مظاهرات في الغجر رفضا لتقسيم البلدة.. وإسرائيل تنفي احتمال الانسحاب منها في غضون شهر

مختار الغجر لـ «الشرق الأوسط»: مشروع التقسيم على جثثنا.. نحن سوريون لا يجوز ضمنا للسيادة اللبنانية

سكان الغجر خلال المظاهرة أمس اعتراضا على تقسيم البلدة (أ.ف.ب)
TT

«فقط على جثثنا»، هكذا علق مختار قرية الغجر، حسين الخطيب، على الأنباء التي نشرت ومفادها أن إسرائيل ستنسحب من الشق الشمالي لقريته وتسلمها للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) في نهاية هذا الشهر. وجاء ذلك في وقت أعلن فيه نائب وزير التطوير الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية أيوب قرا، أن الحديث عن انسحاب قريب غير واقعي وبعيد عن المنطق.

وقال الخطيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن أهالي قريته لن يقبلوا بهذا الانسحاب الجزئي. ويعدون سلسلة إجراءات احتجاجية بهدف منعه، منها التوجه لمحكمة العدل العليا في إسرائيل، وإقامة خيام للمواطنين المنوي ضمهم إلى لبنان داخل الجزء المتبقي مع إسرائيل. وتوجه إلى الحكومة اللبنانية طالبا أن تتخلى عن القرية برمتها حتى تمنع جريمة التمزيق والتقسيم.

والمعروف أن قرية الغجر ضمت إلى إسرائيل خلال حرب 1967، باعتبارها جزءا من هضبة الجولان السورية المحتلة. وتم منح سكانها الذين يحملون الهوية السورية، بطاقة الهوية الإسرائيلية. وخلال فترة الاحتلال، توسعت القرية باتجاه الشمال، وتم بناء عشرات المنازل على أراض لبنانية بمساحة تشكل حاليا ثلث مساحة البلدة، وذلك بتشجيع من الإسرائيليين كما يقول اللبنانيون. وبعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، ظل الشطر الشمالي اللبناني من بلدة الغجر تحت الاحتلال الإسرائيلي. وفي خلال عملية ترسيم الخط الأزرق في مايو (أيار) 2000 تم تحديد الأراضي اللبنانية الشمالية المحتلة، حيث شطر الخط الوهمي في البلدة إلى شطرين: شمالي لبناني محتل، وجنوبي إسرائيلي. فإذا انسحبت إسرائيل من الجزء اللبناني من القرية، ستقسم القرية إلى قسمين منفصلين، وستمزق عائلاتها إلى نصفين، علما بأنهم جميعا أقارب من العائلات والحمائل نفسها.

وفي أعقاب نشر أنباء عن احتمال انسحاب إسرائيل من الجزء اللبناني وتسليمه إلى قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في نهاية الشهر الحالي، خرج أهالي الغجر أمس في مظاهرة احتجاج كبيرة أعلنوا فيها رفضهم لهذا الانسحاب. وقال الخطيب إن أهالي الغجر سوريون وما زالوا يحتفظون بأوامر التجنيد الإجباري للجيش السوري التي أرسلت لهم قبل الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967. ولهذا، فإنهم يطلبون إبقاءهم ضمن الاحتلال الإسرائيلي لكي تحل قضيتهم كما تحل قضية بقية السكان السوريين في الجولان المحتل. وقال الخطيب في كلمته التي ألقاها أمام المعتصمين أمس، إن مساحة الغجر 10500 دونم، وعدد سكانها 2500 نسمة ينتمون إلى الطائفة العلوية.

وأضاف الخطيب لـ«الشرق الأوسط»، أن أحدا لم يشاورهم إزاء مستقبلهم، وأنهم سمعوا عن التطور الجديد فقط من الصحف. وأردف «نحن نحب لبنان واللبنانيين، ولكننا لسنا لبنانيين حتى نوضع تحت السيادة اللبنانية. وإذا كان هناك من حل لقضيتنا، فليكن بالترتيب بين لبنان وسورية، وبشرط ألا تقسم بلدتنا ولا تمزق عائلاتنا. وحتى إذا أراد وضعنا تحت سيطرة اليونيفيل، فليكن ذلك شأن كل القرية الموحدة وليس من خلال إخضاع نصفها إلى جهة ونصفها الآخر إلى جهة ثانية». وقال «إن تاريخ القرية معروف، ووضع حاجز في وسطها يشكل مساسا لحقوق الإنسان هو إجراء بشع يبعدنا عن أراضينا، ويخلق الكثير من المشكلات لنا، مثل التعليم لأولادنا والعمل لعمالنا والبعد بين الأب وابنته والأم وابنها. وهذه أمور كلها لا يمكن أن يقبلها أصحاب العقل والوجدان. فإذا أرادت إسرائيل الانسحاب من القرية بكامل أرضيها لا نجبرها.. يمكنها أن تفعل ذلك تماما كما احتلتنا، ولكن ليس بالانسحاب الجزئي، بل الانسحاب الكامل».

من جهته، قال أيوب قرا الذي يتابع قضية الغجر منذ عدة سنوات، إن إسرائيل لن تنسحب من الغجر في هذا الشهر لأن ذلك غير ممكن من الناحية العملية. وأضاف «الغجر جزء من الجولان. والكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سيقر قانونا يقضي بمنع الحكومة من الانسحاب من أي بقعة من الجولان من دون استفتاء عام في إسرائيل، وقد تم تمرير مشروع القانون بهذا الشأن في مطلع الأسبوع، وعملية الاستفتاء تستغرق شهورا طويلة. وحتى لو لم يتم سن القانون خلال هذه المدة، فإن المحكمة العليا الإسرائيلية ستجبر الحكومة الإسرائيلية على الانتظار عدة شهور للبحث في القضية بشكل معمق».