ضباط استخباراتيون: موظفو «بلاك ووتر» شاركوا في عمليات «سي آي إيه» بالعراق وأفغانستان

ملاحقة واغتيال شخصيات بارزة في تنظيم «القاعدة»

TT

شارك أفراد أمن خصوصيون من شركة «بلاك ووتر وورلد وايد» في بعض أكثر نشاطات «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه) حساسية، وهي الغارات السرية التي نفذها عملاء لدى الوكالة ضد متمردين مشتبه فيهم داخل العراق وأفغانستان، ونقل المحتجزين، طبقا لما ذكره موظفون سابقون بالشركة وضباط استخباراتيون.

وجرى شن الغارات جميعها تقريبا ليلا خلال ذروة حركة التمرد العراقية بين عامي 2004 و2006، مع اضطلاع عاملين لدى «بلاك ووتر وورلد وايد» بأدوار محورية، في ما وصفته مصادر مطلعة في الشركة بأنه عمليات «التقاط واختطاف»، تبعا لما ورد على لسان موظفين سابقين بالشركة وضباط استخبارات حاليين وسابقين.

وأشار الكثير من الحراس السابقين لدى «بلاك ووتر وورلد وايد» إلى أن مشاركتهم في مثل تلك العمليات أصبحت روتينية لدرجة جعلت من الخطوط المميزة الفاصلة بين «وكالة الاستخبارات المركزية» والمؤسسة العسكرية والشركة مشوشة. وأضافوا أنه بدلا من الالتزام بتوفير الأمن لضباط الوكالة فحسب، تحول أفراد الأمن التابعون للشركة في بعض الأحيان إلى شركاء في مهام لأسر أو قتل مسلحين من «القاعدة» في العراق وأفغانستان، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مسألة استخدام أفراد الأمن المستأجرين للسلاح داخل ميادين القتال.

على صعيد منفصل، قال مسؤولون سابقون لدى الشركة إنهم ساعدوا في توفير الأمن لبعض رحلات الطيران التي نفذتها «وكالة الاستخبارات المركزية» لنقل محتجزين خلال السنوات اللاحقة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية في الولايات المتحدة.

وتسلط هذه المهام السرية الضوء على علاقة أعمق بكثير بين وكالة التجسس وشركة أمن خاصة عما اعترف به المسؤولون الحكوميون. يذكر أن علاقات شركة «بلاك ووتر وورلد وايد» مع «وكالة الاستخبارات المركزية» أتت بفوائد هائلة على الشركة التي تتخذ من نورث كارولينا مقرا لها، وتوثقت العلاقة بين الجانبين بعد انتقال الكثير من كبار مسؤولي الوكالة إلى الشركة.

في هذا الصدد، قال أحد كبار ضباط «وكالة الاستخبارات المركزية» السابقين «باتت العلاقة أخوية للغاية. ساد شعور بأن (بلاك ووتر) تحولت في نهاية الأمر إلى امتداد للوكالة».

من ناحيته، رفض جورج ليتل، المتحدث الرسمي باسم «وكالة الاستخبارات المركزية»، التعليق على الروابط بين الوكالة و«بلاك ووتر وورلد وايد»، لكنه ذكر أن الوكالة توظف لديها متعاقدين «لتعزيز مهارات قوة العمل لدينا، حسبما يجيز القانون الأميركي».

وأردف قائلا «يوفر المتعاقدون مرونة في صياغة وإدارة مزيج المهارات الذي نحظى به ـ خاصة على المدى القصير ـ لكن تبقى الوكالة الجهة الخاضعة للمساءلة».

على الجانب الآخر، أعلن مارك كورالو، المتحدث الرسمي باسم «بلاك ووتر وورلد وايد»، أول من أمس، أنه لم يشترط أي عقد قط مشاركة الشركة في غارات سرية مع «وكالة الاستخبارات المركزية» أو أفراد «العمليات السرية» في العراق أو أفغانستان أو أي مكان آخر.

ويثير دور «بلاك ووتر وورلد وايد» في العمليات السرية المخاوف إزاء حجم مشاركة شركات الأمن الخاصة، التي جرت الاستعانة بها للقيام بواجبات حراسة دفاعية، في عمليات عسكرية واستخباراتية ذات طابع هجومي. في هذا السياق، أعرب رش دي. هولت، عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي ورئيس «اللجنة المنتخبة للإشراف على الاستخبارات» داخل المجلس، خلال مقابلة معه، عن اعتقاده بأن «الاستعانة بمتعاقدين في عمليات استخباراتية وشبه عسكرية تعد فضيحة بانتظار خضوعها للدراسة». وفي الوقت الذي رفض فيه التعليق على عمليات محددة، قال هولت إن الاعتماد على متعاقدين في مثل تلك العمليات «خرج عن نطاق السيطرة بدرجة بالغة»، مستطردا بأنه «أمر مثير للقلق بالنسبة للكثيرين».

جدير بالذكر أن «بلاك ووتر وورلد وايد»، التي باتت تعرف الآن باسم «زي سيرفيسز»، تعرضت لانتقادات حادة بسبب ما وصفه العراقيون بالسلوك الطائش لأفراد الأمن التابعين لها. وخسرت الشركة عقدها المربح مع وزارة الخارجية لتوفير أمن دبلوماسي للسفارة الأميركية في وقت سابق من العام بعد حادث إطلاق نار وقع في بغداد عام 2007 خلف 17 قتيلا من المدنيين العراقيين.

وتسلطت الأضواء على الروابط بين الشركة و«وكالة الاستخبارات المركزية» في الشهور الأخيرة، بدءا من كشف الصحيفة عن الاستعانة بالشركة كجزء من برنامج يرمي لاغتيال قيادات «القاعدة»، ومساعدة برنامج هجمات الطيارات من دون طيار الذي تنفذه «وكالة الاستخبارات المركزية» في أفغانستان وباكستان.

من جهته، شرع ليون إي. بانيتا، مدير «وكالة الاستخبارات المركزية»، مؤخرا في إجراء مراجعة داخلية لجميع تعاقدات الوكالة مع «بلاك ووتر وورلد وايد»، لضمان عدم اضطلاع الشركة بمهام «تحمل طابع عمليات»، تبعا لما ذكره مسؤول حكومي.

جدير بالذكر أن خمسة موظفين سابقين لدى الشركة وأربعة ضباط حاليين وسابقين في «وكالة الاستخبارات المركزية» أجريت لقاءات معهم من أجل هذا المقال رفضوا الكشف عن هويتهم نظرا للطبيعة السرية لنشاطات «بلاك ووتر وورلد وايد» مع الوكالة، وخشي الموظفون السابقون من التعرض لردود أفعال سلبية من جانب الشركة. واعترف موظفو الشركة بأنهم شاركوا في غارات أو كانوا على معرفة مباشرة بها.

*خدمة «نيويورك تايمز»