قائد عسكري بريطاني يحذر من تكرار خطأ العراق في أفغانستان: تعيين مبتدئين في مراكز القرار

الجنرال فيغرز انتقد في شهادته أمام لجنة شيلكوت الحكومة البريطانية.. ووصف قرار اجتثاث البعث بـ«المجنون»

TT

حذر قائد عسكري بريطاني بارز من تكرار خطأ العراق في أفغانستان وتعيين «مبتدئين» في مراكز مهمة. وقال الجنرال فريدريك فيغزر، الذي كان المسؤول العسكري الأول عن القوات البريطانية في العراق بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول) 2003، إن هناك «أشخاصا يقتلون نتيجة بعض تلك القرارات الصادرة عن مبتدئين يعينون في مناصب مهمة».

وأضاف أمام لجنة شيلكوت البريطانية التي تحقق في الحرب على العراق في الفترة الممتدة من عام 2001 حتى العام الحالي «إنها مسؤولية كبيرة، ولا أشعر بأننا نتحملها بشكل جيد.. لدينا خبرة كبيرة في هذا البلد، لا نستعملها». وقال إن مسؤولين كبارا، من بينهم وزراء، كانوا بحاجة إلى تدريب أكبر للتعاطي مع التعقيدات التي تنطوي على شن غزو.

وأشار إلى أن هؤلاء الذين كانوا في أعلى المناصب الوزارية، لم تكن لديهم صورة واضحة عن العملية العسكرية وإلى أين تتجه، وقال: «أنا لا أتحدث عن الجنود والقادة العسكريين والمدنيين.. الذين أدوا عملا ممتازا، ولكن عن رجال الفكر الذين يقودون هذه الأمور».

وقال إن الجنود البريطانيين كانوا يعانون لتطبيق جهود إعادة الإعمار، لأن السرعة التي استطاعوا بها أن يقضوا على جيوش صدام حسين فاجأتهم. وقال إن الخطة التي وضعت ذكرت أن وصول قوات التحالف إلى بغداد سيستغرق 100 يوم، بينما في الواقع دخلوا العاصمة خلال 16 يوما. وأضاف أن الجنود عندما وصلوا إلى العاصمة لم يدروا ماذا عليهم أن يفعلوا، وفي البداية فرحوا بالاستقبال الذي لقوه، إلا أن هذا الاستقبال ما لبث أن تحول إلى غضب بعد أن تبين أنه ليست هناك خطط لإعادة الإعمار. وقال «كان الناس يقولون لنا لقد أرسلتم رجلا إلى القمر، وتقولون لنا اليوم إنكم عاجزون عن تزويدنا بالطاقة الكهربائية؟». وتحدث الجنرال فيغزر عن نقص في فهم وضع العراق بعد الغزو، مشيرا إلى عدم إجراء أبحاث بشكل كاف قبل الغزو. وقال إن الواقع الذي اكتشفه الجنود في العراق كان بعيدا جدا عما رسم لهم قبل الغزو، مشيرا إلى أن التوقعات كانت معالجة لأزمة إنسانية لشعب مستعد للمساعدة. وأضاف «بعد أن تم استقبالنا باحتفالات كبيرة، تغير الوضع بسرعة، وانقلب الأمر علينا، وأصبحنا قوات احتلال».

وانتقد فيغرز أيضا قرار اجتثاث البعث الذي اتخذه بول بريمير، القائد المدني للعراق الذي عينه الرئيس الأميركي جورج بوش في مايو (أيار) 2003 للإشراف على أعمال إعادة الإعمار. ووصف الجنرال البريطاني القرار بأنه «مجنون»، وقال «عدوهم كان حزب البعث، ولكن نتيجة ذلك أنه لم يكن هناك من نتعاطى معه في الجيش العراقي. قلنا للأميركيين إنه علينا أن يكون معنا أشخاص متخصصون يفهمون ما يحصل.. كان معروفا في ذلك البلد أنه عليك أن توقع ورقة لتصبح ما تريد، طبيبا أو جنرالا». وأضاف «نتيجة ذلك كانت أن حصلنا على جيش فقير غير مدرب كفاية.. كان هذا قرارا استراتيجيا لم يساعد». ولكنه تحدث في المقابل عن الصعوبات التي واجهت القوات البريطانية لتدريب قوات شرطة عراقية من جديد، وأشار إلى أن رجال الشرطة العراقية، خصوصا في بغداد، كان لديهم مفهوم مختلف لعملهم عن المفهوم السائد للشرطة في الغرب. وقال «الشرطة كانوا الأشخاص الذين يرسلهم حزب البعث إلى بيوت الناس ليلا لسحبهم وقتلهم.. كان علينا أن نبدأ من الصفر».

واستجوبت لجنة شيلكوت أيضا أمس المنسق الإقليمي لسلطة الائتلاف المؤقتة في جنوب العراق، السير هيلاري سينوت، والذي تسلم مهامه في يوليو (حزيران) 2003 حتى يناير (كانون الثاني) من عام 2004. ووصف سينوت أمام اللجنة الوضع الذي وصفه بـ«الكئيب» هناك، موجها انتقادات للحكومة البريطانية بسبب تباطؤها في تزويد القوات البريطانية بالأدوات اللوجيستية التي كانت بحاجة إليها. وقال إنه كان عليه أن يعمل من دون وسائل للاتصال بلندن، وإنه لم يكن لديه هواتف ولا آلات كومبيوتر للتواصل عبر الإنترنت.

وتتابع اللجنة التي يرأسها السير جون شيلكوت، وتضم 5 أعضاء آخرين، استجوابها مسؤولين سابقين في الإدارة حتى فبراير (شباط) العام المقبل. ومن المتوقع أن تبدأ في يناير استجواب وزراء في حكومة بلير، إضافة إلى بلير نفسه، على أن تصدر تقريرها في نهاية العام المقبل. وتقول اللجنة إن عملها يأتي للتوصل إلى مدى قانونية الحرب على العراق، ويهدف إلى استخلاص دروس، من دون أن تخضع أحدا للمحاكمة أو المساءلة. إلا أنها على الرغم من ذلك، فإن اللجنة تتعرض لضغوط وانتقادات كثيرة بسبب عدم قدرة أي من أعضائها على طرح أسئلة أساسية على الأشخاص الذين تستجوبهم، أو متابعة خيوط تظهر خلال الاستجوابات. وحتى إن البعض يشكك بجدوى لجنة تحقق في قانونية الحرب، من دون أن يكون أي من أعضائها متخصص في القانون.

وتعرضت اللجنة خصوصا لانتقادات كثيرة بعد استجوابها الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية (إم آي 6) أول من أمس، جون سكارليت، الذي ترك يتحدث على سجيته وبدا أعضاء اللجنة غير قادرين على التعقيب على المعلومات التي كان يدلي بها. وكتب سايمون جانكنز في صحيفة الـ«غارديان» أمس «لم أتخيل أبدا أنني سأصرخ (أرسلوا محاميا)، ولكن اللجنة تعاني من نقص شديد لشخصية تفحص بمهارة.. تضم اللجنة عالمين في التاريخ، السير مارتن جيلبرت والسير لورانس فريدمان، اللذين يبدوان وكأنهما يبحثان في كتابهما المقبل، واللايدي بارشار المهتمة فقط بـ(توضيح الأمر) (جملة ترددها دائما)، والدبلوماسي السير رودريك لاين الذي بين الحين والآخر يقفز إلى المشاركة في الاستجواب، ولكن ليس عندما يكون أمامه رئيس الاستخبارات».