العاهل الأردني يكلف سمير الرفاعي بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة

طالبه بمعالجة الاختلالات ترجمة للرؤية الإصلاحية التحديثية

TT

كلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سمير الرفاعي بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة نادر الذهبي التي قدمت استقالتها أمس.

ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن الحكومة خلال أيام، إذ أبلغت مصادر مطلعة بأن الملك عبد الله الثاني «أبلغ الرئيس المكلف بأخذ الوقت الكافي لاختيار فريقه الوزاري».

وطلب الملك عبد الله الثاني في كتاب التكليف السامي إلى الرئيس المكلف معالجة الاختلالات ضمن برامج وعمل مؤسسي، ترجمة للرؤية الإصلاحية التحديثية تنعكس أثاره الإيجابية على كل مناحي الحياة.

وقال العاهل الأردني في كتاب التكليف السامي «نحن عازمون على مواصلة هذه المسيرة بما يبني على الخطط والبرامج والأهداف التي تضمنتها الأجندة الوطنية ويحقق الخير والرخاء والازدهار».

وطلب الملك عبد الله الثاني من الرئيس المكلف خطة عمل خلال شهرين لعمل الحكومة تعمل بثقة وشفافية وبروح الفريق لخدمة الصالح العام، «من دون تراخ أو تباطؤ تحت وطأة الخوف من اتخاذ القرار أو حسابات الشعبية الآنية، أو سياسات الاسترضاء التي أضاعت على وطننا في الماضي الكثير من فرص التميز والتطور والتغيير الإيجابي الذي يمكننا من مواكبة روح العصر ومتطلباته».

وطالب العاهل الأردني بإصلاح سياسي يضمن أعلى درجة من المشاركة الشعبية في صناعة القرار، عبر مؤسسات قادرة فاعلة تعمل بشفافية وموضوعية على تعظيم الإنجاز والتصدي للقصور والتقصير والخلل وفقا للدستور والقانون.

كما طلب تعديل قانون الانتخاب تمهيدا لإجراء انتخابات نيابية جديدة تكون أنموذجا في النزاهة والحيادية والشفافية، تكون نقلة نوعية في مسيرتنا التطويرية التحديثية، وبحيث «يتمكن كل الأردنيين من ممارسة حقهم في الانتخاب والترشح وتأدية واجبهم في انتخاب مجلس نيابي قادر على ممارسة دوره الدستوري في الرقابة والتشريع والإسهام بفاعلية في استكمال مسيرة البناء، وفي تكريس الديمقراطية ثقافة وممارسة في وطننا الحبيب».

وطالب الحكومة بأن تعيد تقييم آليات تعاملها مع مجلس النواب بما يضمن إعادة تصحيح هذه العلاقة لتقوم على التعاون والتكامل في خدمة المصلحة العامة، وبحيث تمارس السلطتان صلاحيتهما الدستورية من دون تغول سلطة على أخرى، أو اللجوء إلى تفاهمات مصلحية تجعل من تحقيق المكتسبات الشخصية شرطا لاستقرار علاقة السلطتين. ولضمان عدم تكرار أخطاء الماضي، فقد طلب الملك عبد الله الثاني إعداد ميثاق شرف ملزم يوضح الأسس التي تحكم كل تعاملات الحكومة مع أعضاء مجلس النواب وفق الدستور والقانون.

وقال العاهل الأردني «نأمل أن يبادر مجلس النواب الجديد أيضا إلى إصدار وثيقة مماثلة تطمئن الأردنيين إلى أن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية محكومة بمعايير تحقق المصلحة العامة والتكامل الدستوري والقانوني والسياسي المطلوب لخدمة الوطن، وليست مرتهنة للاعتبارات والمكتسبات الشخصية الضيقة».

وطلب العاهل الأردني إجراء الانتخابات المقبلة، التي يجب ألا يتأخر إجراؤها عن الربع الأخير من العام المقبل. وأضاف العاهل الأردني «يتطلب نجاح هذا البرنامج اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حرية التعبير وفسح المجال أمام الإعلام المهني الحر المستقل لممارسة دوره ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية. وعلى ذلك فلا بد من إجراء التعديلات التشريعية اللازمة وتبني السياسات الكفيلة بإيجاد البيئة المناسبة لتطور صناعة الإعلام المحترف وضمان حق وسائل الإعلام في الوصول إلى المعلومة والتعامل معها من دون أي قيود أو عوائق. وتعديل القوانين وتحديثها لحماية المجتمع من الممارسات اللامهنية واللاأخلاقية التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام».

وبالنسبة للسياسة الاقتصادية، طالب الملك عبد الله الثاني الحكومة ببذل أقصى جهودها لتطوير الأداء الاقتصادي وضمان الإدارة المثلى للموارد، والعمل ضمن خطط واضحة تحمي اقتصادنا من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتمكنه من تحقيق أعلى مستويات النمو، وبلورة السياسات الاقتصادية والمالية الكفيلة بزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.

