قضية الزهراني: الجامعة والإعلام يتبادلان الاتهامات

تأبين الأستاذ المقتول في كنيسة

TT

انتقدت أجهزة إعلامية أميركية جامعة بنغهامتون (ولاية نيويورك)، حيث قُتل (يوم الجمعة الماضي) ريتشارد أنطون، الأستاذ فيها، واعتقل بتهمة قتله طالب الدراسات العليا السعودي عبد السلام الزهراني.. وقالت الأجهزة الإعلامية إن الجامعة تتكتم على تفاصيل ما حدث. في الوقت نفسه، انتقدت الجامعة نفسها أجهزة إعلامية قالت إنها اهتمت بالإثارة.

وعقدت لويس ديفلور، رئيسة الجامعة، مؤتمرا صحافيا مساء أول من أمس قالت فيه: «نعرف، حقيقة، أن معلومات نشرت لم تكن صحيحة».

غير أن صحافيا اشتكى بأن الجامعة، يوم الحادث، أصدرت بيانا قالت فيه إن أنطون قتل، وإن شخصا اعتقل، من دون أن تشير إلى أنه طالب، وأن اسمه الزهراني، وأنه تلميذ أنطون. وقال صحافي آخر إن شرطة الجامعة رفضت الإجابة عن أسئلة الصحافيين، وأحالتهم إلى غيل كلوفر، المتحدثة باسم الجامعة.

وهنا تدخلت كلوفر التي كانت تجلس إلى جوار رئيسة الجامعة في المؤتمر الصحافي، وقالت إن قوانين الجامعة لا تسمح بإعلان اسم أي شخص متهم في جريمة قبل أن يعلن ذلك المدعي العام لمقاطعة بروم (التي فيها الجامعة).

وعندما طلب صحافيون من رئيسة الجامعة تقديم أمثلة لمبالغات في الأجهزة الإعلامية، ردت بأن شرطة المقاطعة والمدعي العام للمقاطعة هم الذين قالوا لها إن تقارير صحافية بالغت في وصف ما حدث، ولجأت إلى الإثارة. وأول من أمس، نشرت صحيفة «برس آند صن» التي تصدر في بنغهامتون، حيث مقر الجامعة، نقاشا عن كيفية تحاشي تكرار ما حدث يوم الجمعة الماضي.

وقال احتشام صديقي، رئيس منظمة إسلامية محلية «ما حدث تخطى كل حدود المعقول، ولا يوجد تفسير له. يحاول عدد كبير منا أن يفهم ما حدث. وبصراحة، ليس عند تفسير».

وتساءلت كلمة الصحيفة «ما هو الخط الفاصل بين الغضب والعنف؟ ماذا دار في عقل طالب عندما قتل أستاذا قضى جزءا كبيرا من حياته يعمل لنشر السلام والحب؟». ولم تجب كلمة الصحيفة عن السؤالين، لكنها أضافت «ليست هناك مبالغة في القول إن وطننا ومجتمعاتنا وعائلاتنا تمر، خلال هذه الفترة، بمرحلة توتر لم نشهد مثلها في تاريخنا».

وعن الزهراني، قالت الكلمة «وصف الزهراني بأنه كان يائسا. لكن هذه الأيام، يوجد اليأس في أعماق كثير من الناس».

واشترك في النقاش كيث ليهي، مدير الجمعية النفسية في المنطقة. وقال «يملك كل واحد منا القدرة على وضع خط فاصل بين العمل السلمي والعمل العنيف. وليس سرا أن مجتمعنا فيه كثير من حوادث الانتحار. صار كثير من الناس يتخطون مرحلة اليأس إلى مرحلة العنف»، سواء بقتل أنفسهم أو قتل غيرهم.

وكان مولين، مدعي عام مقاطعة بروم، حيث توجد الجامعة، قال إنه لا توجد أسباب دينية أو عرقية وراء الحادث. وقال إن التحقيقات مستمرة.

وأمس، نشرت مجلة «ويكلي ستاندارد» اليمينية التي تصدر في واشنطن، تقريرا عنوانه «فرز المسلمين المتطرفين»، قالت فيه إن اعتقال الطالب الزهراني «مرة أخرى، يثير موضوع معرفة من هو المسلم المتطرف ومن هو المسلم المعتدل، لأن النوعين صارا الآن يعيشان معنا في الغرب».

وقالت مصادر أميركية إنه ربما توجد أسباب دينية تفسر تورط الزهراني في قتل أنطون. وذلك لأنه خلال الشهور القليلة الماضية كتب الزهراني كثيرا عن جوانب دينية، حسبما أوضح بريده الإلكتروني.

ويوم 21ـ10ـ2009، كتب عن شخص يعتقد أنه أنطون، تعليقا على تعليق سابق، وأرسله إلى صحيفة «معاريف» الإسرائيلية. كتب عن «أقبح روح على وجه الأرض، روح إسرائيلي مستشرق». وفي رسالة أخرى، كتب «أريد أن أرد على الغبي الذي قال إن العرب أكثر الفاشلين في تاريخ الإنسان. لا يوجد فشل مثل الفشل الإسرائيلي. فشلتم في أوروبا، وتريدون أن تكرروا التجربة نفسها في فلسطين». ثم صب هجوما عنيفا على الحكومات العربية. واستعمل كلمة «ضمير»، وقال إنها يجب أن تشطب من القاموس العربي. وقال: «هذه كلمة هامشية بالمقارنة مع الواقع». ووصف الحكومات العربية بأنها «عصابات»، وأنها «أكثر مصاصي دماء، وأكثر جهلا، بدون جسم ولا عقل، وناقصو ضمائر».

واستمر الجدل أمس حول يهودية أنطون. وقال القس ديفيد ميلار، قس كنيسة «يونيتاريان يونيفيرسالت» (موحدين كونيين)، إن أنطون «لم يعتنق اليهودية»، لكنه «عرف عنها من زوجته اليهودية»، وهذا إشارة إلى ما جاء في مقدمة كتاب أنطون، حيث قال «مؤخرا، عرفت اليهودية، خاصة الطائفة الإصلاحية فيها عن طريق زوجتي».

وقال القس ميلار إن هذا يعني أن أنطون لم يعتنق اليهودية. ورغم أنه عرف كثيرا عن اليهودية، فإنه «لم يترك دينه المسيحي». ورد القس ميلار على تعليقات بأن أنطون انتقل من المسيحية إلى الإسلام، وليس إلى اليهودية. قال القس إن هذا لم يحدث، وإن أنطون «لم يكن مسلما، ولا يوجد مسلم في عائلته القريبة»، التي قال إنها من عائلة حداد في لبنان.

وأضاف ميلار أن تأبين أنطون في كنيسته يوم الجمعة لن يكن يهوديا، ولكن حسب عقيدة الكنيسة، وهي كنيسة ليبرالية منفتحة، تضم مسيحيين ويهودا تمردوا على تقاليد كنائسهم ومعابدهم التقليدية.