اتهام أميركي بالتواطؤ في تفجيرات مومباي

قام بـ5 رحلات إلى الهند بهدف تصوير أهداف وتقديم تقارير للإرهابيين

TT

وجه محققون فيدراليون اتهاما، الاثنين الماضي، إلى أحد المقيمين في شيكاغو بمعاونة إرهابيين إسلاميين على تنفيذ هجمات مومباي الدموية عام 2008، مسلطين بذلك الضوء على إمكانية تثبيت إرهابيين دوليين أقدامهم على الأراضي الأميركية. يواجه المواطن الأميركي ديفيد سي. هيدلي، 49 عاما، اتهامات بالتآمر لمساعدة 10 رجال شنوا حصارا مسلحا ضد ضاحية مالية هندية على مدار 3 أيام في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. خلال الحصار، استغل المهاجمون أسلحة نارية وقنابل يدوية ومتفجرات بدائية الصنع، وسيطروا على فنادق فخمة ومركز ثقافي يهودي ومحطة قطار، وبلغت حصيلة ضحايا الهجوم قرابة 170 فردا، بينهم ستة أميركيين. إضافة إلى ذلك، يواجه هيدلي اتهامات بالمساعدة والتحريض على القتل ومعاونة «عسكر طيبة»، وهي جماعة باكستانية مسلحة. وأعلن المحققون أن هيدلي، المحتجز منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) على خلفية اتهامات بالتورط في الإرهاب على غير صلة بهذه القضية، تعاون معهم خلال التحقيق، الذي وصفه المدعي باتريك جيه. فيتزغرالد بـ«النشط والمستمر». ولد داوود غيلاني لأب عمل في السفارة الباكستانية في واشنطن وأم من ضاحية مين لاين في فيلادلفيا. وبدل هيدلي اسمه عام 2006، كي يتمكن من السفر بحرية بمختلف أرجاء الهند، حسبما أوضح المحققون. وتشير ادعاءات إلى أنه قام بخمس رحلات إلى الهند بين عامي 2006 و2008، بهدف تصوير أهداف مثل تاج محل وفنادق أوبيروي، وتقديم تقارير بشأنها لاحقا للإرهابيين الذين يتصلون به في باكستان. كما تنقل هيدلي باستخدام قارب عبر أرجاء ميناء مومباي، في المسار ذاته الذي انتهجه المهاجمون المسلحون الذين سيطروا على المدينة وفرضوا عليها حصارا، طبقا لما ورد بوثائق المحكمة، الاثنين. وتشير ادعاءات إلى قيامه بمهام استطلاع أخرى، بينها زيارة إلى «كلية الدفاع الوطنية» (ناشونال ديفينس كوليدج) في نيودلهي، التي لم تتعرض للهجوم. على الجانب الآخر، قال جون ثيز، المحامي الموكل بالدفاع عن هيدلي، إنه يعكف على مراجعة أدلة تتعلق بالقضية، ورفض التعليق على تعاون موكله مع السلطات. جدير بالذكر أن محامين من وزارة العدل وعملاء يتبعون «مكتب التحقيقات الفيدرالي» كانوا في الهند وباكستان، الاثنين، لإخطار نظرائهم هناك بشأن مستجدات القضية، طبقا لمصادر حكومية رفضت الكشف عن هويتها، نظرا لاستمرار التحقيقات. من جهته، أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، روبرت إس. مولر، أن القضية تكشف أهمية تعزيز العلاقات مع المؤسسات المناظرة في الخارج. في الإطار ذاته، صرح ديفيد إس. كريس، مساعد وزير العدل لشؤون الأمن القومي، بأن «هذه القضية تذكرنا بأن التهديد الإرهابي عالمي في طبيعته ويتطلب يقظة مستمرة على الصعيدين الداخلي والخارجي». جدير بالذكر أن تفجيرات مومباي، التي جرى تصوير وبث جزء كبير منها على الهواء مباشرة لأيام، سببت توترا في العلاقات بين الهند وباكستان. إضافة إلى ذلك، وجه المحققون اتهامات جنائية، إلى الميجور الباكستاني المتقاعد عبد الرحمن هاشم سيد، بالتآمر مع هيدلي وآخرين لمهاجمة صحيفة دنماركية نشرت رسوما كاريكاتيرية صورت النبي محمدا على نحو أثار غضب الكثير من المسلمين. واضطلع عبد الرحمن بدور الريادة في المحادثات التي جرت بين هيدلي وآخرين داخل «عسكر طيبة»، وساعد في وضع خطة لهجوم محتمل ضد الصحيفة واثنين من موظفيها، حسبما ورد بوثائق المحكمة. وتضمنت أمتعة هيدلي، التي خضعت للتفتيش في أكتوبر (تشرين الأول) عندما جرى اقتياده إلى السجن، رقم هاتف باكستاني جرى استخدامه، حسب الادعاءات القائمة، في التوصل إلى عبد الرحمن. وما زال المسؤول العسكري الباكستاني المتقاعد، يستخدم أيضا اسم «باشا»، في باكستان، حسبما ذكر مسؤولون معنيون بفرض القانون. يذكر أن شخصا ثالثا، تحاور حسين رانا، وهو مواطن كندي، ألقي القبض عليه في أكتوبر (تشرين الأول) على خلفية اتهامات فيدرالية وجهت إليه في شيكاغو على صلة بمخطط مهاجمة الصحيفة. وأكد المحامي الموكل بالدفاع عنه، باتريك بليغين، براءة رانا، وقال إنه يناضل ضد هذه الاتهامات. يذكر أن رانا يتولى إدارة «فرست وورلد إيميغريشن سرفيسز»، وهي شركة مقرها شيكاغو تدعي السلطات أنه جرى استخدامها كستار لهيدلي خلال تنقلاته إلى أوروبا والهند. وتشير الادعاءات كذلك إلى تورط إلياس كشميري، وهو شخص غامض ذو نفوذ كبير يقيم في غرب باكستان. وقال محققون أميركيون إنه يجري اتصالات منتظمة بزعماء «القاعدة». وقال مسؤول أميركي يعنى بمكافحة الإرهاب، إن أهمية القضية تنبع من «التداخل» الذي أظهرته بين العناصر المتهمة و«القاعدة» ومنظمتين إرهابيتين تتخذان من باكستان مقرا لها، «عسكر طيبة» و«حركة الجهاد الإسلامي» و«طالبان» في باكستان.

* خدمة واشنطن بوست خاص بـ«الشرق الأوسط»