني ينتهي بإعلان الدولة الفلسطينية

وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لدى لقائه نظيره الألماني مكسيم فيرهاغن قبيل بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (رويترز)
TT

اتفق وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعاتهم في بروكسل خلال اليومين الماضيين على بيان ختامي توافقي بشأن المقترح السويدي الذي يدعو للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

واعتبر الاتفاق على البيان الختامي اتفاقا توازنيا بعد الانقسامات الحادة التي شهدتها الأيام الأخيرة حول مقترح الرئاسة السويدية. وحسب مصادر فرنسية، فإن البيان التوافقي جاء نتيجة جهود للدبلوماسية الفرنسية.

وكان المندوب الفرنسي قد تقدم يوم الخميس الماضي بمسودة البيان وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت الأحد الماضي بعض مضمون النص الفرنسي مع الفقرة التي تنص على أن تكون القدس عاصمة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية. وهكذا تكون فقرة القدس عاصمة الدولتين كما صدرت في البيان الأوروبي قد حلت محل «القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية» مثلما كانت مقترحة في المسودة السويدية.

ويرى دبلوماسيون في العاصمة الفرنسية أن كل طرف من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ربح في جانب وخسر في جانب. ووفق تقدير هؤلاء، فإن «إسرائيل نجحت في تفادي الإشارة إلى القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، لأن إشارة كهذه تدعو عمليا إلى إعادة تقسيم القدس وهو ما لا تريده إسرائيل بتاتا ورمت من أجل ذلك بكامل قوتها الدبلوماسية في المعركة». وفي المقابل، فإن الاتحاد الأوروبي، كما تؤكد المصادر، عن طريق إعلان تمسكه بأن بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، يلزم نفسه باحترام هذا الموقف، كذلك، فإن تأكيد رفض التغييرات التي فرضتها إسرائيل على القدس، عمليا يرفض ضم إسرائيل لها.

أما الجانب الفلسطيني، فقد ربح بتأكيد الاتحاد في وثيقة رسمية دعمه للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية كما لدولة إسرائيل، وهو بذلك حقق نقلة نوعية بخصوص أحد أهم الموضوعات الخلافية. على أي حال، ترى باريس التي لعبت دورا رئيسيا في حث جميع الأطراف الأوروبية على التوصل إلى نص إجماعي على الرغم من الانقسامات وحساسية الموضوع الإسرائيلي، أنه يتعين النظر إلى النص ككل وليس أخذ فقرة منه وترك الفقرات الأخرى.

ودعا الوزراء للبدء الفوري في مفاوضات وفق قرارات الأمم المتحدة ومقررات مؤتمر مدريد للسلام، وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية، تؤدي إلى قيام دولتين قادرتين على العيش ضمن حدود معترف بها دوليا. وأشار الوزراء في مسودة البيان الختامي التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى ضرورة أن تقوم دولة فلسطين القادمة على بقعة جغرافية موحدة تضم الضفة الغربية وقطاع غزة وأن تتوفر لها شروط البقاء والاستقلالية.

وأشار البيان إلى ثبات موقف أوروبا تجاه حدود 1967، بما في ذلك القدس، «إلا إذا تم التوافق بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على غير ذلك»، مؤكدا دعم الاتحاد لجهود الولايات المتحدة لدفع المفاوضات. وأكد الوزراء استعداد أوروبا للإسهام في بناء الدولة الفلسطينية، معيدين إلى الأذهان موقفهم السابق الذي يدعو الطرف الإسرائيلي إلى التوقف عن بناء المستوطنات وتهديم المنازل العربية، واصفين بـ«غير الشرعي» إقامة الحواجز وبناء المستوطنات وهدم المنازل في القدس الشرقية، فـ«من غير الممكن إقامة سلام في المنطقة في ظل مثل هذه الممارسات».

ودعا الوزراء الطرف الإسرائيلي إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات «الإيجابية»» التي تخفف القيود عن الفلسطينيين وتساعد على بناء اقتصادهم المستقل، وعبروا عن «قلقهم تجاه الوضع في القدس الشرقية»، داعين «كل الأطراف إلى التوقف عن أي ممارسات استفزازية، فيجب أن تؤدي المفاوضات إلى حل وضع القدس على أساس أنها عاصمة للدولتين». وأعربوا عن تفهمهم الكامل لاحتياجات إسرائيل ومخاوفها الأمنية، داعين إلى وقف العنف «القادم من قطاع غزة» وإلى الإفراج الفوري عن الجندي الإسرائيلي المحتجز جلعاد شاليط.

ودعا الوزراء في بيانهم إلى الالتفات إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة، ودعم الجهود المصرية في تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين، كما شددوا على ضرورة تنظيم انتخابات فلسطينية يتفق على موعدها وشروطها بين الأطراف المعنية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال جام اسيلبورن وزير الخارجية في لوكسمبورغ إن «حق إسرائيل والفلسطينيين بالعيش في أمن وسلام، يتحقق بحل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب، ونحن جميعا نعلم الحدود الإسرائيلية وأيضا حدود الأراضي الفلسطينية التي تضم الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، والأخيرة لا تزال تحت الاحتلال، أما كونها ستكون عاصمة لدولة فلسطينية فهذا أمر يجب حله من خلال المفاوضات بين الجانبين». وقال اسيلبورن: «نقر جميعا بأن القدس الشرقية محتلة وإذا كانت محتلة فهي غير تابعة لإسرائيل ولا أفهم عدم اعتراف إسرائيل بأن فلسطين تتكون من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية»، داعيا الأوروبيين والولايات المتحدة إلى التحدث بلهجة واضحة.

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني لـ«الشرق الأوسط»: «سأسافر خلال ساعات للمنطقة حاملا رسالة بروكسل لكل من ألتقي بهم هناك، وتقول إن الوقت قد حان من أجل العودة إلى التفاوض، والاتحاد الأوروبي يطالب إسرائيل بوقف كامل للاستيطان». وقال فراتيني إن «قضية القدس ينبغي ألا تحسم من جانب واحد، ويجب أن تكون موضع تفاوض، وسندعم كل ما يشجع الطرفين على الجلوس من جديد حول طاولة المفاوضات».