حكومة الحريري تنطلق بـ«ثقة كبيرة» لمواجهات الملفات الكبرى

المعارض الوحيد لها يتلقى سهام حلفائه في الكتلة ويخرج منها

TT

قال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إن «لبنان على مشارف مرحلة جديدة، نريد أن تكتمل فيها عناصر الاستقرار السياسي والأمني مع عناصر التقدم الاقتصادي والاجتماعي». وأضاف الحريري في كلمة ألقاها خلال افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ53، أن «العيش المشترك نريد أن يبقى ركنا رئيسيا من أركان النظام اللبناني... ولا يجوز بعد اليوم، أن نضيع طاقات هذا البلد الإنسانية والثقافية في زواريب الطوائف».

وجاء ذلك في وقت انطلقت فيه الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الحريري في عملها، متسلحة بثقة نيابية كبيرة نالتها في البرلمان اللبناني ليل أول من أمس، وسط توقعات لها بـ«العمر المديد»، كما أكد مرجع لبناني كبير لـ«الشرق الأوسط» أمس، مشيرا إلى أن هذه الحكومة ستكون أمام امتحان «الإنجازات الكبيرة» في الكثير من الملفات، وتحديدا الملفات الحياتية كما يؤكد رئيسها الذي وضع «القضايا التي تهم الناس على رأس أولوياتها».

وبنيلها هذا الرقم تكون حكومة الحريري الابن، الذي أعلن لها اسما جديدا هو «حكومة التوفيق الوطني»، قد حصلت على أكبر عدد من الأصوات في الحكومات التي تألفت منذ إقرار اتفاق الطائف وعودة الحياة البرلمانية في عام 1992، علما بأن الحريري الابن حصل على أصوات كتلة نواب «حزب الله» التي لم تمنح أصواتها يوما لأي من حكومات والده الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي كان ينال منها «امتناعا عن التصويت» في أحسن الحالات.

وكانت الحكومة قد مثلت لثلاثة أيام أمام البرلمان لمناقشة بيانها الوزاري الذي نال البند السادس منه، المتعلق بحق المقاومة، تحفظات كثيرة من قبل قوى في «14 آذار»، بالإضافة إلى «خروج عن النص» تمثل بنقاش ساخن حول طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري تأليف الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية.

وكانت الحكومة الأخيرة التي ألفها الرئيس فؤاد السنيورة وضمت قوى المعارضة والأكثرية معا قد حصلت على 100 صوت، كما حصلت الحكومة التي سبقتها برئاسته أيضا على 92 صوتا. فيما نالت آخر حكومات الرئيس رفيق الحريري 85 صوتا، وحجب الثقة عنها 13 نائبا، فيما امتنع 13 نائبا عن التصويت بينهم أعضاء كتلة نواب «حزب الله» (11 صوتا). فيما نالت حكومته الرابعة التي ألفها بعد انتصاره في انتخابات عام 2000 على ثقة 96 نائبا من أصل 128 نائبا عدد مجلس النواب، فيما حجب الثقة 6 نواب، وامتنع عن التصويت 16 نائبا (كتلة نواب حزب الله ونواب الأرمن). فيما كانت أكثر الحكومات التي ألفها الحريري نيلا لأصوات النواب هي حكومته الأولى التي نالت أصوات 104 نواب مقابل 12 معترضا (بينهم نواب حزب الله) وامتناع ثلاثة عن التصويت، أما حكومته الثالثة فنالت أصوات 102 من النواب مقابل اعتراض 19 نائبا، ونالت حكومته الثانية 76 صوتا مقابل 18 صوتا (بينهم نواب الحزب) وامتنع 5 عن التصويت.

أما «المعارض الوحيد» في لبنان النائب نقولا فتوش، الذي أعلن طلاقه النهائي مع «14 آذار»، فقد تلقى الكثير من الانتقادات لحجبه الثقة عن الحكومة من منطلق «شخصي»، كما لمح نواب من كتلة الحريري، ومن زملاء فتوش في كتلة «زحلة في القلب». وقال النائب عقاب صقر «نحن نواب كتلة (زحلة بالقلب) نجحنا على أساس مجموعة مبادئ لم ولن نتخلى عنها، ولن نغير (جلدنا) لنتحول إلى معارضة أو موالاة، ولن نغير أفكارنا ولا وعودنا للناس التي انتخبتنا، فحتى إذا أراد أحد أن ينتقل من مكان إلى آخر وينكس بوعوده للناس، فعليه إما أن يستقيل ليصبح معارضا مستقلا، أو أن يعتبر أنه خرج عن وعده وعهده للناس». ورأى في هذا التصرف «الخيانة الكبرى للناس التي انتخبته». متوقعا أنه لن يكون لفتوش أي تأثير يذكر على الناخبين، لأنه وعبر كلمته هذه «ضرب ما تبقى له من صدقية في زحلة خصوصا والبقاع عموما».

أما عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني، فقد رأى أن فتوش «انتهى». وقال «خجلت من نفسي لأنني كنت معه في اللائحة نفسها (خلال الانتخابات)، خجلت لأنه لم يأت وزير شنع بجميع الوزراء والنواب والدولة اللبنانية والقيادات التي استجدى على أبوابها كي يكون ضمن لائحة (14 آذار) كما فعل فتوش ليلا»، معتبرا أن «رحيل فتوش من الكتلة لن يؤثر إلا إيجابا».

إلى ذلك، وصف رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع جلسة الثقة بـ«التاريخية»، لافتا إلى أنها «تميزت بالصراحة والعمق في النقاش وأخذت الشكل الديمقراطي». وبعد لقائه سعد الحريري في بيت الوسط أمس، لفت جعجع إلى أنه «مع زيارة الرئيس الحريري إلى سورية، لأنه بقدر ما تكون العلاقات بين البلدين جيدة، بقدر ما يخفف هذا الأمر عن الشعب اللبناني مصاعب كثيرة»، لكنه رأى أن «الزيارة يجب أن تكون مدروسة ولها جدول أعمال، ويجب التطرق خلالها إلى النقاط العالقة بين البلدين». وتعليقا على الاستنابات القضائية السورية، قال جعجع: «على المستوى الشخصي استغربت الاستنابات المسماة القضائية، فهذه أول مرة أسمع فيها أنه يوجد قضاء في سورية»، كما استغرب «توقيت هذه الاستنابات قبل زيارة رئيس الحكومة إلى سورية، وكأنهم في دمشق لا يريدون هذه الزيارة». الى ذلك