ويجب أن يشمل برنامج الحكومة الاقتصادي خطوات وإجراءات تحقق التوازن بين الإمكانات المالية والطلب على الإنفاق الحكومي، والمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي، وتعزيز الاعتماد على الموارد الذاتية، وتطوير التشريعات الاقتصادية، وتحقيق أعلى درجات التوازن التنموي بين المحافظات بما يؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين كافة، ومحاربة الفقر والبطالة والعمل على حماية الطبقات الفقيرة، وتقوية أدوات العمل المؤسسي لرعاية المحتاجين.

ودعا الحكومة لتسهيل عمل المستثمر الأردني ودعم رجال الأعمال الأردنيين، ومعالجة المعوقات البيروقراطية، وتطوير آليات تمويل المشاريع، وتحديث إجراءات طرح العطاءات، بما يضمن مشاركة جميع المستثمرين فيها بشفافية وعدالة، والقيام بإجراءات تشريعية وتنظيمية لضمان سلامة الجهاز المصرفي وحيويته، وتحصينه ضد تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وتلبية احتياجات المملكة من مصادر الطاقة، وتطوير البنية التحتية، خاصة قطاع الاتصالات وشبكات الطرق، واستكمال الإجراءات المتعلقة بإنشاء سكة الحديد الوطنية ليكون الأردن مركزا إقليميا للنقل، ولتطوير إمكانيات التكامل والتعاون مع الدول العربية المجاورة.

وطالب بتوسيع مظلة التأمين الصحي ليشمل جميع المواطنين، والتأكيد على برامج حماية الأسرة والمرأة والطفل، وتقديم الحماية والرعاية للفئات المعرضة للعنف، وتطوير التشريعات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف النبيل.

وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية أكد على ضرورة الالتزام بانتماء الأردن لأمته العربية، والعمل على تعزيز التضامن والتكامل ضمن مؤسسات العمل العربي المشترك، والقيام بواجب الدفاع عن حقوق الأمة وقضاياها العادلة، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، والاستمرار في تقديم كل أشكال الدعم والإسناد للفلسطينيين في نضالهم للحصول على حقوقهم المشروعة، خاصة حقهم في قيام دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على أن «القدس بالنسبة لنا ولكل العرب والمسلمين خط أحمر لا نقبل بتجاوزه»، ومواصلة العمل من أجل تحقيق السلام على أساس حل الدولتين وفي سياق إقليمي شامل يعيد جميع الحقوق العربية، ووفق المرجعيات المعتمدة، خاصة مبادرة السلام العربـية، من أجل أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار وتتحرر من ويلات الصراع والظلم والاحتلال. وعلى الحكومة الاستمرار في الوقوف بكل طاقاتها إلى جانب الفلسطينيين وتزويدهم بكل أشكال الدعم والمساعدة التي يحتاجونها.

ومن جهته، قدم رئيس وزراء الأردن نادر الذهبي استقالته للملك عبد الله الثاني، بعد عامين من تشكيل حكومته وغداة تنصيبه بإرجاء الانتخابات التشريعية في الأردن، الذي حل مجلس نوابه في الثالث والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قبل عامين من موعد الانتخابات الدستورية.

وكلف الذهبي بتشكيل الحكومة في نوفمبر 2007، وأجرى على حكومته تعديلا وزاريا وحيدا في فبراير (شباط) 2009، شمل عدة وزارات أهمها الداخلية والخارجية والمالية.

وأقرت حكومة الذهبي في آخر جلساتها ليلة أول من أمس القانون المؤقت للموازنة العامة للدولة لعام 2010، حيث بلغ إجمالي النفقات الجارية والرأسمالية 5 مليارات و460 مليون دينار، بلغ فيها عجز الموازنة العامة بعد المنح الخارجية 685 مليون دينار، أو ما نسبته 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 1178 مليون دينار عجزا معادا تقديره لعام 2009 يشكل ما نسبته 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009 (الدولار يساوى 0.708 دينار).

وحسب مراقبون، فإن حكومة الذهبي عانت خلال فترتها «مناكافات بين الفريق الاقتصادي، وفشلا في التوصل لإقرار مشروع الأقاليم (اللامركزية) الذي يرغب رأس الدولة في تطبيقه».

وأثبت آخر استطلاع للرأي لمركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن تراجع شعبية حكومة المهندس نادر الذهبي، حيث أظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لقرارات حكومة الذهبي وصلت إلى 52%، منخفضة بذلك بنسبة 4% عن الاستطلاع الماضي، وبنسبة تجاوزت 10% عن الاستطلاع الأول للحكومة ذاتها.