مفاوضات المناخ تصطدم بجدل المساعدات والتعويضات المالية

أوروبا تقر 10 مليارات دولار للدول الفقيرة

TT

فيما يحتل موضوع المساعدات المالية صلب النقاش في مؤتمر المناخ بكوبنهاغن، تؤكد الدول النامية أنه «لا اتفاق بدون أموال»، وتعتبر أن تمويل مكافحة التغيرات المناخية غير كاف. ويختلف في هذه القضية خصوصا، أكبر بلدين ملوثين في العالم، الولايات المتحدة والصين. فبعد أدائها دور الناطق باسم البلدان النامية، ذكرت الصين بقوة أن المساعدة المالية الضرورية للدول النامية تعتبر «مسؤولية تاريخية». واعتبر يو كينغتاي، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الصينية في مجال البيئة، أن «تأمين الدول الصناعية مساعدة مالية للدول النامية ليس من باب الصدقة أو إحسان الأثرياء». لكن الموفد الأميركي الخاص لمؤتمر المناخ، تود شتيرن، أكد من جانبه أنه يرفض أي فكرة «تعويض»، وقال: «نعترف تماما بدورنا التاريخي في تلوث الفضاء، لكنني أرفض قطعا أي فكرة ذنب أو تعويض». كما أعلن كبير المفاوضين الأميركيين جوناثان برشينغ أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن المساعدة المالية للصين ليست «أولوية» مقارنة بحاجات «الدول الأكثر فقرا والأكثر تضررا».

وظهرت انقسامات بين الدول النامية عندما اقترح أرخبيل تافولو في بولينيسيا أهدافا ملزمة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة من جانب كبرى الدول الناشئة مثل الهند والصين. وبينما يحتكر الصينيون والأميركيون النقاش في كوبنهاغن، يحاول قادة الاتحاد الأوروبي اعتبارا من مساء أمس في بروكسل استعادة المبادرة في المفاوضات عبر منح مساعدة فورية قيمتها ستة مليارات يورو (عشرة مليارات دولار) للدول الفقيرة. وصرح سفير البيئة البرازيلي سرجيو سيرا «إننا قلقون جدا. تلك الأرقام على المدى القصير مرحب بها لكنها غير كافية تماما، إن كل الدول النامية تنتظر التزامات بحلول 2020». وقال ملخصا «لا اتفاق بلا أموال».

كذلك ينبغي على الأوروبيين تجاوز خلافاتهم حول ضرورة زيادة خفض انبعاثات غازات الدفيئة في كوبنهاغن من 20% بحلول 2020 مقارنة بـ 1990 إلى 30%، الأمر الذي سيمكنهم من البقاء في الطليعة في مجال حماية البيئة. وأعلن وزير البيئة الفرنسي جان لوي بورلو، أمس، في باريس، أن الرئيس نيكولا ساركوزي يريد الوصول «في أقرب وقت» إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنحو 30% على الصعيد الأوروبي.

ومن جهتها، تدفع بريطانيا لتشجيع كبرى الدول الملوثة على الاحتذاء بها. وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون «على دولنا أن تكون طموحة بمقدار ما تدعيه». لكن دولا أخرى تظهر مزيدا من الحذر. وقال رئيس الوزراء السويدي فريديرك راينفلت أمس «نعتبر أن التعهدات التي أعلنتها الولايات المتحدة لا تقارن بالجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي، ولا نعتقد أن الوقت حان» لاتخاذ خطوة مماثلة. وتقترح واشنطن ألا تتجاوز نسبة خفض الانبعاثات أربعة في المائة مقارنة بعام 1990.

وفي موقف مشترك تم اتخاذه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في بكين وأفيد عنه جزئيا ونشرته بشكل كامل صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس، تطلب الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا من الدول المصنعة خفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة بنسبة 40% بحلول 2020. واعتبرت وزيرة البيئة الاسترالية بيني وونغ أن مناقشات كوبنهاغن شهدت «انطلاقة صعبة» و«إذا أردنا أن تنجح فعلينا الابتعاد عن الخطب التي تحمل الآخرين المسؤولية أو الإشارة بالبنان إلى هذا أو ذاك».

وتزامنا مع اجتماعات كوبنهاغن، تركزت مناقشات القمة الأوروبية في يومها الأول في بروكسل أمس على ملف التغير المناخي. وأقرت المفوضية الأوروبية، مساعدات مالية تبلغ قيمتها نحو 1.5 مليار دولار لدعم 15 مشروعا تجريبيا لدعم الطاقة النظيفة في خطوة تهدف لمواجهة ركود الاقتصاد الأوروبي وتقليل الأضرار الناجمة عن الاحتباس الحراري.

من ناحية أخرى، ارتدى مئات الشبان أمس في أروقة بيلا سنتر، الذي يستضيف أكثر من 15 ألف مندوب من العالم أجمع، في كوبنهاغن، قمصانا برتقالية كتب عليها «كم سيكون عمرك سنة 2020؟» مخاطبين بذلك المسنين الذين قد لا يأخذون التغيرات المناخية على محمل الجد.

وأكد أكثر من مائة من قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي تسلم أمس جائزة نوبل للسلام في أوسلو، مشاركتهم في ختام القمة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حيث يفترض أن يتم التوصل إلى اتفاق جديد حول البيئة. كما أعلن الكرملين أمس أن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف سيتوجه إلى العاصمة النرويجية.