الجزائر: تحذير من عودة «التائبين» للإرهاب بسبب تشدد مؤسسات الدولة في تشغيلهم

رئيس هيئة حقوقية يدعو الدولة إلى الاعتذار لذوي المختفين خلال الأزمة الأمنية

TT

حذر رئيس هيئة حقوقية جزائرية تتبع للرئاسة من عودة «تائبين» عن الإرهاب إلى العمل المسلح، بسبب رفض الإدارة والمؤسسات العمومية تشغيلهم بذريعة «ماضيهم الإرهابي»، وحمل الدولة، ضمنا، مسؤولية الاختفاءات القسرية بدعوتها إلى تقديم اعتذار رسمي لعائلات المفقودين.

قال المحامي فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان، للإذاعة الحكومية، أمس، إنه استقبل العشرات من أعضاء الجماعات المسلحة سابقا المعروفين أكثر بـ«التائبين»، في مكتبه، اشتكوا من رفض المجالس البلدية والمؤسسات العمومية، ضمهم إلى صفوف العمال والموظفين فيها، بسبب ماضيهم، وكثيرا ما يبلغ هؤلاء بأن الأولوية في منح مناصب العمل، تعطى للمواطنين العاديين. وحول هذا الموضوع بالذات، دعا قسنطيني السلطات إلى التدخل «حتى تتعامل الإدارة مع التائب كمواطن عادي طالما أنه استفاد من إبطال المتابعة القضائية»، في إشارة إلى إجراءات عفو صدرت في 1999 وفي 2005 لفائدة الآلاف من عناصر الجماعات المسلحة، وأشخاص سجنوا بسبب دعم الجماعات الإرهابية. والرقم الرسمي المتداول عن أعداد «التائبين» هو 6 آلاف.

وذكر قسنطيني أن عددا كبيرا من التائبين يعيشون حاليا على أطراف الوديان ويسكنون بيوتا قصديرية، ولا يمارسون أي نشاط مهني، وحذر من أن تدفعهم أوضاعهم الاجتماعية المتردية إلى حمل السلاح من جديد. وتابع: «تتهمني الصحافة بالدفاع عن الإرهابيين، وأنا أقول إن التائب من الإرهاب ينبغي أن نعامله كمواطن عادي، وإلا لا معنى للتدابير التي أصدرتها الدولة لطي الأزمة الأمنية»، في إشارة إلى قانوني «الوئام المدني» و«المصالحة» اللذين أصدرهما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال ولايتيه الرئاسيتين الماضيتين، لإقناع المسلحين بالتخلي عن الإرهاب.

وفي موضوع آخر، طرق قسنطيني الذي يتبع بشكل مباشر الرئيس بوتفليقة، ملفا بالغ الحساسية يتعلق بنحو 10 آلاف شخص اختفوا خلال سنوات الأزمة الأمنية، فقال إن قطاعا من عائلاتهم لم يحصلوا على التعويض المالي الذي وعد به الرئيس في إطار «المصالحة». ودعا الدولة إلى الاعتذار رسميا لأهاليهم بسبب اختفائهم، ويعني ذلك، ضمنا، أن قسنطيني يعتبر الدولة مسؤولة عن ملف الاختفاءات القسرية، ويعطي صدقية لتنظيمات محلية تتحدث باسم المفقودين، التي تتهم السلطات منذ 1998 بخطفهم وإخفائهم. أما الخطاب الرسمي المتداول منذ 10 سنوات، يتمثل في أن المفقودين «إرهابيون التحقوا بالجماعات المسلحة في الجبال، منهم من قتل في اشتباكات مع الجيش، ومنهم من تعرض للتصفية من طرف رفاقه».

وأفاد قسنطيني أن الهيئة التي يقودها، سجلت في تقريرها السنوي الذي سيوضع قريبا بين يدي بوتفليقة، «استفحالا خطيرا للفساد في مؤسسات الدولة». وأضاف في الموضوع: «الرشوة للأسف أصبحت نوعا من النشاط الرياضي يمارس بشكل عادي في الإدارة، وهذا أمر خطير ينبغي محاربته». وسئل عن «لجنة خاصة بمحاربة الفساد»، تحدث عنها الرئيس في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال قسنطيني إن بوتفليقة كان يقصد «هيئة الوقاية من الفساد» التي تم استحداثها في 2006، ولكن لم ينصب أعضاؤها إلى اليوم. واعتبرها قسنطيني «أفضل آلية لوقف زحف الفساد، لكن من الضروري أن يحصل أعضاؤها على الصلاحيات التي تتيح لهم التفتيش والتحقيق».

إلى ذلك، قتل 4 مسلحين الليلة قبل الماضية برصاص قوات الأمن الجزائرية في غابة قرب ولاية البويرة، شرق العاصمة، كما أفادت مصادر أمنية. وكان المسلحون الأربعة ضمن مجموعة تم رصدها في منطقة غابات في بلدية احنيف، الواقعة بين البويرة (120 كلم شرق العاصمة) وبرج بوعريريج (325 كلم شرق العاصمة). وأضافت المصادر أن قوات الأمن تحركت لمطاردة المجموعة بعد تلقيها معلومات حول وجودها في هذه المنطقة. وصادرت قوات الأمن أربعة رشاشات كلاشنيكوف وبندقية أوتوماتيكية من طراز «إف إم بي كاي».