مصادر فرنسية رسمية: نستبعد انسحاب إيران من المعاهدة النووية الدولية

قالت إن الانسحاب لا يعفيها من المساءلة عن أنشطتها خلال فترة عضويتها

TT

فيما المهلة التي أعطتها الإدارة الأميركية للسلطات الإيرانية لإثبات رغبتها بالتعاون مع وكالة الطاقة الدولية التي حددها الرئيس باراك أوباما بنهاية العام الجاري آخذة في النفاذ ومعها بروز احتمال فرض عقوبات بترولية ومالية واقتصادية على طهران، الأمر الذي سيكون موضع بحث يومي الخميس والجمعة في اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسل، تتساءل الأوساط الغربية عما يمكن أن يكون عليه رد الفعل الإيراني وما إذا كانت إيران ستلجأ، كما فعلت كوريا الشمالية قبلها، إلى الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

السؤال مطروح بقوة في العواصم الغربية، كذلك طبيعة الإجراءات التي يمكن إقرارها في حق إيران انطلاقا من مبدأ أنه لا يتعين استبعاد هذا السيناريو.

تقول مصادر فرنسية رسمية واسعة الإطلاع، إنه من الناحية من الناحية النظرية، «لا شيء يمكن أن يمنع طهران من إعلان انسحابها» باستثناء المهلة الزمنية المحددة بستة أشهر التي يفترض، وفق النصوص النافذة لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، بالسلطات الإيرانية احترامها وهي الفاصلة ما بين الإعلان عن رغبتها في الانسحاب وبين اللحظة التي يكون فيها الانسحاب فعليا.

غير أن الانسحاب لا يعني أبدا أن إيران ستكون طليقة اليدين وسيكون باستطاعتها أن تفعل بعد ذلك ما تريد. فالمعاهدة تنص على أن البلد المنسحب، تترتب عليه واجبات، وهو يبقى مسؤولا عن نشاطاته النووية التي حصلت في أثناء فترة انتمائه إلى المعاهدة، ومنها الاستمرار في توفير الضمانات لجهة أنه لم ينتهك التزاماته تجاه المعاهدة الموكول تطبيقها إلى الوكالة الدولية للطاقة النووية. ولذا، بإمكان إيران الانسحاب لكن سيكون لزاما عليها الاستمرار في التعاون مع الوكالة الدولية بخصوص نشاطاتها السابقة والإجابة على الاستفهامات المطروحة عليها بخصوص نشاطاتها النووية بين عام 1968، تاريخ انضمامها إلى المعاهدة، وتاريخ الخروج منها في حال أقدمت على الخروج. وبكلام آخر، ستكون إيران ملزمة بتوفير البراهين التي تدل على أنها لم تسع «لعسكرة» برنامجها النووي وأنها احترمت التزاماتها والإجابة على أسئلة الوكالة حول دراساتها وتجاربها لإنتاج رؤوس يمكن أن تستضيف المادة النووية المتفجرة وحول إنتاج البلوتونيوم والغاية من مصنع «أراك» الذي يعمل بالمياه الثقيلة وغير ذلك من التساؤلات. غير أن إيران، كما تقول المصادر الفرنسية يمكنها أن تحذو حذو كوريا الشمالية بحيث يترافق خروجها من المعاهدة مع التخلي عن توفير الضمانات الواجبة للوكالة الدولية. وكانت بيونغ يانغ قد أرفقت خروجها بطرد مراقبي الوكالة الدولية ووقفت تعاونها معها. لكن باريس «تستبعد» عمليا أن تخرج إيران من المعاهدة «لأن ذلك يعني عزلتها الدولية ولأنها ليست كوريا الشمالية». وفي حال خرجت إيران من المعاهدة فإنها ستفقد تسهيلات التعاون النووي في الميدان السلمي مع الوكالة الدولية أو مع أطراف أخرى. لكنها خصوصا ستكون، وفق المصادر الفرنسية، قد «أدانت نفسها بنفسها» إذ سيفسر انسحابها بأنه «اعتراف بأن لبرنامجها النووي غايات عسكرية».

وسيكون هذا الجانب أحد الموضوعات التي سيناقشها المؤتمر الدولي لمراجعة معاهدة منع انتشار السلاح النووي الذي سينعقد في نيويورك في شهر مايو (أيار) القادم. وقالت المصادر الفرنسية إن الغرض من المراجعة «ليس نزع حق الانسحاب من الأعضاء وهو حق سيادي بل تأطيره وتحديد شروطه والنتائج» المترتبة على خطوة من هذا القبيل مثل حرمان الدولة المنسحبة من ثمار التعاون النووي السلمي.

ويندرج مؤتمر نيويورك الذي ينعقد دوريا مرة مكل خمسة أعوام في سياق «استحقاقات» أساسية للأشهر القادمة كانت باكورتها اجتماع مجلس الأمن الدولي على مستوى رؤساء الدول والحكومات في سبتمبر (أيلول) الماضي والذي أفضى إلى صدور القرار 1887 حول نزع السلاح النووي. وستستضيف باريس يومي 8 و9 مارس (آذار) القادم مؤتمر الاستخدام السلمي للطاقة النووية فيما تستضيف واشنطن يومي 12 أو 13 أبريل (نيسان)، بدعوة من الرئيس أوباما قمة الأمن النووي. ويأتي مؤتمر نيويورك لمراجعة معاهدة انتشار الأسلحة النووية لتتوج كل هذه الاجتماعات وهي ستدور حول ثلاثة محاور: منع انتشار السلاح النووي، ونزع السلاح النووي، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وسيناقش المؤتمر «خطة عمل» لتقوية وسائل التحقق والمراقبة ووقف الانتشار عن طريق إقرار «تدابير إضافية» ومناقشة مشروع إنشاء «بنك الوقود النووي» للتحكم في تخصيب اليورانيوم ومعالجة الوقود النووي ومناقشة الموضوع النووي في الشرق الأوسط حيث كان صدر في عام 1995 قرار بقيام منطقة شرق أوسطية منزوعة السلاح النووي. والسؤال الذي سينكبّ عليه المؤتمرون هو: كيف العمل لتحقيق هذا الهدف؟

وترى باريس أن هذا الغرض لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال «توفير ضمانات» للأطراف المعنية والتزام الأطراف كافة بمعاهدات نزع السلاح الكيماوي والبيولوجي وتوافر الأمن الإقليمي بحيث «تسير كل هذه الأمور جنبا إلى جنب».