سكان حي تحول إلى رمز للتظاهرات في الجزائر يتطلعون لمغادرته

قاطنو «ديار الشمس» يناشدون السلطات إطلاق موقوفي الاحتجاجات الأخيرة

TT

يأمل قطاع من سكان حي شعبي يقع بأعالي العاصمة الجزائرية، وتحول إلى رمز للتظاهرات الاجتماعية المطالبة بالحصول على سكنات لائقة، في ترحيلهم من المكان مطلع العام المقبل، بعدما شهد في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أخطر اضطرابات تسببت في وقوع جرحى واعتقال عدد من شبان الحي. ويعتبر حي «ديار الشمس» من أقدم أحياء العاصمة، حيث إن جزءا كبيرا من مساكنه تضرر بسبب غياب أعمال الصيانة، وتوشك بعض المساكن على السقوط بفعل الهزات الأرضية التي ضربت العاصمة في الـ20 سنة الماضية.

احتج سمير حمدان وهو شاب التقته «الشرق الأوسط» بحي «ديار الشمس»، على سجن شقيقه مع مجموعة أخرى من الشباب يبلغ عددهم 15، بتهمة «التعدي على رجال أمن أثناء تأدية مهامهم» في الاحتجاجات الأخيرة، وناشد رئيس الجمهورية الإفراج عنهم «لأنهم أصلا ضحايا التسيير الحكومي السيئ لملف توزيع السكن على مستحقيه». كان سمير، العاطل عن العمل، جالسا في مقهى مع رفاق له من الحي بعضهم اعتقل في الأحداث وأطلق سراحه بعدما ثبت عدم ضلوعهم في المواجهات العنيفة التي جمعتهم مع قوات مكافحة الشغب.

ورد الموقوفون الـ15 على التهمة بمحكمة الجنح بالعاصمة في 25 أكتوبر الماضي، والتمس ممثل النيابة العامة من القاضي عقوبة عامين سجنا لكل واحد منهم. وقد أنكر الجميع مشاركتهم في أعمال الشغب، فيما كانت الشرطة استعانت بصور فيديو التقطت بعض الشباب وهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة، وآخرين استعملوا القنابل الحارقة، بينما أغلق البعض الآخر الحي لمدة ثلاثة أيام بواسطة جذوع أشجار ومتاريس من الحديد، وأشعلوا النار في عجلات مطاطية لمنع دخول رجال الأمن إلى الحي.

وذكرت أم معتقل عمره 22 سنة، التقتها «الشرق الأوسط» بالحي أن المحامية التي تدافع عنه طمأنتها بخصوص استفادة عبد النور من البراءة في الجلسة المرتقبة منتصف الشهر الحالي، موعد نطق القاضي بأحكامه في القضية التي وضعت في المداولة بعد إسدال الستار على المرافعات. وقالت سيدة في سن الخمسين إن رئيس بلدية المدنية (ينتمي حي ديار الشمس إليها إداريا)، وعد العائلات المتذمرة بتطبيق «المقاييس غير المزدوجة» في توزيع السكن الاجتماعي، بترحيل 300 عائلة من مساكنها الهشة إلى شقق لائقة قبل فبراير (شباط) المقبل. وأضافت في الموضوع «لم نعد نثق في وعود المسؤولين. أنا أسكن في بيتي البائس منذ 35 سنة وقد سئمت من سماع النغمة التي تتحدث عن نقلنا قريبا إلى مساكن تليق ببني البشر». وأوضحت السيدة أن الحي «يوجد فوق بركان يوشك على الانفجار، ولو كان هؤلاء المسؤولون يطلقون الوعود فقط من أجل امتصاص غضبنا فسيتحملون مسؤولية موجة الغضب المرتقبة إن لم نلتحق بمساكن جديدة».

وعبّر إسكافي الحي الذي يمارس هذه الحرفة منذ أكثر من 24 سنة وفي المكان نفسه الذي يوجد فيه حاليا، عن استيائه من «وقوف السلطات حائلا دون إبلاغ احتجاجنا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث كان يفترض أن يمر موكبه بديار الشمس في احتفالات الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». وكان يشير إلى تنقل الرئيس بوتفليقة إلى «مقام الشهيد» الواقع في حي المدنية، كما جرت عليه العادة في كل سنة لوضع إكليل من الزهور ترحما على شهداء ثورة التحرير، التي اندلعت في الأول من نوفمبر 1954 وانتهت باستقلال الجزائر في 5 يوليو (تموز) 1962.

ويشتكي غالبية سكان حي ديار الشمس، الذي بني قبل استقلال البلاد عام 1962، من تضرر الشقق فيه وضيقها، بسبب تزايد أعداد أفراد الأسر فيه. وتعهدت الحكومة بعد الاحتجاجات الأخيرة بترميم مساكن 150 أسرة، وأطلقت برنامج بناء أحياء جديدة لفائدة الغاضبين حيث سيلتحقون بمساكنهم الجديدة على مراحل تدوم ثلاث سنوات، بحسب المسؤولين المحليين.