مؤتمر المناخ يتوصل لأول مشروع اتفاق.. وأميركا تتحفظ عليه فنيا

أوروبا تخصص مساعدة فورية للدول الفقيرة.. والصين تنتقد التمويل قصير المدى

TT

قدمت في مؤتمر كوبنهاغن أول من أمس مسودة اتفاق عالمي لمواجهة التغير المناخي، حدد فيها سقف ارتفاع حرارة سطح الأرض بدرجة ونصف أو درجتين مئويتين، سرعان ما تحفظت عليه الولايات المتحدة فنيا. وجاء هذا تزامنا مع إعلان الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة مناخية بقيمة 2.7 مليار يورو (10.6 مليار دولار) للدول الأكثر فقرا.

ويفترض أن تشكل هذه المسودة أساس المناقشات التي ستجري حول موضوع المناخ وتكون موضع مفاوضات مشدودة بين الوزراء، ومن ثم بين رؤساء الدول والحكومات الذين سيشاركون لاحقا في المؤتمر. وجاء في الوثيقة: «ينبغي على الأطراف أن تتعاون لتجنب حصول تغير مناخي خطير عبر اعترافها بأن ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بالنسبة إلى مستويات ما قبل الحقبة الصناعية يجب أن لا تتخطى (درجتين مئويتين) ـ (درجة ونصف الدرجة مئوية)»، تاركة بذلك الخيار بين هذين الرقمين للبت به لاحقا.

وهذه المسودة وضعتها مجموعة العمل التي تعمل برعاية معاهدة الأمم المتحدة حول التغير المناخي ويقودها المالطي زاميت كوتاغار. وتعليقا على هذه المسودة قالت كيسا كوسونين من منظمة غرينبيس البيئية: «هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، لدينا الآن نص يمكننا جميعا أن نركز عليه»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام بها. ويدعو النص الدول الصناعية إلى البدء بالمرحلة الثانية من تعهدات بروتوكول كيوتو للفترة الممتدة بين 2013 و2020، مستجيبا بذلك وبقوة لمطالب الدول النامية.

وبدت صياغة الوثيقة أكثر غموضا بالنسبة للولايات المتحدة التي لم تصادق على بروتوكول كيوتو والتي سترد تعهداتها في مجال انبعاثات الغازات الدفيئة في نص ملحق بالاتفاق. كذلك فإن النص لا يحدد تاريخ بلوغ الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة ذروتها، وهو تاريخ يفترض من بعده أن تبدأ هذه الانبعاثات بالانخفاض، حيث اكتفى بالقول إن هذا التاريخ يجب أن يكون «في أسرع وقت ممكن». وسارع الموفد الأميركي الخاص للمناخ تود شتيرن إلى رفض المشروع أمس معتبرا أنه لا يتضمن ما يكفي من الجهد من جانب الدول الناشئة.

وقال شتيرن إن المشروع «ينص على أنه من واجب الدول الصناعية الوفاء بالتزاماتها لجهة تقليص (الانبعاثات)، وأن الدول النامية يمكنها القيام بذلك»، مشددا على التمييز بين عبارتي «من واجب» و«يمكنها». وتابع شتيرن «إنها نقطة فنية لكنها مهمة. لا يمكننا البدء بالمفاوضات على هذا الأساس». وقال أيضا «إذا كنا نتحدث عن ضرورة احتواء الاحتباس إلى ما دون درجتين مئويتين (إضافيتين) بالنسبة إلى المستويات الصناعية، فلا يمكننا التفاوض فعليا ما دامت كبرى الدول النامية غير مستعدة لأداء دور فعلي».

وتبقى مسألة التمويل، القضية التي تثير القدر الأكبر من التجاذبات، حيث لم تحرز مسودة الاتفاق أي تقدم على هذا الصعيد لا لجهة المبالغ ولا لجهة توزعها. في المقابل تضمنت المسودة آلية فورية لمساعدة الدول الأكثر فقرا خلال الفترة الممتدة بين 2010 ـ 2012. وحول هذه النقطة اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، التي اجتمعت على مستوى القمة في بروكسل أمس، على تقديم مساعدة بقيمة 2.7 مليار دولار لهذه الدول خلال ثلاث سنوات. وقال رئيس الوزراء السويدي فريديريك راينفلت الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد، إنه «تم الدمج بين تعهدات قديمة وأخرى جديدة للفترة الممتدة بين 2010 ـ 2012»، مؤكدا مخاوف منظمات غير حكومية لجهة أن لا تنحصر تعهدات الولايات المتحدة المناخية بمساعدة جديدة حصرا وانما أن تتضمن أيضا أموالا مخصصة أصلا للمساعدة على التنمية. وأفادت مصادر دبلوماسية بأن جميع الحكومات الأوروبية مدت يدها إلى جيبها، حتى وإن كان بعضها، كإيطاليا مثلا، تمتنع في البداية.

ورحبت الأمم المتحدة بالمساعدة الأوروبية، وبعد إعلان المساعدة الأوروبية، أكد نائب وزير الخارجية الصيني هي يافي أمس، أن التمويل قصير المدى لمساعدة الدول النامية في مواجهة الاحتباس الحراري ليس حلا. وقال خلال مؤتمر صحافي «ما يتم الحديث عنه هو على مدى قصير، وأقول إن هذا الأمر غير كاف. هذا ليس صلب المشكلة». وأضاف «من السهل نسبيا على الدول الصناعية أن تدلي بأرقام على المدى القصير. ولكن ماذا سنفعل بعد ثلاثة أعوام؟».