متقي في «حوار المنامة»: العقوبات لن تؤثر.. ودول المنطقة يمكن أن تشارك في «5+1»

وزير خارجية البحرين: هناك من يريد عقد صفقات مع طهران من وراء ظهورنا

وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي يتحدث امس امام الدورة السادسة لمؤتمر حول الامن يعقد في العاصمة البحرينية المنامة (إ ب أ)
TT

اعتبرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس، أن السبب الرئيسي لفشل مباحثات إيران مع الدول الغربية، يعود إلى عدم مشاركتها كطرف رئيسي في هذا الحوار. وقال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إنه في الوقت الذي تتباحث فيه الدول الغربية في أمر يخص دول المنطقة، «فإنه لم يتم التفكير في إشراك دول المجلس في هذا الحوار». وخلال مؤتمر «حوار المنامة» الذي بدأ أعماله أمس في البحرين، قال الوزير آل خليفة إن دول مجلس التعاون تريد أن يكون لها رأي في هذه المباحثات التي تجريها الدول الغربية مع طهران، أو ما تعرف بـ«5+1»، مشيرا وبصراحة إلى أن هناك «من يريد عقد صفقات (مع طهران) من وراء ظهورنا»، ومؤكدا أن عدم إشراك دول المجلس التعاوني في هذه المباحثات «هو السبب الرئيسي في فشل المفاوضات».

وعندما سئل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، عما إذا كانت طهران توافق على انضمام السعودية إلى المحادثات بين إيران والقوى الكبرى الست، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، أجاب متقي: «ليس هناك حد لأعضاء 5+1. نعتقد أن دولا أخرى من المنطقة يمكن أن تشارك في هذه المباحثات».

وكعادة «حوار المنامة» الذي انطلق قبل ستة أعوام في العاصمة البحرينية، هيمن الملف النووي الإيراني على جلسات المنتدى الذي يختتم أعماله اليوم، وواجه وزير خارجية إيران، الذي يعود للمشاركة في «حوار المنامة» بعد غياب عامين، مداخلات حادة من قبل المشاركين الذين شككوا في نوايا طهران في التعاون مع المجتمع الدولي.

وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن بلاده تعمل لإنشاء ما بين 10 إلى 15 محطة نووية لإنتاج الطاقة النووية، مجددا تأكيده لحق الإيرانيين في الحصول على الطاقة النووية السلمية وأنها «ليست حكرا على الدول الكبرى»، واستبعد متقي توجه بلاده لتصنيع السلاح النووي، مشيرا إلى أن إيران لا تؤمن بالسلاح النووي العسكري «ولو كان هذا السلاح هو الحل لإنهاء الأزمات في العالم لكانت استخدمته الدول التي تملكه وتحارب الآن في عدة جبهات».

وفي شأن ردود بلاده على المقترحات الدولية والاستفسارات وما طرح مؤخرا حول تبادل الوقود النووي المخصب، قال إن بلاده لم تتخلف عن الرد على المقترحات الدولية، «فنحن رحبنا بذلك على أن يتم على مراحل وتكون جزيرة كيش هي موقع التسليم وذلك لكي نطمئن من النوايا الغربية تجاه طهران»، رافضا الترويج لمصطلحات وأفكار الخوف من إيران، ومرددا أنه لمدة 30 عاما تم تجربة نظرية الخوف من إيران وأن ذلك لم يفد دول المنطقة بشيء، «فعلاقاتنا الأمنية مثمرة مع جميع الأطراف في المنطقة».

وقال متقي إن بلاده مستعدة لمبادلة 1200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المائة، مقابل قضبان الوقود النووي كما اقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مبديا استعداد بلاده لمبادلة 400 كيلوغرام من مخزونها من اليورانيوم المخصب في جزيرة كيش كمرحلة أولية مقابل 40 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة.

وأعاد متقي اقتراح بلاده بتبادل اليورانيوم بالقول: «نريد أن نطمئن إلى أنه ليس هناك لعبة سياسية (من قبل الدول الكبرى)». وكانت طهران سعت إلى إدخال تعديلات أساسية على الاتفاق المقترح الذي ترسل بموجبه جزءا كبيرا من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب وتتسلم في المقابل وقودا لمفاعل للأبحاث الطبية. وتقول طهران إنها تستطيع إنتاج الوقود بنفسها إذا لم تستطع الحصول عليه من الخارج.

واقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شحن إيران غالبية مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5% لتحويله في فرنسا وروسيا إلى قضبان وقود نووي.

ويهدف اقتراح إرسال معظم احتياطيات إيران من الوقود منخفض التخصيب للخارج إلى تقليل خطر تنقية البلاد للمادة إلى درجة ما بين 80 و90 في المائة الملائمة لإنتاج أسلحة.

وتقول إيران إن برنامجها النووي يهدف إلى توليد الكهرباء حتى تستطيع تصدير مزيد من الغاز والنفط، وهنا قال متقي إن بلاده تحتاج إلى توليد 120 ألف ميغاواط من الطاقة النووية خلال الفترة المقبلة، حتى تستوفي حاجتها من الطاقة الكهربائية.

