وزير مغربي يعترف بصعوبة مكافحة الرشوة في بلاده

المغرب يحتضن في 2011 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية مكافحة الفساد

TT

اعترف وزير مغربي بصعوبة محاصرة آفة الرشوة، التي أصبحت، على حد قوله، من الظواهر المنتشرة في كل المجتمعات الغنية منها والفقيرة، وذلك نظرا «لطبيعتها الخفية والمتجذرة»، مشيرا إلى انعكاساتها السلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بعد أن استطاعت أن تتحدى كل الآليات القانونية والزجرية، التي وضعت للقضاء عليها، أو على الأقل للحد منها.

وقال محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، الذي كان يتحدث أمس بالرباط في مستهل يوم إخباري حول نتائج مؤتمر الدوحة للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة، الذي عقد ما بين 9 و13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن التصدي لجسامة هذه الآفة يتطلب تبني رؤية تشاركية تسهم فيها الحكومة والبرلمان والفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون والمهنيون، وكافة هيئات المجتمع المدني.

واعتبر عبو أن المسؤولية في نظره لم تعد على عاتق الدولة فحسب، بل مسؤولية المجتمع أيضا، مضيفا أنه رغم ما حققته حكومة بلده من مكتسبات تشريعية ومؤسساتية، تنفيذا لمقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة التي صادقت عليها في مايو ( أيار) 2007، فإن هذه المجهودات لم تقابل بالتجاوب الفعال للمجتمع، مما يتطلب مزيدا من التأطير والتوعية والتربية على قيم المواطنة والنزاهة والشفافية.

وزاد عبو قائلا إنه رغم المجهودات التي تبذلها بلاده، والمتمثلة أساسا في إحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وإصدار النصوص المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات، وتبييض الأموال، والتبادل الإلكتروني للمعطيات، ومراجعة المرسوم (القانون) المتعلق بالصفقات العمومية، فإن الملاحظ هو تراجع المغرب في التصنيف العالمي لمؤشر ملامسة الرشوة، مما يتطلب مواصلة العمل في اتجاه ملاءمة التشريعات الوطنية مع جميع مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والسهر على تفعيلها.

وفي سياق ذي صلة، أعلن عبو أنه تم يوم الاثنين الماضي تشكيل لجنة وزارية تحت إشراف عباس الفاسي، رئيس الوزراء، تنسق أعمالها وزارة تحديث القطاعات العامة، وستتكلف هذه اللجنة تحيين برنامج عمل الحكومة في مجال الوقاية من الرشوة.

وستقوم هذه اللجنة، حسب الوزير، بالتركيز على بعض القطاعات الحكومية الأكثر تعرضا لهذه الآفة، والعمل على إصدار القوانين اللازمة لحماية المبلغ عن الرشوة، وإصدار قانون خاص بالوصول إلى المعلومة، وتعديل القانون الجنائي في اتجاه تشديد العقوبات المتعلقة بالرشوة، كما ستتكلف اللجنة بتتبع وتنفيذ هذا البرنامج مع اتخاذ إجراءات عملية وفورية، ذات تأثير مباشر على المواطن.

وبعد أن تطرق إلى مشاركة المغرب في الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ذكر الوزير أنه تم بالإجماع تصويت الدول الأعضاء في الاتفاقية على قرار منح المغرب استضافة الدورة الرابعة سنة 2011، مشيرا إلى أن الهدف ليس فقط احتضان المغرب لهذه الدورة، ولكن إبراز إرادة سياسية لمواصلة الإصلاحات المتعلقة بدعم قيم الشفافية والنزاهة، وذلك بالتزام الحكومة بتفعيل وتحيين برنامج عملها في مجال محاربة الرشوة بالتشاور مع مختلف الفعاليات المعنية، وخصوصا هيئات المجتمع المدني.

وبدوره، أكد عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي نظمت اللقاء الإخباري، أن الهيئة المذكورة اختارت عن وعي أن يكون مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، محور تخليد اليوم العالمي لمحاربة الرشوة، اعتبارا للرهانات الحيوية المرتبطة بهذا المؤتمر، وبالاتفاقية ككل.

وقال أبو درار إن التلاؤم مع مقتضيات الاتفاقية أصبح مطلبا أساسيا، لكسب ورقة الانخراط في المنظومة الدولية لمكافحة الفساد، مضيفا أن محاربة الفساد والرشوة عبر هذه الاتفاقية من شأنها أن تقيد مستقبلا آليات دعم التنمية والمساعدة التقنية الموجهة إلى الدول في هذا المضمار.

وخلص أبو درار إلى القول إن المغرب، «الذي عبر دائما عن انفتاحه الإيجابي على العالم، وانخراطه الموضوعي في حركية الأفكار والتيارات التي تسوده، حقق مكتسبات مهمة في تجاوبه مع الاتفاقية الأممية، مشيرا إلى أن اختياره لاحتضان أشغال الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف، هو اعتراف تأكيدي بالمجهودات المبذولة والمواقف المعلنة».