رئيس الاستخبارات البريطانية السابق ينفي تعرضه لضغوط لتضخيم معلومات حول امتلاك صدام أسلحة دمار شامل

قال أمام لجنة شيلكوت إنه لم يكن لديه «نية عن قصد» للتلاعب بلغة تقرير نشر لإقناع البريطانيين بالحرب

TT

نفى رئيس الاستخبارات البريطانية (إم آي6) السابق جون سكارليت أن تكون المخابرات قد لعبت دورا في تقديم معلومات خاطئة حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، لمساعدة السياسيين على تبرير ضرب العراق عسكريا. وقال سكارليت في شهادته أمام لجنة شيلكوت التي فتحت تحقيقا في الحرب على العراق، إنه لم يكن لديه «نية بتاتا للتلاعب عن قصد» بلغة تقرير حمل توقيعه، وقدم للبرلمان لإقناع البريطانيين بالخطر الذي يمثله العراق تحت قيادة صدام حسين. وكان سكارليت الذي بقي في منصبه على رأس الاستخبارات البريطانية لغاية الشهر الماضي قد وقّع في سبتمبر (أيلول) 2002 على التقرير الذي تعرض لانتقادات كثيرة في ما بعد، بسبب ما تضمنه من معلومات تَبيّن أنها خاطئة حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل يمكن تفعيلها خلال 45 دقيقة. ونشر التقرير بهدف إقناع البريطانيين بضرورة المشاركة في الحرب على العراق. واعترف سكارليت أمس أنه كان بإمكانه أن يكون أكثر وضوحا في هذا الخصوص، لأنه قصد الحديث عن ذخائر لا عن صواريخ. وقال: «كان يمكن أن يكون (النَّص) أكثر وضوحا وأفضل، ولما كانت القضية ضاعت في الترجمة لو أنه تم التوضيح في التقرير أن الكلمة المقصودة كانت ذخائر لا أسلحة». وأضاف: «لم يكن هناك بتاتا أي نية عن قصد للتلاعب في لغة التقرير أو التسبب في إرباك أو سوء فهم لما كنا نقصد به».

وكان النائب عن حزب المحافظين آدم هولوي، قد قال في مقابلة نشرتها صحيفة «دايلي ميل» الشعبية أمس، إن الاستخبارات البريطانية حصلت على معلوماتها عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل يمكن أن يشغلها خلال 45 دقيقة، من سائق سيارة أجرة. وقال هولوي إن رجال الاستخبارات حصلوا على المعلومات بطريقة غير مباشرة من سائق أجرة يعمل على الحدود العراقية الأردنية، سمع عن طريق الخطأ مسؤولين عسكريين في الجيش العراقي يتحدثان عن الأسلحة وهما في سيارته. إلا أن لجنة سيلكوت المؤلفة من خمسة أعضاء، لم تسأل سكارليت عن الأمر أمس، ولكن رئيسها اللورد جون شيلكوت قال في بداية الجلسة إن اللجنة ستتابع استجواب رئيس المخابرات حول بعض القضايا بشكل غير علني حفاظا على سرية بعض المعلومات التي لا يمكن إفشاؤها. وبالإضافة إلى اعترافه بـ«سوء» كتابة كلمة «أسلحة» عوضا عن «ذخائر»، رفض سكارليت أن يكون باقي التقرير غير دقيق. وقال إنه «على الرغم من عدم الدقة الصارخة لهذه المعلومة، فإن التقرير اعتبر على أنه موثوق به». وقال أيضا إنه تدخله كان محدودا في افتتاحية التقرير الموقعة باسم توني بلير والتي كتب فيها رئيس الوزراء آنذاك أن التقرير يثبت «من دون أدنى شك» أن صدام حسين يستمر في إنتاج الأسلحة الكيمائية والبيولوجية. ووصف سكارليت الافتتاحية التي كتبها بلير بأنها «ذات طابع سياسي واضح».

كما أكد سكارليت الذي كان يرأس أيضا لجنة الاستخبارات المشتركة، صدور تقرير استخباراتي قبل أيام من بدء الحرب على العراق، يتحدث عن أن صدام حسين لم يعد يملك أسلحة كيميائية وبيولوجية، وهي معلومات كان كشف عنها مسؤولان سابقان في وزارة الخارجية البريطانية أمام لجنة شيلكوت البريطانية التي فتحت تحقيقا في الحرب على العراق. إلا أنه قال إن هذه المعلومات التي جرى تمريرها إلى رئيس الوزراء توني بلير، لم ينظر إليها على أنها «ستغير اللعبة»، لأنها اعتبرت جزءا من سياسة صدام حسين في التلاعب.

وقال إن تقريرا صدر في 10 مارس (آذار) 2003، ذكر أن «العراق لا يملك صواريخ يمكن أن تصل إلى إسرائيل، ولا صواريخ يمكن أن تحمل رؤوسا بيولوجية وكيميائية، وأن العراق فكك هذه الصواريخ». وأشار إلى أن التقارير الصادرة عن لجنة الاستخبارات المشتركة، كانت أكدت أن العراق يملك نحو 20 صاروخا من هذا النوع. ولكنه أضاف أن التقرير أشار إلى أنه من الممكن إعادة جمع تلك الصواريخ خلال يوم أو اثنين. وكشف عن تلقي وكالة الاستخبارات في 17 مارس، أي قبل 3 أيام من بدء الحرب، أدلة تثبت أنه جرى تفكيك الأسلحة الكيميائية. وقال إن لجنة الاستخبارات المشتركة ناقشت هذه المعلومات في اجتماع يوم 19 مارس (آذار) «في سياق تحليل سياسة التشتيت والإخفاء... ولم تترجم المعلومات على أن الأسلحة غير موجودة، بل أوحت بأنه قد يكون من الصعب إيجادها».

وأضاف سكارليت أنه تم إرسال نسخة من هذا التقرير إلى رئيس الوزراء توني بلير، ووزارتي الدفاع والخارجية، ولكن أحدا لم يعقب أو يعلق عليه.

إلا أنه أشار إلى تلقي تقييمات «هامة» في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) 2002، أوحت بأن صدام حسين يسرّع من برامجه لإنتاج أسلحة كيميائية وبيولوجية، وأنه ينوي استعمالها في حال تعرض لهجوم، وقال إن هذه التقارير بقيت تؤثر على تفكير لجنة الاستخبارات المشتركة في التحضير للحرب.