وحول العقوبات الدولية على بلاده على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل، استخف وزير الخارجية الإيراني بأي قرار دولي قادم في هذا الشأن، قائلا: «لن يكون له أي تأثير».

ووفقا لمتقي، فإن «فرض عقوبات على إيران غير قانوني ولا يستند إلى شرعية الأمم المتحدة ولن يكون له أي أثر».

وتساءل متقي: «بأي ذنب يريدون معاقبة إيران طالما أننا لم نطلب شيئا خارج حقوقنا الشرعية. لا يمكن الدفاع عن هذا المنطق وهو لا يجدي ولا أحد يقبل به».

وفي شأن حرب المتمردين الحوثيين في صعدة، قال منوشهر متقي إن إيران ترفض مجددا الحل العسكري في إنهاء الأزمة اليمنية، داعيا للجلوس إلى طاولة الحوار والحل السلمي لها، داعيا دول مجلس التعاون التي تنعقد قمتها بعد يومين إلى تفعيل المقترحات التي تقدم بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لقمة الدوحة وهي 12 مقترحا تهدف جميعها لإيجاد آلية شاملة للتعاون بين طهران ودول مجلس التعاون. وأكد استعداد بلاده للتفاوض مع دول المنطقة لتحقيق هذا الهدف، مشددا على أن المشكلات لن تنتهي إلا بالتعاون البناء بين دول المنطقة.

لكن متقي رفض إدانة هجمات المتسللين على الحدود السعودية ـ اليمنية على الرغم من أنه سئل أكثر من مرة، واكتفى بالقول إن بلاده تطالب بإيقاف جميع العمليات العسكرية.

من جهته، اقترح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إنشاء هيئة دولية لمنع انتشار السلاح النووي، وقال مبينا إنه تم تقديم هذا الاقتراح رسميا إلى الوكالة الدولية للطاقة النووية في هذا الشأن.

ولم يخف الوزير البحريني مخاوفه من نشوب حرب إيرانية إسرائيلية، وقال إن الأوضاع في المنطقة تواجه خطر نشوب مواجهة إيرانية إسرائيلية نووية، «وهذا يهدد أمن المنطقة واستقرارها، كما أنه يهدد السلم والاستقرار العالمي وسينعكس حتما على الاقتصاد العالمي».

وأكد الشيخ خالد أن الحل لمواجهة هذا الوضع يجب أن يكون مبنيا على التدرج في مواجهة المشكلات والتعاون في هذا السبيل، و«يمكن أن نستفيد من الأمثلة في المنطقة كالتعاون التركي العراقي، والعلاقات بين البحرين وإيران»، مشيرا إلى أن «تنسيق السياسات بين الدول سيؤدي إلى تفادي الشك، وهذه العملية ليست بالسهلة، لكن يجب علينا السعي نحوها». مضيفا أن «الوصول إلى ذلك يتطلب كثيرا من الجهود وبناء بنية تحتية لتنسيق السياسات، والوصول إلى مناخ إقليمي متجانس، سيكون عن طريق بناء الجسور بين دول المنطقة. ومع ذلك، لا تزال هناك نقاط شك في هذه العلاقات»، وبين الشيخ خالد أن «الصراع الداخلي الفلسطيني والوضع المنقسم لا يساعد في الوقت الراهن على الوصول إلى سلام ولا يخدم هذا الغرض».

وأعرب الشيخ خالد عن القلق من تصاعد نشاط «القاعدة» هذا العام في محيط المنطقة، خاصة بعد محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، لافتا إلى أن نشاطها قد تصاعد في اليمن بالإضافة إلى باكستان وأفغانستان. وقال الشيخ خالد إن اليمن تهدده عدة عوامل تثير القلق، مجددا رفض بلاده قبول أي تدخل في شؤون اليمن الداخلية، كما أن «البحرين وجميع دول المنطقة تساند السعودية في الحفاظ على أمنها الداخلي وسلامة أراضيها».

وكان منتدى «حوار المنامة»، الذي يناقش قضايا الأمن الإقليمي، قد بدأ أعمال دورته السادسة صباح أمس بمشاركة نحو 300 شخصية سياسية وعسكرية وأمنية في المنطقة والعالم. وتشارك في أعمال الدورة السادسة لمنتدى «حوار المنامة» وفود من السعودية والبحرين واليمن والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والإمارات وتركيا وسنغافورة وروسيا وقطر وباكستان والكويت والأردن واليابان والعراق والهند وإسبانيا وألمانيا وفرنسا وكندا وأفغانستان على مستوى مساعدي رؤساء وزراء ووزراء خارجية ورؤساء هيئات أركان ورؤساء منظمات أمنية ومؤسسات أبحاث، وسيناقش المنتدى الذي تستمر أعماله على مدى يومين، القضايا المرتبطة بأمن منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط.