اجتماع بين البشير وسلفا كير لحل أزمة القوانين.. والحركة الشعبية تقاطع اجتماعا للحكومة

قيادي سوداني جنوبي: نائب الرئيس السوداني أغلق هاتفه أمام نائب رئيس حكومة الجنوب

TT

فيما دخل الرئيس عمر البشير ونائبه الأول رئيس الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت في اجتماع في القصر الرئاسي أمس استمر خمس ساعات لنزع فتيل الأزمة بينهما بشأن القضايا العالقة في اتفاق السلام الموقع بين الطرفين عام 2005، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاقات محددة، ورفعا الاجتماع وقررا مواصلته في الليل، وأضافت المصادر أن الطرفين أكدا في الاجتماع «مواصلة الحوار، في أعلى المستويات، إلى حين التوصل إلى اتفاق. ولم تستبعد المصادر، في ردها على سؤال، أن يتفق الطرفان على تمديد جلسات البرلمان ليتمكن الأخير من إجازة القوانين محل الخلاف. فيما عقد سلفا كير فور انفضاض الاجتماع الرئاسي اجتماعا مع أحزاب «إعلان جوبا»، المعارضة والحركة الشعبية، ولم يتسن معرفة ما دار في الاجتماع. وفشل اجتماع لمجلس الوزراء السوداني كان من المقرر أن يبحث مشروعات قوانين من بينها قوانين: الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان والمشورة الشعبية وهي ضمن القوانين الخلافية ورفعها إلى البرلمان يوم الاثنين المقبل، وذلك بسبب مقاطعة وزراء الحركة الشعبية لاجتماع مجلس الوزراء. واعتبر مسؤولون في الحركة الشعبية تقديم تلك القوانين قبل الاتفاق عليها سياسيا بأنه نوع من الاستفزاز للحركة الشعبية.

واستبق سلفا كير الاجتماع الرئاسي، الذي تترقبه الأنظار في العاصمة السودانية، بتصريحات في عاصمة الجنوب جوبا رفض فيها هتافات لمتظاهرين أمام مقبرة الزعيم الراحل جون قرنق في المدينة تطالب بسقوط البشير. وقال للمتظاهرين إن سقوط البشير يعني سقوطي لأننا في «سرج واحد» هو اتفاقية السلام. وذكر أن الحركة لن تنسحب من الحكومة لأننا لا نستطيع أن نحكم بدون البشير كما أنه لا يستطيع الحكم بدوننا. وقال إن الاتفاقية حققت كثيرا من الإنجازات لكن المؤتمر الوطني ما زال يتباطأ في تنفيذ بنود مهمة. وعزا التحركات التي حدثت بالخرطوم يوم الاثنين الماضي إلى رغبة الحركة في إسماع صوتها للموقعين على الاتفاقية، في إشارة إلى ممثلي الدول الأجنبية، ومضى «نريد أن نشركهم والهدف ليس إسقاط النظام لأن سقوطه يعني سقوطنا».

وكانت الحركة الشعبية انسحبت من البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب ما اعتبرتها مماطلة البرلمان، الذي يتمتع فيه حزب المؤتمر الوطني، بزعامة البشير، بالأغلبية، في عملية إجازة جملة من القوانين تسمى بقوانين التحول الديمقراطي، وهي ضمن اتفاق السلام بين الطرفين، وبعد أيام انسحبت الحركة الشعبية من مجلس الوزراء، وصعّدت، بالتنسيق مع أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد، الضغط على حزب المؤتمر الوطني باتجاه «الإسراع في إجازة القوانين»، وقد بلغ التصعيد ذروته حين خرجت هذه القوى إلى الشارع الأسبوع الماضي، ولكن الشرطة منعتها من تسيير مسيرة لرفع المطالب ذاتها إلى البرلمان، بعد أن اعتبرتها الشرطة مسيرة غير سلمية وغير مرخص بها.

إلى ذلك، كشف الأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، في تصريحات صحافية في الخرطوم عن محاولات اتصال هاتفية عديدة أجراها نائب رئيس الحركة الشعبية رياك مشار بنائب الرئيس علي عثمان محمد طه لبحث أمر إرسال طائرة للنائب الأول سلفا كير لتقله إلى الخرطوم، إلا أن الأخير لم يستجب لها. وكان سلفا كير رفض ركوب طائرة أرسلت إليه من الخرطوم لتقله إلى العاصمة الخرطوم للتباحث مع البشير حول القضايا الخلافية بينهما «لأنها غير رئاسية ولا تحمل علم السودان».

وقال أموم في تصريحاته الصحافية: على المؤتمر الوطني تقديم هذه القوانين كما نصّ عليه الدستور واتفاقية السلام ويكف عن هذه المماطلة.

في غضون ذلك ربط أموم تأجيل مسيرة كان مقررا لها اليوم لإعطاء مهلة لزيارة سلفا للخرطوم، ومن ثمّ التشاور مع قوى الإجماع الوطني واجتماعاته مع رئيس الجمهورية، وأضاف: نحن ننتظر وكلنا أمل في أن يتحمّل الرئيس البشير مسؤولياته، ويوافق على كل قوانين التحول الديمقراطي وقوانين تكملة إنفاذ اتفاق السلام في الساعات المقبلة، ومضى «وعليه نحن قررنا تأجيل المسيرة السلمية بعد النظر في نتائج هذه اللقاءات، وإذا خرجت هذه الاجتماعات بقبول المؤتمر الوطني إجازة القوانين فسنحرك مسيرة سلمية تأييدا لهذا التقدم وإحقاقا للتحوّل الديمقراطي والسلام، وإذا رفض الوطني إجازة القوانين ستخرج مسيرة للمطالبة بإجازتها».

وحسب أموم، فإن مسودات القوانين الخلافية التي أرسلها حزب المؤتمر الوطني إلى مجلس الوزراء تعتبر «أكثر سوءا من تلك التي سبق أن رفضت بطريقة توحي بصعوبة التوصل لاتفاق». وقال أموم إن أحزاب «إعلان جوبا»، المعارضة والحركة الشعبية، أرجأت مسيرتها اليوم إلى حين مشاورات مع كير ومعرفة نتائج اجتماعات مؤسسة الرئاسة، التي بدأت أمس. وكشف أموم عن تنظيم ليالٍ سياسية جماهيرية مفتوحة غدا السبت في مدن الخرطوم الثلاث، وقال: تقدمنا بطلبات إخطار للشرطة حسب ما نصّ عليه منشور وزير الداخلية الموزع من قبل مجلس الأحزاب وعلى حسب الدستور، وإذا رفضت الشرطة سنقوم بتنظيم تلك الندوات، لاعتبار أن الرافضين في هذه الحالة يعتبرون منتهكين للدستور والحقوق المكتسبة عبر القوانين.

في غضون ذلك، دعا بيان صادر عن الخارجية الأميركية الحكومة السودانية إلى السماح بحرية التعبير والتظاهر السلمي تعبيرا عن روح الدستور، وطالبت القوى السياسية بخلق جو ملائم لانتخابات نزيهة، وقال إنّ الفشل في ذلك يهدد فرص قيام انتخابات نزيهة. من جانبه أعرب المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت غرايشن عن قلق بلاده إزاء التطورات الأخيرة، وحثّ الطرفين على ضبط النفس، موضحا أنّه لم تتم أي مفاوضات فيما يخصّ المواضيع المهمة للشعب السوداني، ولن يتم أي تقدم ما لم تتم في أجواء خالية من الترويع.

وكان المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، عقد اجتماعا برئاسة الرئيس البشير، وقال فتحي شيلا أمين أمانة الإعلام بالوطني للصحافيين إن الاجتماع ناقش القوانين وعدم جاهزية الحركة لإجازتها، بجانب بحث الخطوات التي اتخذت لإجازة تلك القوانين مع الحركة. وأضاف شيلا أن الاجتماع تطرّق لقانوني الأمن والاستفتاء ونكوص الحركة عنهما، ورهن المكتب القيادي قيام الاستفتاء بالانتخابات في مواعيدها، ودعا لتواصل الحوار مع الحركة لحلحلة القضايا الخلافية.

من جهة أخرى أدانت هيئة شؤون الأنصار في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بيان هيئة علماء السودان الذي قال «لا يجوز لمسلم أن يخرج في مظاهرات ينظمها أعداء الإسلام من العنصريين ودعاة الفتنة والشقاق والطامعين في السلطة بأية وسيلة»، وقال بيان الأنصار إن المسيرة التي نظمتها قوى الإجماع الوطني شارك فيها أبناء السودان بمختلف سحناتهم، وأضاف البيان «إنه عمل وطني مشروع يحقق مقاصد الإسلام التي تدعو إلى التسامح وحل الخلافات عبر الوسائل السلمية»، وقالت هيئة شؤون الأنصار «إن أسلوب التعبير برفع المذكرات للمسؤولين هو من الوسائل السلمية المنصوص عليها في الدستور والقانون الذي سنه وأجازه الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه أصحاب بيان ما يسمى بهيئة علماء السودان». وناشدت هيئة شؤون الأنصار في بيانها السودانيين إلى عدم الامتثال إلى الفتوى التي أصدرتها هيئة علماء السودان، وقالت «ومن هنا نناشد جماهير شعبنا والأمة الإسلامية بأن لا ينساقوا وراء فتاوى وبيانات التكفير المتشنجة التي تتهم العقلاء بأنهم دعاة الفتنة، إلا أن بياناتهم وفتاواهم هي الفتنة بعينها»، وأضاف بيان الأنصار في رده على فتوى علماء السودان «من هم أعداء الإسلام؟ هل هم الذين يدافعون عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، ويجتهدون بقول الحق من أعلى المنابر ويدفعون استحقاقات كلمة الحق سجنا وتعذيبا وتشريدا؟ أم هم الذين يساندون الأنظمة الشمولية المستبدة التي تقهر الشعوب وتستبيح الحرمات»، وتابع بيان الأنصار «الظلم الذي وقع على أهل السودان طيلة العقدين الماضيين سجنا وتعذيبا وتشريدا وتقتيلا وتشويها للإسلام وحرقا لأرض دارفور».