المدعي العام محذرا قادة المعارضة: لن نتهاون بعد اليوم.. ولن نسمح باستمرار المظاهرات

إيجائي: الإجراءات قد تشمل مدعي طهران إذا لم يقم بواجبه * محاصرة مكتب موسوي والاعتداء على زوجته.. وخاتمي يحذر * حرق صور خامنئي

TT

هددت إيران أمس باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المتظاهرين، بعد خروج عشرات الآلاف في مسيرات مناهضة للحكومة شهدتها الجامعات في أنحاء البلاد، هي الأكبر منذ شهور، وسط توقعات في أوساط السلطات، تشير إلى أن وتيرة هذه التظاهرات قد تتصاعد، خلال الأيام والأسابيع المقبلة مع تواتر المناسبات، مع بداية شهر محرم الذي يبدأ في منتصف ديسمبر (كانون الأول).

وشهد يوم أمس تصادمات متفرقة بين الشبان المحتجين، من التيار الإصلاحي المعارض، والشرطة المعززة بالأسلحة والغازات المسيلة للدموع والهراوات، فيما بدا أن التظاهرات بدأت تأخذ منحى يعتبر خطيرا، عندما قام عدد من الشبان المتحمسين بكسر أكبر المحرمات في إيران، عندما حرقوا صور الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ورددوا هتافات ضده. ودارت صدامات في حرم جامعة طهران أمس لليوم الثاني بين طلاب موالين للحكومة وآخرين معارضين، وذلك غداة المظاهرات التي نظمها معارضو الرئيس محمود أحمدي نجاد بمناسبة «يوم الطلاب»، كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وأوضحت الوكالة أن طلابا معارضين للحكومة وصفتهم بـ«مثيري الشغب» عمدوا إلى «التجمع للاحتجاج على ما يعتبرونه اعتداءات تعرض لها المتظاهرون (الاثنين)». وأضافت الوكالة أنه على الأثر تجمع طلاب موالون للحكومة وراحوا يطلقون هتافات ضد المجموعة الأولى قبل أن تتطور الأمور إلى صدامات جرى خلالها رشق الحجارة واستخدام الغازات المسيلة للدموع وتحطيم نوافذ، ولكن من دون وقوع جرحى.

وأعلن قائد شرطة العاصمة عزيز الله رجب زادة أمس أن 204 أشخاص اعتقلوا خلال هذه المظاهرات. وقال رجب زادة، بحسب ما نقلت عنه الوكالة، إنه «تم توقيف 204 من مثيري الشغب هم 165 رجلا و39 امرأة واعتقلوا بتهمة المساس بالنظام العام». وأضاف أن «البعض منهم ألحق أضرارا بسيارات وحرق دراجات نارية أو مستوعبات قمامة وأطلق هتافات مناهضة للسلطات». من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الطلابية (إسنا) عن رجب زادة قوله إن الشرطة ستبقي خلال الأيام المقبلة انتشارها الأمني حول الجامعات في طهران «لمنع أي تجمع خارج الجامعات».

وجه المدعي العام الإيراني غلام حسين محسني إيجائي، أمس، تحذيرا إلى رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، أحد قادة المعارضة المناهضين للرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي حاصره متظاهرون في مكتبه في أكاديمية الفنون الجميلة في طهران. وأكد إيجائي خلال مؤتمر صحافي أنه لن يكون هناك «تسامح» بعد اليوم مع رئيس الوزراء السابق وقادة آخرين في المعارضة يرفضون الإقرار بانتخاب أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) الفائت. وأضاف «لن نتهاون بعد الآن مع أي شخص يتصرف على نحو يضر الأمن القومي. سنواجههم بحسم». وقال المدعي العام إن السلطات لن تسمح باستمرار المظاهرات. وأضاف أن أجهزة المخابرات وقوات الأمن «تلقت أوامر بعدم إتاحة أي فرصة أمام من يخرقون القانون ويتصرفون على نحو يضر بالأمن القومي والنظام العام». وقامت قوات الحرس الثوري وميليشيا الباسيج الموالية لها التي قمعت احتجاجات ما بعد الانتخابات بتوجيه تحذير للمعارضة من تنظيم مظاهرات ضد المؤسسة.

وحول موقف السلطة الإيرانية حيال اثنين من قادة المعارضة هما موسوي ومهدي كروبي، إضافة إلى فائزة هاشمي ابنة الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، أكد إيجائي تصميمه على «الدفاع عن المصالح العامة». وقال إن «السلطات القضائية والشرطة التزمت حتى الآن ضبط النفس بهدف تحديد صفوف الأعداء في شكل واضح لمن يجهلون هذا الأمر. وأعلن أنه لن يكون هناك تسامح اعتبارا من اليوم». وأضاف المدعي العام «إذا قام أحد بالإخلال بالأمن والنظام فسيتم التعامل معه بحزم. سنتخذ التدابير الضرورية على أن يشمل ذلك مدعي طهران إذا لم يتحرك بحق من ينتهكون حقوق الناس ويخلون بالنظام يوميا في المدينة»، في إشارة إلى التظاهرات العديدة التي نظمتها المعارضة في كبرى المدن الإيرانية منذ الانتخابات الرئاسية.

وكان مائة نائب تقدموا في أكتوبر (تشرين الأول) بشكوى ضد موسوي، طالبين إحالته أمام القضاء لدوره في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو (حزيران).

وقال محسني إيجائي «لقد أرسلنا هذه الشكوى إلى مدعي طهران، ونأمل أن تتم متابعتها». وتزامن هذا التحذير مع محاصرة موسوي صباح أمس في أكاديمية الفنون الجميلة في طهران التي يترأسها من جانب نحو مائتي متظاهر أحاطوا بالمبنى من دون أن تتدخل الشرطة. وأفادت شهادات متطابقة أن المتظاهرين، وبينهم ثلاثون إلى أربعين شخصا كانوا يستقلون دراجات نارية في ثياب مدنية، سدوا كل مداخل المبنى وسمحوا للموظفين بمغادرة المكان بدون موسوي.

وقال أحد الشهود إن نحو مائة من عناصر الشرطة يرتدون بزات مكافحة الشغب كانوا موجودين على بعد نحو مائة متر من المبنى من دون أن يتدخلوا. وذكر موقع موسوي على الإنترنت أن «ما بين 30 إلى 40 يستقلون دراجات نارية وبلباس مدني» مجهولين منعوا موسوي من مغادرة المبنى بسيارته وهتفوا بشعارات مناوئة للزعيم الإصلاحي. وغادر المتظاهرون بعيد الظهر الموقع، مما مكن زعيم المعارضة مير حسين موسوي من مغادرة الأكاديمية، بحسب موقع موسوي على شبكة الإنترنت.

وموسوي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية أمام أحمدي نجاد في يونيو 2009 واحتج على نتائجها، أصبح أبرز معارضي الحكومة في الأشهر الأخيرة ورمزا للمعارضة التي تهتف باسمه في كل تظاهرة. وأطلق مجددا شعار «يا حسين، مير حسين» أثناء تظاهرات جرت أول من أمس، في طهران لمناسبة «يوم الطالب» وشهدت صدامات مع قوات الأمن. ومساء أول من أمس، تم الاعتداء على زوجة موسوي التي تدرس في جامعة طهران في الحرم الجامعي بيد مجموعة من الناشطين ينتمون إلى التيار المحافظ، بحسب موقع إلكتروني قريب من المعارضة. وقال الموقع إنه تم رشها بالفلفل وأصيبت في عينيها ورئتيها، مشيرا إلى أن المعتدين من عناصر «الميليشيا» في إشارة إلى ميليشيا الباسيج الإسلامية التي تستخدمها السلطات الإيرانية لقمع تظاهرات المعارضة.

وقال شهود إن مشاجرات وقعت أمس بين طلاب مؤيدين لموسوي وآخرين مؤيدين للرئيس أحمدي نجاد في جامعات بطهران. وقال موقع «كلمة» على الإنترنت، وهو موقع موسوي، إن انتشار قوات الأمن كان كثيفا حول جامعات طهران. ويقول محللون إن الطلاب شكلوا جبهة لدعم موسوي. وقال محلل طلب عدم ذكر اسمه لـ«رويترز» «إسكات الجامعات سيكون صعبا على المؤسسة. قد يتوقف مصير أحمدي نجاد كثيرا على هؤلاء». ولعب الطلبة دورا كبيرا في الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي قبل 30 عاما وهم يمثلون قوة كبيرة وراء التحركات السياسية في إيران قبل وبعد الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979. واتخذت السلطات الإيرانية إجراءات صارمة ضد المظاهرات المناهضة للحكومة واعتقلت كثيرا من الناشطين كما صدرت أحكام مشددة على إصلاحيين بارزين بينها خمسة أحكام بالإعدام، لكن ذلك لم ينجح حتى الآن في إبعاد الإيرانيين عن الشوارع أو قمع المعارضة. وقال المحلل «يشعرون أن النظام يذلهم. وإذا استمرت السلطات في تجاهل مطالبهم فستستمر الاحتجاجات».

من جهته حذر الرئيس الإيراني الإصلاحي السابق محمد خاتمي من التهديدات التي تحدق بالنظام بسبب سياسته القمعية حيال المعارضين، بحسب ما ذكر أمس موقع مؤسسة «باران» التابعة له على الإنترنت.

وطالب خاتمي مرة أخرى بالإفراج عن الموقوفين إثر المظاهرات التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل. وقال إن «الوضع الحالي ليس حربا بين الإصلاحيين والمحافظين. إن عددا من المحافظين غير راضين (عن الوضع)، كما أن أكثرهم حكمة مهددون بالإقصاء». وأكد خلال لقاء مع أسر معارضين لا يزالون مسجونين: «إنها مقاربة خطرة وأحذر النظام من العواقب التي قد تنعكس على الجمهورية الإسلامية». واعتبر أنه «كان من مصلحة النظام الإفراج عن الموقوفين قبل عيد (الغدير)» الذي يحتفل به الأحد عند الشيعة. وأضاف: «ما فعله هؤلاء الأشخاص في سبيل الثورة أهم بكثير مما فعله الأشخاص الذين استجوبوهم، واليوم يتهمون بمعارضة الثورة وبتهم غريبة». وكان خاتمي، إحدى أبرز الشخصيات في المعارضة للنظام الحالي، احتج على نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) مؤكدا أن عمليات تزوير تخللتها.